لفائدة «جيب» المواطن.. واقتصاد البلاد السياحة الداخلية بحاجة للإنقاذ..!
شكّلت السياحة في بلادنا عبر التاريخ العمود الفقري للاقتصاد التونسي، وهذا خيار ليس للنقاش الآن، لكننا نرى من الضروري إحكام سير وتسيير هذا القطاع وإنقاذه باعتبار ان الرّهان في الوقت الحاضر وفي ظل الأوضاع الراهنة، هو على ما ستجود به السياحة بشكل عام والسياحة الداخلية بشكل خاص من منافع للمواطن أولا وللوطن ثانيا.
والرهان على السياحة الداخلية تؤكده الوزارة المعنية حيث يكشف وزير السياحة محمد المعز بن حسين أن السعي جار لوضع استراتيجية من أجل بلوغ نسبة مساهمة للسياحة الداخلية بحوالي 50 بالمائة في منظومة السياحة الوطنية.
وازدهار السياحة الداخلية بهذا الشكل يمكّن من ضرب عصفورين بحجر واحد كما يقال، فإلى جانب دعم الاقتصاد الوطني بتنشيط الدورة الاقتصادية وتوفير مواطن الشغل وإنعاش الصناعات التقليدية وتحريك خدمات النقل والفندقة وغيره، هناك منفعة للناس تتمثل في توفير مناخ ملائم للترفيه والعيش الكريم..
ولا ننسى ان الدولة لا تتأخر في دعم القطاع السياحي بقطع النظر عن طبيعة هذه السياحة وإن كانت موجّهة للأجانب أو لأبناء البلد، وهذا ما يدعم حق التونسيين في التمتع بالمرافق والخدمات السياحية وبكل الامتيازات علاوة على الحماية من كل أنواع الاستغلال والغش والاكراه والبيع المشروط.
نقول هذا الكلام ونحن نستحضر على سبيل المثال كلام رئيس المجمع المهني للوكالات العقارية محسن الشعباني في تصريح إذاعي أمس الأربعاء، حيث يقول أن أسعار كراء منازل الاصطياف ترتفع بين 3 و4 مرات مقارنة بالسعر العادي، ليس ذلك فحسب يرتفع سعر الشقة الواحدة إلى 200 دينار لليلة الواحدة بسبب انتشار ظاهرة الكراء العشوائي في ظل غياب الرقابة اللازمة.
كما كشفت المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك قبل أيام ان أسعار كراء الشقق المفروشة في المناطق السياحية وبيوت الاصطياف الموجّهة للعائلات التونسية شهدت ارتفاعا محموما غير مسبوق هذا العام.
وإذا أضفنا إلى هذه المعطيات، ارتفاع كلفة الحجز في النزل التي تكابد بدورها أزمات مادية غير مسبوقة جعلت ظفر عائلة تونسية بإقامة ولو محدودة في نزل غاية صعبة المنال، مع انحسار عمل التعاونيات والجمعيات التي كانت توفّر أسعارا تفاضلية وبصيغ مريحة للسياح التونسيين، أصبح الإقدام أو مجرد التفكير في التمتع بالسياحة الداخلية ضربا من المغامرة والخيال.
ولا ننسى أيضا الأوضاع الاقتصادية العامة التي أثقلت كاهل التونسيين الذين لم يفرغوا بعد من مصاريف الأعياد الدينية حتى داهمتهم الالتزامات الدراسية وامتحانات آخر السنة وبعض الأفراح العائلية، وقريبا ينصب التفكير والتدبير على الاستعداد للسنة الدراسية الجديدة، فهل يمكن بين ثنايا هذه التحديات الحديث عن سياحة داخلية.
لا نتحدث هنا عن الحقوق فالأمور نسبية، ولكننا نرى ان التونسي اليوم جدير بأن يتمتع وينعم بالسياحة الداخلية وان يستفيد من دور الدولة في دعم هذا القطاع الذي يستفيد منه في الظاهر إلى حد الآن الأجانب أكثر من أبناء البلد، وعلى سلطة الإشراف وهياكل المهنة أن تفكر في التونسيين وتتعاطى معهم بنفس الحرص الموجه للأجانب سواء في النقل أو الإقامة في النزل أو الاستجمام في فضاءات الترفيه.
أما في ما يتعلق بالظواهر السلبية كالغش والمضاربة والكراء العشوائي فان المسؤولية وان كانت مشتركة باعتبار ان المواطن الواعي من دوره وواجبه ان ينأى بنفسه عن الوقوع في فخ المحتكرين والفاسدين، فمن واجب الدولة وهياكلها الرقابية أيضا ان تضرب بيد من حديد على رؤوس هذه الشريحة من أهلنا الذين ينتهزون الفرصة لتكديس الثروات على حساب ضعاف الحال.
ولا يعقل ان يفرض أصحاب الشقق والمشاريع السياحية العشوائية أسعارا خيالية في الوقت الذي لا يوفرون فيه الخدمات اللائقة ويتهربون في المقابل من دفع ما هو مناط بعهدتهم من أداءات وتأمينات على مرأى ومسمع كل السلط وليس سلطة الإشراف فقط.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…