2024-07-09

18 بالمائة من محاولات وحالات الانتحار في صفوف الأطفال ظاهرة خطيرة تلاحق أطفال تونس..!

بلغت نسبة محاولات وحالات الانتحار في الستة الأشهر الأولى لسنة 2024، في صفوف الأطفال 18 بالمائة من جملة 75 حالة، حسب ما ورد في تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن محاولات وحالات الانتحار توزعت إلى 60 في صفوف الذكور و13 في صفوف الإناث ومثل الشباب نسبة 47 بالمائة من مجموع الحالات.

وكان فضاء السكن الإطار الأساسي الذي يعمد داخله الأفراد لوضع نهاية لحياتهم وماتزال القيروان تحتل المرتبة الاولى في حالات ومحاولات الانتحار، إذ سجلت نحو 15 بالمائة من الحالات المسجّلة خلال السداسي الأول للسنة الجارية تليها في ذلك ولاية بنزرت فولايتا قابس والقصرين.

مؤشرات أصبحت تلفت الانتباه  وتعكس تعدد جرائم القتل التي يكون فيها الفاعل في نفس الوقت الجاني والضحية، أو ما نعبّر عنه بالانتحار، الشيء الذي جعل العديد من الخبراء وأهل الاختصاص يدقون ناقوس الخطر بعد أن تكرار حدوثها وعدوى انتشارها بين مختلف الشرائح الاجتماعية والعمرية.

وقد عرفت حوادث انتحار الأطفال في تونس تناميا في السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل 8 حالات انتحار و102 محاولة انتحار في بداية سنة 2023  كانت 80  في المائة منها في صفوف الفتيات.

ونبهت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة إلى ضرورة التعاطي الحذر على المستوى الإعلامي وعبر شبكات التواصل الاجتماعي مع حالات الانتحار. ودعا خبراء علم الاجتماع إلى دراسة أسباب هذه الحوادث التي قد تختلف من شخص إلى آخر للحدّ من خطورتها على المجتمع.

وفي هذا السياق يرى سامي نصر دكتور علم الاجتماع في حديثه مع «الصحافة اليوم» أن ظاهرة الانتحار تندرج ضمن ما يسمى بظاهرة العنف أو العدوان الموجّه من الذات وإلى الذات داخل المجتمعات والجماعات والتي دفعت العديد من الباحثين في مجالات مختلفة مثل علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاجتماع الإجرامي، وعلم الإجرام، وعلم الضحيّة، إلى القيام بالعديد من البحوث ودراسات بشأنها، وذلك قصد معرفة أسبابها ودوافعها، والحد من انتشارها.

وأرجعها سامي نصر إلى التهميش وثقافة المقاس، وقال إذا كانت الشرارة الأولى للثورة  (أو للانتفاضة الشعبية كما يحلو للبعض تسميتها )  في شكل رد فعل على حالة الإقصاء والتهميش وعدم تكافؤ الفرص بين المناطق والفئات الاجتماعية، فإن المواطن التونسي اليوم لم يلمس أي مؤشرات لتحقيق المطالب التي من أجلها ثار وانتفض وكسّر هاجس خوفه، حيث انتاب كل من لم يكن على المقاس شعور بخيبة أمل وبخذلان من توسّم فيهم خيرا…واعتبر أن هذا الوضع وهذا الشعور من شأنه أن يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في خلق الأرضية الاجتماعية والنفسية لتغذية ظاهرة الانتحار والظواهر المشابهة.

وأوضح أستاذ علم الاجتماع في ذات السياق أنه استنادا إلى علم اجتماع الاتصال فإن أداوته التحليلية توصلنا إلى نتيجة في غاية من الأهمية وهي وجود علاقة مباشرة  أو غير مباشرة بين غياب آليات الاتصال والتواصل الاجتماعي وبين ظهور وانتشار الظواهر الانحرافية والإجرامية بما في ذلك جرائم القتل التي يكون فيها الفاعل في نفس الوقت الجاني والضحية، أو ما نعبّر عنه بالانتحار، وفي هذا السياق تتوجه أصابع الاتهام لجل المؤسسات الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والمؤسسات العقابية والإصلاحية وفق تقييمه.

وبين أنه عموما معالجة تفاقم ظاهرة الانتحار لا يجب أن تقتصر على معالجة الشخص الذي حاول الانتحار وفشل والذين يقدّر عددهم بحوالي 20 مرة عدد المنتحرين الفعليين حسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، وإنما المعالجة السوسيولوجية اليوم يجب أن تتوجه لكل أفراد المجتمع بمختلف مكوناته وشرائحه، إضافة طبعا لتفادي كل الدوافع الكامنة وراء تغذية الأرضية الاجتماعية للانتحار.

أرقام مفزعة!!!

وكشفت وزيرة المرأة الأسرة والطفولة وكبار السن، آمال موسى في وقت سابق أن البلاد تعرف تصاعدا لظاهرة الانتحار ومحاولة الانتحار، لا سيما وسط الأطفال، حيث وصل معدل الانتحار لدى هذه الفئة، خلال الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية، إلى انتحارين في الشهر.

وكشفت موسى في افتتاح الملتقى السنوي لمندوبي حماية الطفولة، تسجيل 102 محاولة انتحار بمعدل 26 محاولة شهريّا بين جانفي وأفريل 2023.

ولفتت وزارة المرأة إلى تنامي ثقافة الإشعار بالتهديدات التي تطال مصلحة الطفل الفضلى وهو ما يعكس تنامي الوعي بالمخاطر التي تهدّد الطفل والجهود الكبيرة التي يبذلها مندوبو حماية الطفولة بمختلف أنحاء الجمهوريّة. كما كشفت عن تطور عدد الإشعارات من 17 ألفا سنة 2000 إلى 22 ألف إشعار سنة 2023، ومن 5500 إلى 7500 إشعار خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنتين ذاتهما.

هذه الأرقام التي يصدرها المنتدى أو منظمات أخرى سنوياً هي في حقيقة الأمر لا تعكس العدد الفعلي لحالات أو محاولات الانتحار في ظل تعمّد عائلات كثيرة عدم الإفصاح عن إقدام أحد أفرادها على الانتحار، خصوصاً في صفوف الأطفال. وبالطبع يجري إسعاف حالات من دون الاضطرار إلى نقلها إلى المستشفيات التي تبلّغ عادة عن محاولات الانتحار وتحدد وضعها الصحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

«الصحافة اليوم» في جولة وسط العاصمة لمواكبة الاستعدادات للعودة المدرسية مع الأولياء : يهجرون المكتبات نحو السوق الموازية بحثا عن أسعار أقل للمستلزمات المدرسية

أصبحت العودة المدرسية مشكلة تواجه العديد من الأسر التونسية فيزداد مؤشر القلق والحيرة خوفا …