2024-07-09

في قراءة لنتائج السيزيام: لم تحقق المطلوب… والتعجيل في الإصلاح أمر لايحتمل التأجيل..!

عادة ما ترافق الإعلان عن نتائج مناظرات الامتحانات الوطنية قراءات وتحليلات وتقييمات لمدى توفق المنظومة التربوية العمومية في هذه المناظرات وإلى اي مدى نجحت في ترسيخ المعارف وتقديم جيل متمكن من المضي قدما في تحقيق النجاحات؟

ولعل الإعلان عن نتائج امتحان السيزيام منذ أيام مثّل محطة للوقوف على كل نقاط القوة والضعف للمدرسة العمومية وفرصة للتقييم وتناول النتائج بالدرس تفكيكا وتحليلا وطبعا يراد من خلال كل هذا -بعد تقديم سيل من الانتقادات والعكس بالعكس إن كانت النتائج في مستوى الانتظارات- العمل على تقديم الحلول للنهوض بالمنظومة التربوية العمومية واخراجها من حالة الضعف التى تعرفها على مدى سنوات …فالتأخير في الإصلاح كلفته ثقيلة وباهظة على الجميع …

يقول في هذا السياق رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ رضا الزهروني انه عندما كان امتحان اختتام المرحلة الابتدائية (السيزيام) اجباريا قبل إصلاح 1991 كانت نسبة النجاح في الثمانينات وبداية التسعينات في حدود 40 بالمائة لتتجاوز اليوم نسبة الارتقاء من السادسة ابتدائي الى السابعة اعدادي 90 بالمائة مشيرا إلى انه كان قد أشار في عديد المناسبات إلى أنّ إصلاحي 1991 و2002 أقرّا تحت مبررات اجتماعية وامنية سياسة الارتقاء الآلي في مرحلة التعليم الابتدائي بإلغاء اجبارية السيزيام وتأكيد إجبارية التعليم إلى سنّ 16 سنة. وكانت هذه المرحلة تتميز بنسب رسوب وانقطاع مبكر مرتفعة جدا تجاوزت في سنوات دراسية 20 بالمائة بالنسبة للرسوب و6 بالمائة بالنسبة للانقطاع. أي انّ معدل التلاميذ الراسبين خلال المرحلة الابتدائية بلغ حدود 240 ألف تلميذ وعدد المنقطعين عن الدراسة في حدود 70 ألف تلميذ اعتبارا لمعدل مليون و200 ألف بالنسبة لهذه المرحلة. وضعية اعتبرها أصحاب القرار وقتها حرجة وخطيرة بكلّ المقاييس وتبقى طريقة التعامل معها غير ناجعة تماما لما تسببت ومازالت فيه من زيادة استفحال سلبياتها وتعقيداتها والانزلاق بها في اتجاه مرحلتي التعليم الاعدادي والثانوي.

ويقول الزهروني« علينا الادراك بأن عدد المترشحين الى مناظرة السيزيام للسنة الحالية كان في حدود 28 بالمائة – حوالي 57 ألف تلميذ من جملة 200 ألف تلميذ معني بالمناظرة- حضر منهم حوالي 49 ألف تلميذ فقط ليتحصل حوالي 18 ألف تلميذ منهم على معدل يفوق 10 على 20، أي بنسبة نجاح في حدود 36 بالمائة عندما نأخذ قاعدة الحساب عدد الحاضرين لإجراء الامتحانات وبنسبة 9 بالمائة عندما لو كان امتحان السيزيام اجباريا لكل تلاميذ السنة السادسة. فسبب مقاطعة المناظرة من طرف حوالي 72 بالمائة من أبنائنا وبناتنا يتمثل من وجهة نظري في اعتقادهم بعدم القدرة على النجاح في امتحان من المفروض ان يكون في مستوى كلّ تلاميذ السنة السادسة ممن تابعوا نفس البرامج على امتداد ست سنوات متتالية ان لم تكن لنا سياسة تربية وتعليم انتقائية أي اقصائية بامتياز».

ويضيف الزهروني ان المعطيات المتوفرة تفيد ان عدد الراسبين سيتجاوز 180 ألف من أبنائنا وبناتنا عندما يكون امتحان السيزيام اجباريا. وهو عدد يستحيل استيعابه من حيث الموارد البشرية والبنية الأساسية خاصة في ما يتعلق بعدد الأقسام. نفس الواقع ونفس منهجية التحليل يمكن اعتمادها بخصوص مناظرة انهاء مرحلة التعليم الاعدادي او التاسعة (النوفيام). وبالتالي فإننا نواصل معالجة الوضع بالصمت على واقع كارثي من كل النواحي والغريب في الامر ان الجدل المطروح اليوم يتعلق بالمتميز او المتميزة ان كانا من التعليم العمومي او الخاص.

ويعتبر الزهروني أنّ السياسة التربوية الحالية تستثمر الإمكانيات في الفشل والجهل بالنظر الى كل المؤشرات المرجعية والمتصلة بأداء الأنظمة التربوية وخاصة منها المتعلق بالانقطاع المدرسي وبالنجاح في الامتحانات الوطنية وبالمستوى الدراسي وبنسب الامية.

ناهيك أنّ التأخير في آجال الإصلاح وإعادة بناء المدرسة العمومية لتكون ذات جودة وعادلة ومصعدا اجتماعيا ،مكلف جدا ويتحمل خسارته ابناؤنا وبناتنا كلّ يوم حيث يقدر الانقطاع الدراسي بأكثر من 300 تلميذ يوميا دون احتساب كلفة العنف والدروس الخصوصية والانحراف والتهميش.

كما أن البناء السليم ينطلق من الأقسام الصغرى ومرحلة التعليم الابتدائي خاصة في ما يتعلق بتدعيم قدرات المتعلم على القراءة والكتابة والحساب والاحترام وهذا في المتناول لمن يريد الاصلاح وتؤكّده كل الدراسات ذات الصلة وكل الإصلاحات الناجحة في المجال التربوي.

ويدعو الزهروني الى ضرورة الإسراع بتفعيل المجلس الأعلى للتربية والتعليم بتركيبة مسؤولة من حيث العضوية والاختصاصات وتكليفه بمهمة ارساء السياسات والاستراتيجيات الواجبة لإنقاذ المدرسة التونسية لضمان دوام جودة أدائها لتكون قاطرة تطور البلاد في كل المجالات وضامنة لاستقرارها وأمنها وأمانها وضامنة أيضا لحقوق التربية والتعليم لكل أبنائنا وبناتنا اينما وجدوا ومتى وجدوا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التعامل مع الإدارة : الرقمنة هي الأساس والوثائق استثناء..!

النوايا وحدها لاتكفي لمواكبة التطورات التكنولوجية وتملكها خاصة وان واقع تعصير الإدارة ورقم…