2024-07-07

توازيا مع عملية “طوفان الأقصى”: كـرة الـقـدم الـتـونـسـيـة تـنـتـصر للـقـضية الفلسطينية مجدداً

ودّعت الجماهير التونسية يوم الأحد الماضي، واحداً من أكثر المواسم إثارة وتعقيداً في الان نفسه بعد إقامة نهائي كأس تونس الذي غابت عنه الأندية الكلاسيكية، حيث كان النادي الإفريقي الوحيد من بين الرباعي الكلاسيكي الذي يصل إلى المربع الذهبي، نهاية الموسم كانت في الآجال القانونية بلا شك ولا يمكن أن نطالب أي اتحاد إفريقي بأن ينهي الموسم قبل هذا التاريخ بسبب تنظيم كأس أفريقيا وكذلك صعوبة المسابقات الإفريقية عكس الاسيوية أو الأوروبية حيث من شبه المستحيل استكمال الموسم قبل يوم 30 جوان ولهذا فإن الوصول إلى نقطة النهاية في هذا التاريخ يعتبر أمرا إيجابياً للغاية.

ولم يكن الموسم مثاليا بلا شك وخاصة في نهايته بعد أزمات التحكيم ومظاهر العنف في بعض الملاعب وغيرها من التجاوزات التي تسيء إلى صورة كرة القدم التونسية، رغم كل المجهودات من أجل رفع المستوى وتوفير أفضل ظروف العمل ولكن الوضع كان صعبا على معظم الفرق بما أن الأزمة المالية ضربت الأندية في السنوات الأخيرة وفي غياب الدعم المالي فمن الصعب النجاح. ولا يمكن أن نعتبر الموسم ناجحاً والمنتخب الوطني ودع كأس إفريقيا منذ الدور الأول إضافة إلى تعدد الخروقات والمشاكل القانونية التي تؤكد مجدداً أننا في حاجة إلى ثورة تشريعية جديدة في الرياضة التونسية بعد سنوات كانت خلالها رائدة عربيا وإفريقيا ونافست أفضل الدول في العالم وهي حقيقة، فالتراجع كان متوقعا بعد الطفرة ولكن الإشكال هو غياب المباريات من أجل التطوير وتدارك الموقف ومحاولة البحث عن حلول جديدة واستراتيجية مغايرة قد تمكن من حل كل الأزمات التي ضربت كرة القدم التونسية، رغم أنه على مستوى الحضور الدولي، لا يمكن اعتبار الوضع كارثياً لأن المنتخب يشارك في كأس أفريقيا منذ عام 1994 دون غياب، وشارك في كأس العالم الأخيرة ويقترب من المشاركة في النسخة القادمة إضافة إلى أن الترجي تأهل إلى نهائي دوري الأبطال وبالتالي فإن الحصاد يعتبر إيجابيا.

ورغم الفشل التنظيمي الذي بات عادياً، فإن الموسم شهد الكثير من المواقف البطولية التي كشف من خلالها الجمهور الرياضي، أنه المساند الأول للقضايا العادلة في العالم، ولا توجد قضية أهم وأسمى من القضية الفلسطينية وما يعاني منه الشعب الفلسطيني من انتهاكات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي التي تواصل مجازرها ضاربة حصارا دموياً على قطاع غزة منذ عديد الأشهر مخلفة اثار الدمار والهدم في انتهاكات صارخة لحق الشعب الفلسطيني.

ولم تنتظر الملاعب التونسية طويلا لتوجه رسائل إلى كل العالم في محاولة نجدة الفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة ودعمهم ومساندتهم برسائل قوية جعلت العالم يحيي الجماهير التونسية على تضامنها وتعاطفها وكسر كل القيود وسط صمت جماهير عددٍ من الدول العربية الأخرى، وقد تعددت المبادرات الجماهيرية ولم تقتصر على الرابطة المحترفة الأولى، وهو دليل إضافي على أن المدّ التضامني ليس نخبوياً مرتبطاً بأندية تملك موارد مالية وقاعدة جماهيرية بل طال كل الأقسام تقريبا.

النهائي أقوى رسالة

جاب إبداع جماهيره العالم انتصاراً للقضية الفلسطينية وقطاع غزة، وذلك خلال ذهاب نهائي دوري الأبطال أمام الأهلي المصري، وسط انبهار من قبل النادي المصري، الذي وقف صامداً أمام لوحات جماهير الترجي والرسائل القوية. وسعت الجماهير إلى أن تلفت انتباه العام إلى ما يُعاني منه الشعب الفلسطيني، من اعتداءات منذ أشهر عديدة وسط صمت عالمي، فرغم كل النداءات فلا أحد يتحرك من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ولا أحد يقوم بمجهود من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، فقد تم التطبيع مع الظلم والاعتداءات وأصبح المشهد عادياً والفلسطينيون في غزة يواجهون الويلات.

واستغلت جماهير الترجي النهائي لتوجه رسالة قوية إلى العالم، ذلك أن المقابلة تمّ نقلها في عديد الدول بحكم أهمية الحدث وهنا لا نتحدث عن الدول العربية بل تلك التي تدعم الكيان الصهيوني مثل فرنسا بعد أن نقلت شبكة قناة «بي إن سبورتس» الفرنسية المقابلة وكانت الجماهير الفرنسية التي تابعت اللقاء منبهرة بلا شك بـ«تيفو» الجماهير الترجي وهي تذكر العالم بأن هناك شعب يُصارع من أجل الحياة والانتصار لقضيته العادلة.

وقد كان إبداع جماهير الترجي عنوانا حاضراً في أهم الصحف العالمية التي حاولت تجاهل الموقف ولكن الجماهير المختلفة تناقلت مقطع الفيديو بشكل كبير للغاية نظرا للانبهار ولقيمة الرسائل التي وجهتها الجماهير إلى العالم، لتقتحم قضية غزة كل المنازل في أوروبا والفضل في ذلك يعود لجماهير الترجي، ويكفي رصد تصرف لاعبي الأهلي المصري وهم يشاهدون جماهير الترجي لنفهم قيمة الإنجاز الذي قامت به الجماهير.

ورغم أن المقابلة لم تصل إلى مستوى فني مميز، بحكم الحسابات التكتيكية التي جعلت الأداء مخيبا للآمال فإن العرض الذي قامت به الجماهير جعل الجميع ينسى «الخيبة» الفنية مستمتعاً بما شاهدته على المدرجات، ذلك أن جماهير الترجي حضرت لتستمتع بعرض فني جيد، فسرقت النجومية من اللاعبين.

قيمة إنجاز جماهير الترجي أنه حصل في مقابلة دولية، في حجم كبير بما أن النهائي ليس مثل أي مسابقة أخرى وخاصة في البطولة الوطنية التي يتم نقلها عبر نطاق ضيق ذلك أن اللوحة التي رسمتها الجماهير ذات أحد تزامنت مع أكبر حدث رياضي في إفريقيا وبالتالي فإن تأثيرها كان أكبر بلا شك.

وهذا الإبداع كان امتدادًا لما حصل خـــلال الأشهر الماضـــــية، مـــــــــن تضــــامن كبــــير مـن قبل الجــماهير التونســــية مع القضية الفلسطينية وما يحصل في قطاع غزة.

مبادرات عفوية

وجهت كل الفرق التونسية رسائل دعم قوية للقضية الفلسطينية، قد لا تكون جميعها قد حققت الأهداف المرجوة منها ولكن في مثل هذه المواقف فإن العبرة بالمبادرة ومحاولة التصرف بشكل جيد وإيجابي، وهو ما قامت به الفرق التونسية وجماهيرها وكذلك بعض النجوم.

ذلك أن كل الفرق تقريبا غيرت صورها على منصات التواصل الاجتماعي واضعة العلم الفلسطيني، إضافة إلى أن بعض الفرق وضعت العلم الفلسطيني على قميصها الرسمي، إضافة إلى اللافتات التي تهاجم الصمت الدولي والعربي وكذلك العديد من المبادرات الأخرى، وقد برزت جماهير النادي الإفريقي التي رسمت بدورها أفضل اللوحات موجهة أقوى الرسائل ورفعت الصوت عالياً تنديداً بما يحصل في قطاع غزة من مجازر.

كما أن الجامعة حاولت التحرك بدورها والسير على خطى الجماهير، بفرض دقيقة صمت ترحما على شهداء القضية وذلك قبل المباريات أو من خلال دعوة حكم فلسطيني ليكون الحكم الرابع في نهائي كأس تونس في مبادرة جيدة بلا شك رغم أنها كانت قادرة على تكريمه من خلال منحه شرف قيادة النهائي.

مبادرات ممكنة

وبإمكان الجامعة أن تقوم بمبادرات إضافية من خلال محاولة دعم الرياضة الفلسطينية واعتبار اللاعب الفلسطيني، لاعبا محلياً وليس أجنبيا وبالتالي تستفيد الفرق التونسية من قدرات نجوم فسلطين وفي الان نفسه تمنح لاعبي المنتخب الفلسطيني فرصة تطوير قدراتهم باعتبار أن المستوى الفني في البطولة الوطنية أفضل بكثير، وقد قامت بعض الاتحادات العربية بمبادرات مشابهة ومن المؤكد أن ما قامت به الجماهير التونسية سيحفز المشرفين على كرة القدم التونسية على السعي بكل قوة بحثاً عن اليات جديدة لدعم القضية العادلة والقيام بخطوات في هذا المجال تثبت أن الشعارات التي رفعت في ملاعب كرة القدم، تعكس حقيقة الموقف التونسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المنتخب ودع 2024 بـ5 انتصارات وبـ4 مدربين : حـصــاد كـــارثـي بـفـشـل فـي أهـم الأهـــداف

سيدخل المنتخب الوطني، مثل كل المنتخبات في عطلة مطولة نسبيا والأمر يهم المنتخب الأول، الذي …