2024-07-03

الأولى بالتصريح والثانية بالتلميح : الرئيس يستحثّ الوظيفتين التنفيذية والتشريعية..!

لم يخرج اللقاء الدوري بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الحكومة أحمد الحشاني عن المألوف، وكشفت صفحة الفايسبوك الرسمية لرئاسة الجمهورية أن سير العمل الحكومي في الأيام القليلة الماضية ومتابعة عدد من مشاريع القوانين والأوامر التي سيتم التداول فيها في اجتماع مجلس الوزراء القادم كانت أهم محاور هذا اللقاء ليوم الاثنين غرة جويلية 2024.

واعتبر رئيس الدولة مجددا أن النصوص القانونية على اختلاف طبيعتها، يجب ان تتنزل في إطار متكامل ومتجانس ويقطع مع الماضي، مؤكدا انه لن يتم التهاون مع أي جهة تسعى الى تعطيل سير المرافق العمومية للدولة أو لا تقوم بالواجب المحمول عليها قانونا.

ووفق الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية دائما فان من بين مشاريع القوانين التي تم التعرض اليها، مشروع تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية وشدد الرئيس هنا على ان هذا المشروع يجب ان يقوم على تحقيق التوازن بين الحفاظ على المال العام وبين عدم التعلل بمقتضيات هذا الفصل لتعطيل السير العادي للمرفق العمومي.

وكما هو معلوم فإن الفصل 96 من المجلة الجزائية هو من أكثر النصوص القانونية المثيرة للجدل بعد 2011 لأنه يتعلق بجريمة استخلاص موظف عمومي أو شبهه لفائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو الإضرار بالإدارة أو مخالفة التراتيب المنطبقة وينجرّ عن ذلك العقاب بالسجن مدة 10 سنوات وخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها.

وقد تمّت مؤاخذة وتتبّع العديد من الموظفين في مفاصل الدولة ممن تحمّلوا مسؤوليات إدارية قبل ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة، وأثّر ذلك على من تبقّى في الإدارة سواء من المسؤولين القدامى أو حتى مسؤولي المرحلة الجديدة  الذين يتّخذون من الفصل 96 حسب بعض القراءات ذريعة لعدم المبادرة، الأمر الذي انجرت عنه حالة من الشلل والعطالة والتردّد والفشل التي عادت بالوبال على السير العادي لمرفق الإدارة وهو ما أثار ويثير باستمرار حفيظة الرئيس الذي يعتبر ان ما يعوق التقدم في تحقيق مشروعه وتلبية إرادة الشعب هو هذه الإدارة، وبالتالي فإن تعديل هذا الفصل قد يزيل العقبة ويخلق حالة من الاطمئنان ويعزّز الجرأة لدى مسؤولي الدولة للاضطلاع بأدوارهم.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها رئيس الجمهورية الموضوع، فقد سبق له ان استعمل عبارة «الثورة التشريعية» وراهن على البرلمان في نسخته الجديدة للقيام بهذه الثورة خصوصا وأن كثيرا من نواب الشعب الجدد تبنوا هذا الشعار ووعدوا الناخبين بالقيام بالثورة.

هذا ورغم ان بلاغ الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية كان مقتضبا فإنه تضمّن في تقديرنا فصل الخطاب، وحمل رسالة أولى إلى الوظيفة التنفيذية وثانية إلى الوظيفة التشريعية وبطبيعة الحال لن تخرج الوظيفة القضائية عن المتابعة.

ولا ننسى في هذا السياق ما أقدم عليه الرئيس قيس سعيد خلال الأيام القليلة الماضية من عزل وتعيين لبعض المسؤولين في مستويات مختلفة من الإدارة التونسية، من خطة وزير، وزير الشؤون الدينية على سبيل المثال، إلى خطة المسؤول الجهوي عن مصلحة المياه التابعة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، وهذه الخطوات الصارمة تبرهن عزم ساكن قرطاج عدم التراجع الى الوراء في تقييم فريق الوظيفة التنفيذية وضخ الدماء الجديدة فيه بين الفينة والأخرى.

وقد يُعزى تأكيد رئيس الجمهورية أمام رئيس الحكومة على أهمية المبادرات الحكومية في علاقة بالتشريع إلى ما تم تسجيله من بطء في تقديم المبادرات بل واستعجال النظر فيها خصوصا وقد أكد أكثر من وزير في الفترة الماضية وعيه وجاهزيته لتقديم نصوص جديدة تفاعلا مع إقدام كثير من النواب على إعداد مبادرات تشريعية من جانبهم.

وهنا طبيعي ان يأخذ البرلمان بعين الاعتبار أولوية المشاريع الوافدة من الوظيفة التنفيذية والا يخرج في إجازته السنوية هذا العام قبل تحقيق جزء هام من انتظارات الناخبين وأساسا انتظارات رئيس الجمهورية، خصوصا في ظل التطورات الراهنة داخل البرلمان وخارجه، والتجاذبات الحاصلة بين الغرفتين، ووضعية عدد لا يستهان به من النواب المعنيين بتتبعات قضائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

فرنسا تنتخب: «حرية، مساواة، أخوة» على المحكّ..!

يتوجّه اليوم الأحد 30 جوان 2024 حوالي 50 مليون ناخب فرنسي الى مكاتب الاقتراع لاختيار أعضاء…