2024-06-30

هيكل من الوزراء، سفراء الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي: الشأن البيئي أولوية قصوى أيضا

يحظى المجال البيئي اليوم باهتمام بالغ على المستوى العالمي ولا نجانب الصواب إذا قلنا إنه اليوم من أوكد الأولويات لدى عدد كبير من الحكومات وهو يتصدر اهتمام القادة والشعوب على حد سواء. ففي ظل التغيرات المناخية الخطيرة التي يعرفها الكوكب لم يعد الشأن البيئي «ترفا» تهتم به أحزاب أقلية هي «الخضر» او بعض الناشطين في المجتمع المدني بل أصبح ملفا حارقا بكل ما تعنيه الكلمة من معان. ويتوجب بالتالي على الجميع الاهتمام به وعلى المختصين تقديم مقاربات جديدة وجادة لمحاولة إيجاد الحلول للقضايا البيئية المطروحة اليوم.

وفي تونس نحن في صلب إشكاليات بيئية بالغة التعقيد تحتاج الى تضافر الجهود لحلحلتها. ومن بينها معضلة النفايات وخروج المصبات التقليدية من الخدمة منذ فترة دون تعويضها وهو ما خلق ازمة خانقة وجعل النفايات ملقاة في غير أماكنها كما هو الشأن في ولاية صفاقس التي تعيش أزمة بيئية حقيقية ولكنها حتما لا يجب ان تكون الشجرة التي تحجب الغابة فهذه الإشكالية متكررة بسيناريوهات متقاربة في كل الولايات تقريبا وبالتحديد في المدن الكبيرة وفي مقدمتها العاصمة بولاياتها الثلاث.

كما ان مسألة تثمين النفايات التي أصبحت من تحصيل الحاصل في اغلب بلدان العالم ما تزال اليوم من الملفات التي تراوح مكانها ودون ان نتوقف عند ظاهرة التلوث بكل أنواعه وأشكاله والذي اصبح يهدد الصحة الجسدية والنفسية للمواطنين مع الانفجار السكاني الذي تشهده المدن الكبرى وتحديدا الأحزمة التي تحيط بها وهي كلها ملفات يتقاطع فيها الديمغرافي بالبيئي بالثقافي وبالاقتصادي والاجتماعي.

وفي هذا الإطار يمكن تنزيل الإعلان عن الاطلاق الرسمي لهيكل من الوزراء سفراء الإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي.

ووفق ما جاء في بلاغ وزارة البيئة يتضمن هذا الهيكل مسؤولين مكلّفين بمتابعة تنفيذ اهداف  الاستراتيجية كل صلب وزارته وذلك بشأن ترشيد الاستهلاك في الطاقة والماء والتصرف في النفايات.

والأكيد ان وجود استراتيجية وطنية في مجال الانتقال الايكولوجي مسألة مهمة ويفترض ان يتم النسج على منوالها.

فنحن في حاجة الى مقاربات جديدة في كل القطاعات باعتبار ان المناويل القديمة وأشكال التعاطي مع المشاكل المطروحة في هذا القطاع او ذاك لم تعد مجدية ولابد من ابتكار حلول مغايرة نظرا للتحولات العميقة التي عصفت بنا تماما مثلما عصفت بالعالم في العقدين الأخيرين.

وفي السياق ذاته واستنادا الى بلاغ وزارة البيئة بخصوص هذا الهيكل فإنه من المنتظر ان يصدر أمر تطبيقي قريبا يلزم الجماعات المحلية والوزارات وكافة الإدارات التابعة لها بتطبيق اهداف الاستراتيجية لتكون لمؤسسات الدولة وهياكلها الريادة في هذا الشأن ويتم الاقتداء بها بالتالي من قبل الافراد والجماعات وكذلك الهياكل الخاصة وذلك ضمانا لانتقال ايكولوجي ناجح وناجع وذلك اتساقا مع اهداف الاستراتيجية الوطنية التي تم اطلاق نسختها الأولى في 3 فيفري 2023.

ويذكر ان المحاور الرئيسية للاستراتيجية الوطنية للإنتقال الإيكولوجي تتمثل في الحوكمة والتمويل والثقافة البيئية والمعرفة من أجل الانتقال الإيكولوجي و الحد من التغيرات المناخية والحفاظ على الموراد الطبيعية والتقليص من مخاطر التصحر والحفاظ على التنوع البيولوجي والحد من التلوث ثم ضمان استدامة الإنتاج والاستهلاك.

وهذه المحاور المهمة للإستراتيجية الوطنية للانتقال الإيكولوجي  من الضروري الاشتغال عليها ضمن هذا الهيكل الذي تم الإعلان عنه والذي يجعل كل هياكل الدولة تنخرط في مشروع طموح تتوفر فيه كل إمكانات النجاح والنجاعة. وإذا ما قام كل بدوره على الوجه الأكمل فإنه قطعا سيحقق النتائج المرجوة.

ولكن علينا هنا ان ننبّه الى ان مثل هذه الاستراتيجية الوطنية ينبغي ان تشمل كل القطاعات وان يتم العمل ضمنها بالتوازي لتحقيق إمكانات الإقلاع في كل المجالات. وليس هذا فحسب فإذا كان إيجاد الاستراتيجيات والخطط مهم جدا فإن الأهم هو تنفيذها على الوجه الأكمل حتى لا تكون حبرا على ورق والأكيد ان تحفيز الجميع للمشاركة فيها يكون أمرا جيدا ومطلوبا عبر اطلاق حملات إعلامية تخدم هذا المشروع الوطني الكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يمكنها الترويج لصورة تونس الحضارية المشرقة : الثقافة ملف سيادي… أيضا

هل نجانب الصواب إذا قلنا إن أخطر أنواع التآمر تلك التي تكون الثقافة مدارها ؟ وهل ننسى ان ا…