هل أن تشبيك العلاقات والمصالح في مفاصل الدولة أدى بشكل ما الى التقصير الحاصل في كل الخدمات الموجهة للتونسيين؟
وهل يمكن الحديث عن مراكز نفوذ» في صلب هياكل الدولة تجتهد لتنكل بالتونسيين وتؤبّد مكابدتهم في معيشهم اليومي؟
إلى أي مدى يمكن الحديث اليوم عن «دمقرطة» التقصير والإهمال في كل الأحياء التونسية شعبية او ما يسمى راقية في ما يتعلق بالنظافة والعناية بالبيئة والمحيط؟
ولماذا المدن التونسية غير نظيفة اليوم رغم وجود وزارة بطمّ طميمها تعنى بشأن البيئة؟
وما السرّ في أن العاصمة التونسية كانت أكثر نظافة وربما جمالا في السبعينات بالمقارنة مع اليوم؟
من الذي تغير هل هو وعي المواطن أو الانفجار الديمغرافي الذي حصل دون ان تنتبه له الدولة أوتتهيأ له عبر أمثلة التهيئة الترابية والتخطيط العمراني وغيرها؟
وهل يقتضي الأمر استدعاء السؤال الأيقوني لـ«لينين» ما العمل «لإيجاد الحلول للتشخيص المتفق عليه؟»
هذه الأسئلة بالتأكيد خامرت بعضها أو جلّها اذهان الكثير من المواطنين وهم يتابعون اهتمام أعلى هرم السلطة شخصيا بالمسألة البيئية التي يفترض ان هناك عديد الهياكل والأجهزة تعنى بها بشكل مباشر من بينها البلديات ومصالح وزارة البيئة.
وتجلّى هذا الاهتمام الرئاسي بالشأن البيئي من خلال زيارة أداها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى الإدارة الفرعية للمعدات والإدارة الفرعية للنظافة التابعين لبلدية تونس العاصمة. واطلع على عديد الإخلالات ومظاهر التقصير في مستوى الإدارتين والمعدات الموجودة بهما التي لم تقع صيانتها أو هي خارج الخدمة منذ سنوات عديدة.
إذن تعفينا معاينة رئيس الجمهورية المباشرة عن الإجابات التي نبحث عن اغلبها باعتبار ان التقصير والإهمال حاصلين لا محالة وبوضوح وجلاء.
يحدث هذا ونحن في بدايات صيف تقول كل المؤشرات انه ساخن وسيكون من الصعب تحمّل الحرارة المرتفعة مع وجود الحشرات والروائح الصادرة عن تراكم الفضلات بشكل غريب في شوارع وازقة العاصمة وتستوي في هذا كل الاحياء تقريبا.
ولعل هذا ما حدا برئيس الجمهورية الى القول بأن الامر لا يمكن ان يستمر على هذا النحو وهي إشارة الى تحميل المسؤوليات لأصحابها ومعاقبة المقصّرين مهما كانوا وهو ما اعلن عنه امام المسؤولين في بلدية تونس وحفزهم على القيام بدورهم في توفير الخدمات للمواطنين ومن بينها رفع الفضلات والانارة العمومية وصيانة المناطق الخضراء والمنتزهات التي مع الأسف تحول بعضها الى مصبات للفضلات وهذا من نكد الدهر.
وفي سياق متصل عاين رئيس الجمهورية أيضا وضعية مصلحة حفظ الصحة وحماية المحيط التابعة لبلدية تونس العاصمة والتي لا تختلف كثيرا عن سابقاتها. وكذلك الشأن بالنسبة الى وضعية المنبت البلدي. وكانت النقائص بالجملة والتفصيل فقط كان هذا المكان فضاء للترفيه والرياضة فأصبح يفتقر إليهما وهذه معضلة أخرى.
وبالعودة الى الأسئلة الاستهلالية بالتأكيد أصبحت الإجابات واضحة عنها بعد هذه المعاينة فالتقصير وغياب الموارد المالية هي العناوين الكبرى لمشكلة البيئة والعناية المحيط والنظافة او ما يعرف بجودة الحياة ليس في عاصمتنا فحسب بل في الجمهورية التونسية بأسرها. ولكن هذه العناوين تخفي وراءها ملفات فساد لا غبار عليها ولا نحتاج ادلة قاطعة للبرهنة عليها. فساد استشرى بشكل لافت في السنوات الأخيرة عبر تشبيك المصالح بين مراكز النفوذ من أجل التفريط في بعض المرافق العمومية للخواص وتقاسم الكعكة بينهم.
وعلى هذا الأساس اتبع البعض مقاربة الإهمال في تقديم الخدمات حتى «تتعفن» الأوضاع حرفيا وبشكل ملموس وأيضا بالمعنى المجازي للكلمة حتى يتم التفويت في هذه المرافق. وهو ما عاينّاه في كل الزيارات التي اداها رئيس الجمهورية الى المؤسسات العمومية واماط اللثام من خلالها عن الوضعية المتردية لها والتي تقف وراءها أسباب عميقة تتمثل في هذه الشبكات.
وإذا كان هناك اتفاق حاصل حول تشخيص الأوضاع فإن هذا وحده لا يكفي فلابد من إيجاد حلول عاجلة واتخاذ قرارات صارمة بشأن محاسبة كل من افسد وكل من تستّر عليه أو سهّل له مهمته الافسادية بالإضافة الى ضرورة القيام بالمراجعات اللازمة بشأن الملف البيئي في تونس وهو من اهم الملفات التي ينبغي مباشرتها الى جانب وضعية بلدية العاصمة وغيرها من البلديات.
تونس داعمة ومتضامنة دوما مع فلسطين..!
أي سبل لمجابهة الكارثة الإنسانية في غزة؟ وما هي التدابير اللوجستية الضرورية لإدخال المساع…