2024-06-28

وفاة طفلة وإصابة عشر نساء في حادث انقلاب شاحنة نقل عاملات فلاحيات: وتتواصل المعاناة ولا من مجيب..!

استفاق‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬مجددا‭ ‬على‭ ‬فاجعة‭ ‬أخرى‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬انقلاب‭ ‬شاحنة‭ ‬تقل‭ ‬عاملات‭ ‬فلاحيات‭ ‬بالطريق‭ ‬الجهوية‭ ‬عدد‭ ‬48‭ ‬الرابطة‭ ‬بين‭ ‬دار‭ ‬الجمعية‭ ‬من‭ ‬عمادة‭ ‬سيسب‭ ‬بمعتمدية‭ ‬السبيخة‭ ‬والناظور‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬زغوان‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬طفلة‭ (‬16‭ ‬سنة‭) ‬وإصابة‭ ‬10‭ ‬نساء‭ ‬بإصابات‭ ‬متفاوتة‭ ‬الخطورة‭.‬

يتجدد‭ ‬الموعد‭ ‬مع‭ ‬الوجع‭ ‬ومع‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬عنها‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬إنسانية‭ ‬حين‭ ‬تنهي‭ ‬ظروف‭ ‬التنقل‭ ‬ورداءة‭ ‬الطريق‭ ‬حياة‭ ‬طفلة‭ ‬ماتزال‭ ‬كل‭ ‬الحياة‭ ‬أمامها‭ ‬ربما‭ ‬ليست‭ ‬وردية‭ ‬وإنما‭ ‬حياة‭ ‬فيها‭ ‬أحلام‭ ‬على‭ ‬بساطتها‭ ‬وآمال‭ ‬معلقة‭ ‬أسكتت‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ …‬نعم‭ ‬نحن‭ ‬نؤمن‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬ونؤمن‭ ‬أيضا‭ ‬إنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون‭ ‬لكن‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬يدفعنا‭ ‬لرمي‭ ‬أنفسنا‭ ‬والآخرين‭ ‬إلى‭ ‬التهلكة‭… ‬ليس‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬نحشر‭ ‬عشرات‭ ‬النساء‭ ‬الكادحات‭ ‬في‭ ‬شاحنة‭ ‬لا‭ ‬تستوعب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أشخاص‭… ‬ليس‭ ‬من‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬تتكرر‭ ‬المأساة‭ ‬وننقل‭ ‬أخبار‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬تزهق‭ ‬أرواحهن‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬لقمة‭ ‬عيش‭ ‬يلفها‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬وقت‭. ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬ليست‭ ‬الأولى‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة‭ ‬أمام‭ ‬تنصل‭ ‬الكل‭ ‬من‭ ‬مسؤولياته‭ ‬تجاه‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬بقيت‭ ‬خارج‭ ‬دائرة‭ ‬القوانين‭ ‬الموضوعة‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تفعّل‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬وبقيت‭ ‬معطلة‭.‬

فقد‭ ‬دأب‭ ‬المشرّع‭ ‬التونسي،‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬فواجع‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬العاملات‭ ‬بالقطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتدهور‭ ‬وضعيتهنّ‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬الظواهر‭ ‬ببوادر‭ ‬وحلول‭ ‬تشريعيّة‭ ‬لكنّها‭ ‬لا‭ ‬تأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬حاجيات‭ ‬النساء‭ ‬أنفسهنّ‭ ‬وتصوراتهنّ‭ ‬ولا‭ ‬إكراهات‭ ‬الواقع،‭ ‬فتصطدم‭ ‬كلّ‭ ‬مرّة‭ ‬باستحالة‭ ‬التطبيق‭.‬

تؤكد‭ ‬الجمعيات‭ ‬النسوية‭ ‬والأخرى‭ ‬المهتمة‭ ‬بالمرأة‭ ‬وحقوقها‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬الكادحات‭ ‬والعاملات‭ ‬الزراعيات‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الفئات،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بالقوانين‭ ‬الضامنة‭ ‬لجميع‭ ‬حقوقها،‭ ‬وخير‭ ‬دليل‭ ‬أن‭ ‬البروتوكول‭ ‬الخاص‭ ‬بنقل‭ ‬العاملات‭ ‬الزراعيات‭ ‬الصادر‭ ‬منذ‭ ‬2016‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

تعيش‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وضعية‭ ‬هشة،‭ ‬زادها‭ ‬هشاشة‭ ‬غياب‭ ‬القوانين‭ ‬الحامية‭ ‬لحقوقهن‭ ‬وسط‭ ‬صمت‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬معاناتهن‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬النقل،‭ ‬حيث‭ ‬بقي‭ ‬البروتوكول‭ ‬الخاص‭ ‬بنقل‭ ‬العاملات‭ ‬الزراعيات‭ ‬الصادر‭ ‬منذ‭ ‬2016‭ ‬حبرا‭ ‬على‭ ‬ورق،‭ ‬ولم‭ ‬تقع‭ ‬ترجمته‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬كما‭ ‬تعاني‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬استغلال‭ ‬الوسطاء‭ ‬وتدني‭ ‬الأجر‭ ‬وغياب‭ ‬التغطية‭ ‬الاجتماعية‭.‬

وللحديث‭ ‬عن‭ ‬التهميش‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي،‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬العدد‭ ‬الرسميّ‭ ‬للنسوة‭ ‬لكن‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬بداهة‭ ‬المعطى،‭ ‬فانّه‭ ‬مغيّب‭ ‬عن‭ ‬احصائيات‭ ‬الدولة‭ ‬التونسيّة‭ ‬تحت‭ ‬عدّة‭ ‬مسميّات‭ ‬لعلّ‭ ‬أهمّها‭ ‬أنّ‭ ‬اموسميّة‭ ‬نشاطهنّ‭ ‬تمنع‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬الرقم‭ ‬الحقيقيب‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تقدّر‭ ‬الأرقام‭ ‬غير‭ ‬الرسميّة‭ ‬عدد‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬امرأة‭ ‬تونسيّة،‭ ‬تغبن‭ ‬عن‭ ‬مرصاد‭ ‬الدولة‭ ‬رغم‭ ‬ضمانهنّ‭ ‬اليومي‭ ‬والمستمرّ‭ ‬لرغيف‭ ‬التونسيات‭ ‬والتونسيين،‭ ‬لأنه‭ ‬وببساطة‭ ‬الترسانة‭ ‬القانونية‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للانتهاكات‭ ‬المسلطة‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المنزلي‭ ‬والزراعي‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬طالبت‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي،‭ ‬الحكومة‭ ‬بضرورة‭ ‬تحسين‭ ‬وضعيتهن‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المتدهورة‭ ‬والهشة‭ ‬وخاصة‭ ‬تفعيل‭ ‬ترسانة‭ ‬القوانين‭ ‬الموضوعة‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تفعّل‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬وبقيت‭ ‬معطلة‭.‬

يتفق‭ ‬الجميع‭ ‬بأن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الفلاحي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬مهمش‭ ‬لا‭ ‬يحفظ‭ ‬لهن‭ ‬أبسط‭ ‬حقوقهن‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬النزل‭ ‬عبر‭ ‬الندوات‭ ‬أو‭ ‬الدراسات‭ ‬أو‭ ‬الشعارات‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬فقط‭ ‬للتعبئة‭ ‬بل‭ ‬الدفاع‭ ‬عنهن‭ ‬بتكريس‭ ‬حقوقهن‭ ‬واستحقاقاتهن‭ ‬التي‭ ‬يطلبنها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬حتى‭ ‬نضع‭ ‬حدا‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬والفواجع‭ ‬التي‭ ‬نستفيق‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬فنكتفي‭ ‬بنشر‭ ‬الخبر‭ ‬عن‭ ‬حالات‭ ‬الوفاة‭ ‬والإصابات‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬خطوة‭ ‬أخرى‭ ‬نحو‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬الهشة‭ ‬في‭ ‬وضعياتها‭ ‬لكنها‭ ‬كبيرة‭ ‬بعطائها‭ ‬للدولة‭ ‬وللمواطنين‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم: مسار الإصلاح التربوي ماض بهدوء وثبات

اعتبر سليم قاسم رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم في تصريح لـ « الصحافة اليوم» أن حزمة ا…