2024-06-28

تونس وفلسطين: التضامن اللاّمحدود والدعم اللاّمشروط

لعلنا لا نحتاج الى التأكيد في كل مرة على الانحياز المطلق لتونس لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ولسنا مضطرين للتذكير بأن تونس شعبا وقيادة داعمة للمقاومة الفلسطينية وهو دعم قلبا وقالبا ولا يحتمل وجود استدراك مهما كان مأتاه أو فحواه.

وآخر مظاهر المساندة والدعم هي استعداد الهلال الأحمر التونسي لإرسال كميات هامة من الأدوية  الى الشعب الفلسطيني وهو بصدد تجهيز هذه الشحنة.

معلوم ان الفلسطينيين في اشد الحاجة اليوم الى الدعم بالدواء والغذاء فالقطاع المحاصر يفتقر الى ابسط مقومات الحياة بعد ان شن الصهاينة حرب إبادة بلا هوادة على المواطنين الفلسطينيين العزل. وهم يواجهون المقاومة بأقذر أسلحتهم مستغلين صمت بعض  البلدان المؤثرة في صناعة القرار الدولي تواطؤا أو عدم اكتراث بما يحدث او دعم القوى الكبرى في العالم بشكل مفضوح لهذا الكيان المحتل.

ومن المهم هنا الإشارة الى ان قطاع غزة الذي يعاني من بطش الصهاينة يقدم درسا في الصمود غير مسبوق ربما في التاريخ المعاصر للإنسانية جمعاء.

فالواضح انه بعد مرور أشهر على انطلاق طوفان الأقصى لم يتغير شيء فما يزال صمود الفلسطينيين الأسطوري يحصد التعاطف والدعم الشعبي من قبل عديد النخب الطلابية والجامعية في أكثر من منطقة في العالم انحيازا للمقاومة وضد الكيان الغاصب.

وما تزال الصور الموجعة تجول وكالات الانباء ومواقع التواصل الاجتماعي لتحفز الضمير العالمي ليصرخ بكل ما أوتي من قوة رافضا كل مظاهر الاضطهاد.

وبعد مرور حوالي تسعة اشهر على «الطوفان» الذي هزّ الضمير العالمي تغيرت الكثير من المعادلات وسقطت ورقة التوت عن الكثير من النخب السياسية والثقافية والاعلامية الفاعلة في الغرب وبالتوازي مع هذا ظهرت حركات تعاطف شعبي غير مسبوق أعادت للأذهان حركة ماي 1968 في فرنسا مثلا وموجة التظاهر دعما لحركات التحرر في فترة أواخر الخمسينات ومرحلة الستينات والتي قادها في الاغلب الشباب الطلابي مع مجموعة من المثقفين المنتمين الى اليسار.

وبالعودة الى ما يحدث اليوم فإن الملف الفلسطيني ما يزال يبحث عن حل سياسي مع ارتباك واضح في الموقف العربي الذي تشقه اختلافات وانقسامات كبرى.

وإذا نظرنا الى الموقف التونسي فإننا لا نجانب الصواب إذا قلنا بأنه الأكثر انسجاما بلا منازع فالدعم اللامشروط والتضامن اللامحدود هو العنوان الدال عليه.

فقد اجتمعت معاني التعاطف والمساندة للحق الفلسطيني سواء في موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد وذلك من قبل ان يتولى منصب الرئاسة مرورا بكل كلماته وتصريحاته المتعلقة بالحق الفلسطيني ووصولا الى ما يحدث الان في قطاع غزة والذي كان موقف السلطة التونسية منه مباشرا وصريحا ودون قفازات ناعمة كما يعمل البعض. فدونما مواربة أعلنت تونس انحيازها للحق الفلسطيني التاريخي ومع فلسطين حرة كاملة الحقوق.

وإذا كان هذا شأن القيادة فإن الامر لا يختلف بالنسبة الى الشعب التونسي سواء تعلق الامر بعموم التونسيين أو حتى بالنخب فالتعاطف لا يحتاج الى ادلة ومظاهر التضامن في كل مكان انعكست حتى في الحفلات في المدرسة والمعهد والجامعة والملعب حيث انبرى الجميع للتغني بالمقاومة ودعمها معنويا ورفع العلم الفلسطيني الى جانب التونسي في كل مكان وفي كل محفل.

كما ان النخب المثقفة التونسية والتي عرف عنها فرط التحمس والدفاع عن الحق الفلسطيني لاسيما وان هناك وشائج قربى مع المبدعين والمثقفين الفلسطينيين الذين عاش بعضهم بيننا على غرار محمود درويش وسميح القاسم وغسان زقطان ورشاد أبو شاور واختلطوا بالمجتمع التونسي ولم يعرف «التطبيع» طريقا الى هذه النخبة المتمترسة خلف سردية الحق الفلسطيني الخالد الذي لا يسقط بالتقادم.

والأمر لا يتعلق بالدعم المعنوي على أهميته فقط بل بالدعم المادي المباشر والذي تجلى في إرسال أدوية واغذية في أكثر من مناسبة منذ شن الصهاينة حرب الإبادة على قطاع غزة. وليس في الأمر منّة او تفضل من التونسيين على أشقائهم فالأمر محض واجب كما يعتقد التونسيون جميعا ففلسطين أكبر من ملف سياسي او قضية بالنسبة الينا هي جزء أصيل من كياننا وتكويننا الثقافي والنفسي والاجتماعي.

ولا ننسى أبدا ان الدم الفلسطيني امتزج بالدم التونسي في حمام الشط وما التاريخ إلا عبر ودروس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يمكنها الترويج لصورة تونس الحضارية المشرقة : الثقافة ملف سيادي… أيضا

هل نجانب الصواب إذا قلنا إن أخطر أنواع التآمر تلك التي تكون الثقافة مدارها ؟ وهل ننسى ان ا…