أستاذ الإقتصاد آرام بلحاج إصلاح منظومة الدعم يمر حتما عبر التحول من استهداف الأسعار إلى استهداف الأشخاص
يعد إصلاح منظومة الدعم موضوعا مهما وحساسا في الان نفسه بالنظر الى تاثيراته الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة به. حيث يتعلق الإصلاح بتحسين استخدام الموارد المالية وضمان توجيه الدعم إلى مستحقيه وتقليص الفجوة بين الفئات الاجتماعية. ويتطلب ذلك رؤية استراتيجية شاملة وتنسيقا فعالا بين الأطراف المعنية لضمان تحقيق التوازن بين ترشيد الإنفاق الحكومي وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتظهر المعطيات المتوفرة ان نفقات الدعم المخصصة للمواد الاساسية تبلغ 3591 مليون دينار في 2024 بعد ان كانت في مستوى 3805 مليون دينار سنة 2023 مسجلة بذلك تراجعا. كما سترتفع نفقات الدعم للمحروقات إلى 7086 مليون دينار بعد أن كانت بحجم 7030مليون دينار سنة 2023، علاوة على ارتفاع دعم النقل الى 660 مليون دينار مقابل 640مليون دينار السنة الماضية. ويختلف العديد من خبراء الاقتصاد في هذا الموضوع بين من يدعو الى ضرورة تخفيف العبء على صندوق الدعم خاصة دعم المحروقات والطاقة الذي تذهب اليه أغلب الموارد وذلك بالتوازي مع التسريع في إنجاز برنامج الانتقال الطاقي لان ذلك من شأنه أن يخفف الضغوطات الكبيرة المسلطة على المالية العمومية والتقليص من استنزاف الموارد المالية للدولة مما يقلل القدرة على تمويل قطاعات حيوية اخرى هذا اضافة الى ان ارتفاع الواردات من مواد الطاقة يعمق العجز التجاري التونسي ويزيد من الضغوط التضخمية، وبين متخوف من ذلك بالنظر الى تداعيات رفع الدعم عن الفئات الإجتماعية الهشة والفئات ذات الدخل الضعيف والمتوسط وعلى قدرتها الشرائية التي تراجعت اكثر فأكثر بفعل التضخم وارتفاع الاسعار .
وفي تدوينة له حول موضوع الدعم أوضح أستاذ الإقتصاد آرام بلحاج ان هناك أربع حقائق ثابتة على الأقل وجب معرفتها وهي أولا ان الدولة تتحمل بالفعل نفقات الدعم خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية مضيفا انه «صحيح ان الدولة تتمتع في نفس الوقت بآداءات لا بأس بها تمكنها من التخفيف من عبء هذا الدعم، ولكن يوجد حد ادنى وحد اقصى للأسعار يجعل الدولة تنتقل من وضعية الرابح إلى وضعية الخاسر».
وقال ثانيا ان اصلاح منظومة الدعم يمر حتما عبر التحول من استهداف الأسعار إلى استهداف الأشخاص. فلا معنى لإلغاء الدعم كليا، كما لا معنى للاستمرار في هذا الوضع الذي يكلف المجموعة الوطنية آلاف المليارات فحسب آخر دراسة غير منشورة للعموم ثبت بأن اصلاح دعم المواد الأساسية يمكّن الدولة من خفض النفقات بـ510 مليون دينار وبـ30.3 مليون دينار بالنسبة لقارورة الغاز ذات الاستعمال المنزلي GPL.واعتبر ثالثا انه لا يمكن الحديث عن إصلاح منظومة الدعم في ظل غياب معطيين رئيسيين: وهي قاعدة بيانات واضحة تمكن من التعرف على المستحقين الحقيقيين لهذا الدعم ونظام تشغيل بَيْنِي (système d’interopérabilité) بين كل المتداخلين الاداريين (مصالح الجباية، مصالح الشؤون الاجتماعية…). اما رابعا فاكد ان الذهاب نحو حقيقة الأسعار وجب ان يكون تدريجيا، على الأقل لتجنب انعكاسات التضخم على الفئات الهشة. من جهة ثانية وبخصوص اصلاح منظومة دعم المحروقات قال ارام بالحاج ايضا ان هذا الإصلاح كفيل لوحده بتوفير مليارات الدولارات لخزينة الدولة.إذ يكفي ان نعرف بأن ميزانية الدعم تضاعفت قرابة المرتين ونصف في الخمس سنوات الفارطة (في حين ان الأسعار لم تشهد تطورا مماثلا، خاصة في ما يتعلق بالمواد الأساسية أو المحروقات) واشار في هذا الصدد إلى ان الحلول التقنية واللوجستية والمالية موجودة وذلك في انتظار التطبيق.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …