من المتحف العسكري بقصر الوردة وبمناسبة الاحتفال بعيد الجيش او ذكرى انبعاث الجيش الوطني عاد رئيس الجمهورية الى طرح موضوع الهجرة السرية.
وقد كانت هذه المناسبة فرصة سانحة ليستعرض رئيس الجمهورية الأدوار المهمة الموكولة لقواتنا المسلحة العسكرية البرية والبحرية والجوية. ومن بينها دورها المركزي في ملف الهجرة وقد بدت كلمات الرئيس بالغة الوضوح والدقة وهو يتحدث عن مراعاة القواعد والقيم والمعايير من قبل تونس في التعامل مع هؤلاء المهاجرين غير النظاميين الذين يتم «توجيههم» الى التراب التونسي ولا يأتون الى بلادنا بشكل عفوي او تلقائي او حتى اختياري.
فالأكيد ان هناك شبكات عابرة للحدود والقارات هدفها الإتجار بالبشر واحيانا إحداث التوتر هنا او هناك عبر موضوع الهجرة غير النظامية.
وطرح رئيس الجمهورية قيس سعيد استفهاما انكاريا وهي يتحدث الى وزير الدفاع الوطني السيد عماد مميش وثلة من الضباط السامين عن كيفية وصول مهاجرما قادم من بلد يقع في جنوب القارة الإفريقية؟
وكيف وصل شخص الى العامرة قاطعا خمسة آلاف كيلومتر؟ ألا يحتاج الأمر الى التأمل والتدبر؟ ومن أين عرف وجود هذه المنطقة ؟ أليس الأمر غريبا ومسترابا؟
والحقيقة ان العملية برمّتها غير بريئة وهناك من يهدف الى زعزعة الاستقرار في تونس عبر حشد مهاجرين غير نظاميين على ترابها لخلق توتر اجتماعي وتعميق الازمة الاقتصادية فيها لغايات بعضها معلوم وبعضها نحتاج الى فك شيفراته.
وفي هذا السياق أكد رئيس الجمهورية اننا نجحنا رغم كل شيء في الإحاطة بهذا الملف أخلاقيا وقيميا وتعاملنا معه بكل ما يلزم وقال حرفيا «لدينا ما نقول في هذا الملف أكثر مما يقولون».
وهذا رد صريح وواضح على أولئك الذين يكيلون التهم لتونس والذين يروّجون المغالطات بشأن تعاملها مع ملف الهجرة السرية ويمكن ان ترد تونس على كل اراجيفهم وتعلمهم الكثير بهذا الخصوص.
والأكيد انه تم تغليب القيم والأخلاق والمعايير في التعاطي مع هذا الملف الشائك والذي تتداخل فيه كثير من العوامل التي ينبغي مراعاتها لمن أراد النظر فيه بموضوعية ونزاهة بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة.
بل ان تونس كانت تتعامل مع هذا الملف من منطلق تغليب الشعور بالواجب والضمير الإنساني حتى على حساب بعض القوانين وهو ما لم ينتبه اليه بعض المغرضين الذين عادة ما يوظفون هذه المسائل لخدمة اجندات سياسية معلومة.
ودعا رئيس الجمهورية بعض الأطراف الى ملازمة الصمت لأن السلطات التونسية تعلم الخفايا وما وراء الأكمة في هذا الخصوص.
فلم يعد خافيا على احد ان هناك شبكات تحيط خيوطها كالعنكبوت في أمكنة متباعدة من اجل استقدام هؤلاء الوافدين والتغرير بهم حتى يلقوا مصيرا مأساويا أحيانا وقد لقي بعضهم حتفه في عرض البحر كما اصبح البعض الآخر يعيش أوضاعا مزرية ولعل وفاة احدهم جراء خلافات وشجار بين فئتين من المهاجرين أكبر دليل على ما نقول.
وليس هذا فقط فهذه الشبكات تنشط في مجال الاتجار بالبشر او بأعضائهم أيضا وهي بالغة الخطورة والتعقيد.
والأكيد ان تونس اجتهدت رغم قلة الإمكانيات في عمليات الإحاطة بالمهاجرين ووفرت لهم الرعاية المطلوبة كما قامت بالتدقيق بشأنهم وإنقاذ العديد منهم من الموت المحقق في عرض البحر. وهو مجهود كبير تعتبره السلطات التونسية واجبا أخلاقيا وانسانيا تضطلع به بغض الطرف عن الاشاعات والأراجيف التي يرددها هذا الطرف او ذاك. تماما مثلما يحاول البعض وانطلاقا من عواصمهم تلقين تونس بعض الدروس بشكل متعال وفجّ، وهو ما لا تقبله بلادنا جملة وتفصيلا.
تونس داعمة ومتضامنة دوما مع فلسطين..!
أي سبل لمجابهة الكارثة الإنسانية في غزة؟ وما هي التدابير اللوجستية الضرورية لإدخال المساع…