2024-06-25

استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي لـ«الصحافة اليوم»: التزامات الدولة بصدد الخلاص في انتظار مداخيل القطاع السياحي.

يمثل مستوى الاحتياطات من العملة الصعبة مؤشرا هاما على استقرار الاقتصاد وقدرته على التعامل مع مختلف الأزمات المالية حيث يوفر هامش أمان للبلاد للتصرف في حال حدوث صدمات اقتصادية أو تقلبات في الاسواق المالية.كما يعكس أيضا قدرة البلاد على التعامل مع احتياجاتها من الاستيراد لفترة معينة بالإضافة إلى قدرتها على سداد التزاماتها وديونها الخارجية تجنبا لصعوبات مالية قد تنجم عن عدم السداد.

في هذا الصدد أظهرت آخر المؤشرات النقدية والمالية الصادرة عن البنك المركزي التونسي ارتفاع صافي احتياطي العملة الأجنبية ليبلغ 23,9 مليار دينار، أي ما يعادل 110 أيام من الواردات، وذلك إلى غاية يوم 21 جوان 2024 وذلك مقابل احتياطي العملة الأجنبية حوالي 22.6 مليار دينار (أو 97 يومًا من الواردات في الفترة ذاتها من العام الماضي). وهو ما يشير الى تحسن ملحوظ في حجم مخزونات البلاد من العملة الصعبة. ويرى خبراء الاقتصاد أنه طالما فاقت المخزونات من العملة الصعبة 90 يوم توريد فذلك يعد مستوى آمنا ومريحا و لا يمثل اي خطورة على عكس النزول الى ما تحت 90 يوما.وفي هذا السياق وفي تقييمه لارتفاع احتياطي العملة الصعبة إلى ما يغطي 110 يوم توريد قال استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي أن هذا المؤشر نظريا هو جيد خاصة وأن البلاد بصدد خلاص ديونها في الوقت الحالي، ولكن المهم وفق رأيه أن لا يكون خلاص الديون على حساب عملية الإنتاج أو عملية توريد المواد الأولية ومواد التجهيز المطلوبة لتحريك عجلة إنتاج المصانع والمؤسسات الاقتصادية. واضاف الشكندالي في هذا الصدد أن تونس اختارت العام الماضي تمشي خلاص الديون-وهي تواصل اعتماده هذه السنة- ولكن ذلك كان على حساب توريد المواد الضرورية وما يلزم الاقتصاد من مواد أولية ونتيجة لذلك شهدت البلاد انكماشا اقتصاديا وخسرت الدولة موارد مالية باعتبار أن النمو عندما يتراجع فإن الموارد الجبائية تتراجع ايضا. وهذا أجبر الدولة عند إعداد ميزانية 2024 على الذهاب إلى التداين والزيادة في الاقتراض الخارجي بـ6 مليار دينار وهي تجد صعوبات في تحصيلها. وبخصوص قدرة تونس على خلاص ديونها لبقية العام الجاري قال الخبير أن تونس تمكنت بالفعل من سداد حوالي 60% من ديونها حاليا لكن بقيت قرابة 40% من الديون وما لم توجد مداخيل كافية من القطاع  السياحي ومن تحويلات التونسيين بالخارج فالأكيد انها ستجد صعوبة في سدادها وفق تقييمه.وهذا يشير في نظره الى انها ستختار ايضا سداد الديون على حساب توريد المواد الاساسية والمواد الأولية ونصف المصنعة الضرورية لتحريك القطاع الصناعي.

كما ابرز الشكندالي ان التزامات الدولة لهذا العام هي أكثر من العام الماضي وذلك حتى تستطيع التوفيق بين سداد الديون من ناحية وتوفير الواردات الضرورية من ناحية أخرى باعتبار أن المضي في نفس السياسة التي تم اعتمادها العام الماضي ستعطي نتائج سيئة.وهذا يستوجب في نظره التوفيق بين الأمرين معا وهما سداد الديون وتوفير متطلبات الاقتصاد من مواد اساسية ومواد اولية. لذلك دعا الى ضرورة العمل على تعبئة الموارد الخارجية المبرمجة في ميزانية الدولة لسنة 2024  وتنشيط الديبلوماسية الاقتصادية من أجل تحصيل ما تمت برمجته . والجدير بالذكر ان تونس رغم عدم حصولها سنة 2023 على قرض مزمع من صندوق النقد الدولي فقد تمكنت من خلاص ديونها الخارجية والإيفاء بالتزاماتها المالية وهذا في حد ذاته يمثل تحديا كبيرا ورهانا صعبا تحقق وأكد إمكانية التعويل على الذات ولكن ثمن ذلك كان غاليا جدا في نظر عديد المختصين ولقي انتقادات جمة سيما وأنه تم توجيه كل الإمكانيات المالية الذاتية والموارد والعائدات بالعملة الصعبة المتأتية من قطاعات رئيسية للإقتصاد التونسي بما فيها عائدات القطاع السياحي والتصدير وتحويلات التونسيين بالخارج لسداد الديون الخارجية للبلاد على حساب تزويد التونسيين بالمواد الأساسية والحيوية فهل  ستتمكن تونس هذه المرة من ربح الرهانين معا اي سداد ديونها وتزويد البلاد بما يلزم لتحريك العجلة الاقتصادية وتأمين المتطلبات الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المرصد‭ ‬التونسي‭ ‬للاقتصاد:  خــلاص‭ ‬تونــس‭ ‬لديونهــا‭ ‬إنجــاز‭..‬لكن‭ ‬بكلفــة‭ ‬ماليــة‭ ‬واجتماعية‭ ‬كبيرة

‭ ‬يعتزم‭ ‬المرصد‭ ‬التونسي‭ ‬للاقتصاد،‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬المنتدى‭ ‬والشبكة‭ ‬الافريقية‭ ‬…