2024-06-23

دروس‭ ‬الدعم‭ ‬والتدارك‭ ‬في‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية:  بــيــن‭ ‬الــرفــض‭ ‬والــقــبــول‭..!‬

لاشك‭ ‬أن‭ ‬تهرؤ‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬كانت‭ ‬نتائجه‭ ‬ملموسة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬والمستويات‭ ‬ونخص‭ ‬بالذكر‭ ‬منها‭ ‬تراجع‭ ‬المستوى‭ ‬التعليمي‭ ‬لشق‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬ولعل‭ ‬ذلك‭ ‬نتاج‭ ‬حتمي‭ ‬لتراجع‭ ‬أداء‭ ‬المدرسة‭ ‬العمومية‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تنامي‭ ‬ظاهرة‭ ‬الدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬وتزايد‭ ‬نسقها‭ ‬بطريقة‭ ‬باتت‭ ‬تشي‭ ‬ربما‭ ‬بأنها‭ ‬كادت‭ ‬تصبح‭ ‬جزءا‭ ‬لايتجزأ‭ ‬من‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬وأصبحت‭ ‬شرا‭ ‬لابد‭ ‬منه‭ ‬لتدارك‭ ‬نقائص‭ ‬التعليم‭.‬

لعل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬الدّروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬وما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دلالات‭ ‬وابعاد‭ ‬وما‭ ‬انتجته‭ ‬من‭ ‬تحاليل‭ ‬وقراءات‭ ‬متعددة‭. ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬اسالت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحبر‭ ‬وكانت‭ ‬محل‭ ‬انتقادات‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬رفضها‭ ‬واستحسان‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬قبولها‭… ‬وبين‭ ‬الرفض‭ ‬والقبول‭ ‬تتعدد‭ ‬التحليلات‭ ‬والتفسيرات‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر‭ ‬وكلها‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬مصلحة‭ ‬التلميذ‭ ‬ومدى‭ ‬جدوى‭ ‬دروس‭ ‬الدعم‭ ‬والتدارك‭ ‬من‭ ‬عدمها‭..‬

حيث‭ ‬تعمد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬خلال‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية‭ ‬إلى‭ ‬إلحاق‭ ‬منظوريها‭ ‬بحصص‭ ‬الدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬لترسيخ‭ ‬المعارف‭ ‬والمهارات‭ ‬المكتسبة‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬وتدارك‭ ‬النقائص‭ ‬والتهيؤ‭ ‬للسنة‭ ‬الموالية‭ ‬بحثا‭ ‬منها‭ ‬دائما‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬المكتسبات‭ ‬العلمية‭ ‬لمنظوريها‭ ‬خاصة‭ ‬واننا‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬المكتسبات‭ ‬والمعارف‭ ‬العلمية‭ ‬الضرورية‭..‬وليس‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المبالغة‭ ‬القول‭ ‬بان‭ ‬شقا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬بمجرد‭ ‬انتهاء‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬يدخل‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬ماراطون‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مؤسسات‭ ‬خاصة‭ ‬للدعم‭ ‬لإلحاق‭ ‬منظوريها‭ ‬بصفوفها‭ ‬وضمان‭ ‬سيرورة‭ ‬العملية‭ ‬العلمية‭ ‬وعدم‭ ‬توقفها‭ ‬بتعلّة‭ ‬عدم‭ ‬النسيان‭ ‬وبتعلة‭ ‬ان‭ ‬الانقطاع‭ ‬عن‭ ‬التعلم‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬كفيل‭ ‬بمحو‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬التلميذ‭.‬

والحال‭ ‬تلك‭ ‬وفي‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬السبل‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬المكتسبات‭ ‬العلمية‭ ‬للتلميذ‭ ‬وتطوير‭ ‬تحصيله‭ ‬العلمي‭ ‬،لاشيء‭ ‬يتبدّل‭ ‬أو‭ ‬يتغيّر‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬بعض‭ ‬التلاميذ‭ ‬في‭ ‬العطلة‭ ‬الصيفية‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬فرصتهم‭ ‬للترفيه‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬وتوديع‭ ‬سنة‭ ‬دراسية‭ ‬لاستقبال‭ ‬أخرى‭ ‬بدماء‭ ‬جديدة‭ ‬وباكثر‭ ‬دافعيّة‭ ‬وحيوية‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭ ‬ولكن‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬ماهو‭ ‬عليه‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬شق‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬،في‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استغراب‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬أو‭ ‬هذه‭ ‬االعقليةب،‭ ‬نقول‭ ‬هذا‭ ‬لان‭ ‬المتأمّل‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬المدرسة‭ ‬والتعليم‭ ‬عموماً‭ ‬يلاحظ‭ ‬حجم‭ ‬الخراب‭ ‬والتهالك‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬و‭ ‬إن‭ ‬تعددت‭ ‬أسبابه،‭…‬الا‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬سببا‭ ‬مباشرا‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬امصلحة‭ ‬التلميذب‭ ‬وتدني‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬والمعرفي‭ ‬والمؤشرات‭ ‬والأرقام‭ ‬التي‭ ‬تكشفها‭ ‬نتائج‭ ‬المناظرات‭ ‬الوطنية‭ ‬كفيلة‭ ‬بتثبيت‭ ‬ذلك‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التصنيفات‭ ‬العالمية‭ ‬لأداء‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬التونسية‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬فتراجع‭ ‬أداء‭ ‬المنظومة‭ ‬التربوية‭ ‬يتحمل‭ ‬تبعاته‭ ‬بدرجة‭ ‬أولى‭ ‬الولي‭ ‬إذ‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مجبرا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التّضحيات‭ ‬لتدارك‭ ‬إخلالات‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬يتحمّل‭ ‬أيّ‭ ‬قسط‭ ‬من‭ ‬مسؤوليّتها،‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬يلهث‭ ‬وراء‭ ‬الدّروس‭ ‬الخصوصيّة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬ذ‭ ‬فصل‭ ‬راحة‭ ‬التلميذ‭ – ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭ ‬ما‭ ‬جنته‭ ‬الخيبات‭ ‬في‭ ‬قلاع‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬على‭ ‬التلاميذ‭ ‬وعلى‭ ‬الولي‭ ‬إنما‭ ‬جعلت‭ ‬العائلات‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضيق‭ ‬بلغت‭ ‬مبلغا‭ ‬عظيما‭ ‬وهي‭ ‬تسعى‭ ‬جاهدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظرف‭ ‬اجتماعي‭ ‬واقتصادي‭ ‬حاد‭ ‬لتوفير‭ ‬مصاريف‭ ‬الدروس‭ ‬الخصوصية‭ ‬والتحضير‭ ‬أيضا‭ ‬لمصاريف‭ ‬السنة‭ ‬الدراسية‭ ‬المقبلة‭ ‬زائد‭ ‬مصاريف‭ ‬االخلاعةب‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المصاريف‭ ‬الجانبية‭ ‬الأخرى‭ ‬القارة‭ ‬والفجئية‭…‬

‭ ‬يقول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬التونسية‭ ‬لجودة‭ ‬التّعليم‭ ‬سليم‭ ‬قاسم‭ ‬ونحن‭ ‬نتحدّث‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الطّفل‭ ‬في‭ ‬الرّاحة‭ ‬والتّرفيه،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستحضر‭ ‬أمرين‭ ‬متكاملين‭ ‬على‭ ‬غاية‭ ‬من‭ ‬الأهمّيّة،‭ ‬أوّلهما‭ ‬أن‭ ‬التّرفيه‭ ‬ليس‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاته،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مرحلة‭ ‬ضروريّة‭ ‬لتجديد‭ ‬الطّاقة‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬النّشاط‭ ‬بأكثر‭ ‬دافعيّة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬الفعل‭ ‬والإنجاز،‭ ‬أمّا‭ ‬الأمر‭ ‬الثّاني،‭ ‬فهو‭ ‬أنّ‭ ‬الكائن‭ ‬الإنسانيّ‭ ‬هو‭ ‬كائن‭ ‬متعلّم،‭ ‬وأنّ‭ ‬فعل‭ ‬التّعلّم‭ ‬هو‭ ‬فعل‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له،‭ ‬يبدأ‭ ‬منذ‭ ‬الدّقائق‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولا‭ ‬يتوقّف‭ ‬لحظة‭ ‬واحدة‭ ‬حتّى‭ ‬نهايتها‭.‬

ويضيف‭ ‬سليم‭ ‬إنّه‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬اليوم،‭ ‬وقد‭ ‬شارف‭ ‬الرّبع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬على‭ ‬نهايته،‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬يحتدم‭ ‬فيه‭ ‬صراع‭ ‬الأمم‭ ‬على‭ ‬اكتساب‭ ‬المعارف‭ ‬والأخذ‭ ‬بناصية‭ ‬العلوم،‭ ‬مضطرّين‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬أهمّيّة‭ ‬مواصلة‭ ‬الطّفل‭ ‬تعلّمه‭ ‬خلال‭ ‬العطلة‭ ‬الصّيفيّة،‭ ‬وذلك‭ ‬أمام‭ ‬نزعة‭ ‬حقوقويّة‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تقويض‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬ينهض‭ ‬بمستقبل‭ ‬أمّتنا،‭ ‬وتروج‭ ‬لأن‭ ‬تعليم‭ ‬الطّفل‭ ‬خلال‭ ‬العطلة‭ ‬الصّيفيّة‭ ‬يعتبر‭ ‬اعتداء‭ ‬على‭ ‬حقّه‭ ‬في‭ ‬اللّعب،‭ ‬وكأنّه‭ ‬ليس‭ ‬بالإمكان‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الأمرين،‭ ‬مثلما‭ ‬روّجت‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬لفكرة‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الامتحانات‭ ‬والتّقييم‭ ‬لأنّ‭ ‬فيها‭ ‬إرهاقا‭ ‬للتّلميذ‭ ‬والوليّ،‭ ‬ومثلما‭ ‬روّجت‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬وبنجاح‭ ‬كبير‭ ‬للأسف،‭ ‬لأنّ‭ ‬إكساب‭ ‬الطّفل‭ ‬مهنة‭ ‬أو‭ ‬صناعة‭ ‬أمر‭ ‬محرّم‭ ‬قبل‭ ‬بلوغه‭ ‬الثامنة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬أجيالا‭ ‬كاملة‭ ‬غير‭ ‬متقبّلة‭ ‬لفكرة‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬عليه‭.. ‬وللأسف‭ ‬الشّديد،‭ ‬فإنّ‭ ‬هذه‭ ‬النّوايا‭ ‬اللّئيمة‭ ‬المتستّرة‭ ‬بالشّعارات‭ ‬البرّاقة‭ ‬تجد‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬ينخدع‭ ‬بها‭ ‬ويتبنّاها‭ ‬غير‭ ‬مدرك‭ ‬لخطورتها‭ ‬ولعواقبها‭ ‬الوخيمة‭..‬

ويؤكد‭ ‬رئيس‭ ‬الجّمعية‭ ‬التونسية‭ ‬لجودة‭ ‬التّعليم‭ ‬ان‭ ‬العلوم‭ ‬العصبية‭ ‬العرفانيّة‭ ‬التي‭ ‬تدرس‭ ‬ميكانيزمات‭ ‬نشاط‭ ‬الدّماغ‭ ‬البشريّ،‭ ‬وخاصّة‭ ‬منها‭ ‬ميكانيزمات‭ ‬التّعلّم‭ ‬واكتساب‭ ‬المعارف‭ ‬والخبرات‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها،‭ ‬قد‭ ‬حسمت‭ ‬المسألة‭ ‬نهائيّا‭ ‬وجعلت‭ ‬مجرّد‭ ‬الحديث‭ ‬أمرا‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬منه‭: ‬فالدّماغ‭ ‬البشريّ،‭ ‬وخاصّة‭ ‬دماغ‭ ‬الطّفل،‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التّعلّم‭ ‬الدّائم،‭ ‬وكل‭ ‬قطع‭ ‬لعمليّة‭ ‬التّعلّم‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬اضطراب‭ ‬في‭ ‬نسق‭ ‬هذا‭ ‬التّعلّم‭ ‬وفقدان‭ ‬لجزء‭ ‬ممّا‭ ‬تمّ‭ ‬تعلّمه‭ ‬وحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬إضافيّ‭ ‬لاسترجاع‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬المفقود‭ ‬عند‭ ‬استئناف‭ ‬التّعلّم‭.. ‬فما‭ ‬هو‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬حال‭ ‬التّلميذ‭ ‬التّونسيّ؟؟‭ ‬إنّ‭ ‬دروسه‭ ‬تتوقّف‭ ‬فعليّا‭ ‬طيلة‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬سنويّا‭ (‬من‭ ‬أواسط‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬إلى‭ ‬أواسط‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭)‬،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ننسى‭ ‬عطل‭ ‬الثّلاثيّات‭ ‬التي‭ ‬أضفنا‭ ‬إليها‭ ‬بدعة‭ ‬عطل‭ ‬أنصاف‭ ‬الثّلاثيّات،‭ ‬والعطل‭ ‬الدّينيّة‭ ‬والعطل‭ ‬الرّسميّة‭ ‬وعطل‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬وعطل‭ ‬المرض‭ ‬والعطل‭ ‬الاستثنائيّة‭ ‬وكلّ‭ ‬ما‭ ‬تنجح‭ ‬عبقريّتنا‭ ‬الفذّة‭ ‬في‭ ‬اختراعه‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬العطل؟‭ ‬لقد‭ ‬صار‭ ‬التّعلّم‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬أشبه‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬بسباق‭ ‬الموانع،‭ ‬وأوشك‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬المجازي‭ ‬لفرط‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬ضروب‭ ‬التّعطيل‭ ‬وأصناف‭ ‬العبث‭.‬

لذلك،وفق‭ ‬سليم‭ ‬قاسم‭ ‬حين‭ ‬يتولّى‭ ‬الوليّ‭ ‬التّونسيّ‭ ‬كعادته،‭ ‬المبادرة‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تدارك‭ ‬الثّغرات‭ ‬التي‭ ‬تخلّفها‭ ‬منظومتنا‭ ‬التّربويّة،‭ ‬وذلك‭ ‬بتوفير‭ ‬دروس‭ ‬تدارك‭ ‬ودعم‭ ‬أو‭ ‬دروس‭ ‬خصوصيّة‭ ‬لابنه‭ ‬أو‭ ‬لابنته،‭ ‬فالأولى‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بشكره‭ ‬لا‭ ‬بلومه،‭ ‬والأولى‭ ‬كذلك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكثّف‭ ‬مؤسّسات‭ ‬الدّولة‭ ‬التّربويّة‭ ‬والشّبابيّة‭ ‬والرّياضيّة‭ ‬أنشطتها‭ ‬التّعليميّة‭ ‬والثّقافيّة‭ ‬الهادفة،‭ ‬وأن‭ ‬تركّز‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬خاصّة‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬مهارات‭ ‬الحياة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬مكتسبات‭ ‬المتعلّمين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المواد‭. ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬آخر،‭ ‬فإنّه‭ ‬من‭ ‬الضّروريّ‭ ‬أن‭ ‬يتمّ‭ ‬إنجاز‭ ‬تقييم‭ ‬دقيق‭ ‬وصارم‭ ‬للمشاريع‭ ‬المتعدّدة‭ ‬التي‭ ‬أنفقت‭ ‬عليها‭ ‬الدّولة‭ ‬ملايين‭ ‬الدّينارات‭ ‬بعنوان‭ ‬توفير‭ ‬محتويات‭ ‬تعليميّة‭ ‬رقميّة‭ ‬ذات‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬لكافة‭ ‬بنات‭ ‬تونس‭ ‬وأبنائها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬والأماكن‭ ‬والأوقات،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬ثبت‭ ‬فشله‭ ‬أو‭ ‬تسبّبه‭ ‬في‭ ‬إفشال‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الرّائد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سيقدّم‭ ‬خدمات‭ ‬جليلة‭ ‬للتّلميذ‭ ‬التّونسيّ‭ ‬خلال‭ ‬العطلة‭ ‬الصّيفيّة‭.‬

وأخيرا،‭ ‬يؤكّد‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬إنفاق‭ ‬التّلميذ‭ ‬لساعتين‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬عطلته‭ ‬لترسيخ‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬اكتسبها‭ ‬أو‭ ‬لاستكشاف‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬جديدة‭ ‬لن‭ ‬يفسد‭ ‬عليه‭ ‬عطلته‭ ‬بل‭ ‬سيعلّمه‭ ‬معاني‭ ‬الانضباط‭ ‬والدّقّة‭ ‬والتّعويل‭ ‬على‭ ‬الذّات‭ ‬وتحمّل‭ ‬المسؤوليّة،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬مجهودات‭ ‬الأولياء‭ ‬الحريصين‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬أبنائهم‭ ‬ورفدهم‭ ‬بخطّة‭ ‬وطنيّة‭ ‬متكاملة‭ ‬تصالح‭ ‬الطّفل‭ ‬التونسيّ‭ ‬مع‭ ‬التّعلّم‭ ‬ليصير‭ ‬هذا‭ ‬التّعلّم‭ ‬القاعدة‭ ‬لا‭ ‬الاستثناء،‭ ‬والأداة‭ ‬الرّئيسيّة‭ ‬لبناء‭ ‬مستقبل‭ ‬الفرد‭ ‬والأمّة‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بسبب تراجع  أداء المؤسسة التربوية العمومية : المعاهد والإعداديات النّموذجيّة تبقى الهاجس الأكبر  ..!

انطلقت أمس الجمعة  عملية الإعلان عن نتائج «السيزيام»عبر الإرساليات القصيرة ، وتزيّنت مواقع…