2024-06-23

عن سدّ الشغور في المناصب الوزارية: المهم والأهم…

فتح حدث إقالة وزير الشؤون الدينية من منصبه بعد عودته مباشرة من الحج الباب على مصراعيه امام قراءات متعددة ومتناقضة تحوم مجملها حول مسألة تبوّئ المناصب العليا في الدولة باعتبارها تكليفا وخدمة لعموم التونسيين وليست تشريفا. كما حفّز أسئلة شتى بشأن وجود شغور في بعض الوزارات.

وهو أمر يحتاج الى التفكير والتدبر لاسيما ونحن في سنة انتخابية بامتياز وبلادنا قاب قوسين أو أدنى من استحقاق مهم ألا وهو الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الخريف المقبل.

كما ان تحفيز محركات الاقتصاد في هذه الفترة يبدو من أولويات رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي مافتئ  يدعو رئيس الحكومة واعضائها إلى التعجيل بالمشاريع الاقتصادية والتنموية لتحقيق رفاه المواطنين وتحسين ظروف عيشهم وبالتالي فإن التعجيل بسد الشغورفي المناصب المهمة أصبح اكثر من ضروري.

فهل من المعقول مثلا ان نكون في خضم موسم المهرجانات والتظاهرات الثقافية الكبرى ولم يتم تعيين وزير للثقافة منذ اقالة الوزيرة السابقة   من منصبها علما وان السيد المنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتولى هذا المنصب بالنيابة وهو الذي يقوم بمهام عديدة ونحن في نهاية سنة جامعية وامام تحديات مهمة في مجال البحث العلمي ومع تغيير الهياكل في عديد المؤسسات الجامعية ولديه عديد الملفات الحارقة في وزارته الاصلية تماما كما ان هناك ملفات بالغة الأهمية مطروحة على وزارة الشؤون الثقافية.

والأمر نفسه ينطبق على الشغور الحاصل في وزارة النقل منذ مدة بعد اقالة الوزير السابق وقد تولت السيدة سارة الزعفراني وزيرة التجهيز والإسكان هذه المهمة بالنيابة وهي التي تشرف على عديد المشاريع الكبرى في مجال اختصاص وزارتها . كما ان وزارة النقل من الوزارات الحيوية التي تحتاج تفرغا للملفات المطروحة فيها وبالتالي فإنه من الحتمي ان يتم سد هذه الشغورات في اقرب الآجال حتى يتفرغ الجميع للعمل وهو الرهان الذي ينبغي ان يكون نصب أعيننا جميعا من اجل تجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا.

كما ان المقاربات التي يطرحها رئيس الجمهورية من أجل النهوض في كل المجالات يقتضي توفر فريق حكومي من كفاءات نوعية تقدم بدائل في القطاعات التي تشرف عليها وتعمل بمنطق ان المنصب الوزاري هدفه خدمة التونسيين وليس تشريفا وحظوة مخصوصة لهذه الشخصية أو تلك.

اما بالنسبة الى وزارة الشؤون الدينية فإن فصل المقال في شأنها  ينبغي ان ينطلق من طرح إشكالية عميقة  من زاوية أهميتها وماهية وجودها من الأساس بعيدا عن تصفية الحسابات الضيقة وتوجيه سهام النقد الى هذا الطرف أو ذاك ودون الخوض في معضلة الحج هذه السنة وملابساتها وقد تم التطرق في كل المنابر الإعلامية الى هذه المسألة بإسهاب وإطناب. ولا نرى موجبا للعودة اليها. لكن ما ينبغي التفكير فيه حقا هو جدوى هذه الوزارة التي تتكلف على المجموعة الوطنية مبالغ طائلة في حين اننا يمكن ان نكتفي بإدارة عامة للحج والعمرة على سبيل المثال مهمتها التنسيق مع السلطات السعودية على امتداد السنة بخصوص تفاصيل هذه المسألة. وتتكفل جامعة الزيتونة بالمسائل التعليمية في المسألة الدينية ويتوجه خريجوها سواء الى الإمامة أو الوعظ في المساجد بينما يمكن توجيه  الإطارات العليا الى التدريس الجامعي او البحث الاكاديمي.

والأكيد اننا مدعوون الآن وربما أكثر من أي وقت مضى الى التقشف ومن الحتمي ان ينطلق هذا من الوزراء حتى يدرك الجميع ان هناك قطيعة تامة مع عقلية التمعش والبحث عن الامتيازات التي سادت على امتداد عقود وان رجال الدولة ديدنهم خدمة المجموعة الوطنية وليس صورتهم الشخصية او مصلحتهم الفردية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تونس داعمة ومتضامنة دوما  مع فلسطين..!

أي سبل لمجابهة الكارثة الإنسانية في  غزة؟ وما هي التدابير اللوجستية الضرورية لإدخال المساع…