على هامش مناظرة «السيزيام»، وزيرة التربية تقدم مقاربتها : نحو توجهات جديدة لحلّ إشكاليات التعليم..!
يبدو أن السيدة سلوى العباسي وزيرة التربية تمضي قدما في اتجاه حلحلة العديد من المواضيع المتصلة بالشأن التربوي وقد اختارت التعاطي بوضوح سواء مع منظوريها او مع وسائل الاعلام من خلال تصريحاتها التي تسمي الأشياء بمسمّياتها ولا تعمد كما يفعل الكثيرون الى اعتماد لغة خشبية تخفي اكثر مما تكشف.
ولعل تصريحها الأخير لإحدى الإذاعات جاء كاشفا للكثير من المسائل وفيه أعربت عن موقفها من بعض القضايا المطروحة اليوم على وزارة التربية وفي مقدمتها ملف المعلّمين النواب. الى جانب الامتحانات الوطنية ومقررات البرنامج المدرسي ومخرجات الاستشارة الوطنية في هذا القطاع.
وفي مسألة اجبارية امتحان «السيزيام» و«النوفيام» المطروحة بقوة الآن على الوزارة من قبيل عديد الأطراف وهي مطلب قسم كبير من الأولياء والتي كانت ملمحا أساسيا من ملامح الاستشارة الوطنية حول التربية باعتباره مطلبا تربويا واجتماعيا أيضا، أكدت وزيرة التربية سلوى العباسي أن مثل هذا التوجه يفرض بالضرورة وجود مسالك توجيه جديدة. وأرجأت البت في هذه المسألة الدقيقة الى المجلس الأعلى للتربية الذي سيتم تركيزه قريبا وستكون له السلطة التقديرية لاتخاذ القرارات المصيرية.
والأكيد اليوم أنه ينبغي التريث في تحديد مصير التلاميذ ودراسة كل الفرضيات المطروحة بشأن التوجهات الجديدة من اجل تطوير المنظومة التربوية وتحسين مردوديتها في اتجاه جودة التعليم وهو المنشود. ولعل تركيز مجلس اعلى للتربية سيكون اللبنة الأولى في هذا الخصوص باعتباره سلطة تقريرية ستحسم في كل المسائل الشائكة.
وهو ما اعتبرته وزيرة التربية بمثابة العملية الجراحية الدقيقة خاصة في ما يتعلق بمراجعة المقررات المدرسية سواء من ناحية المضامين او المناهج او الكمّ او حتى طريقة التدريس، وذلك سعيا لبناء شخصية التلميذ المتصالح مع ذاته وبيئته والقادر على تأصيل مشروعه الذاتي ونحت كيانه وهو المأمول وهذا لا يكون الا بتحفيز ملكة المعرفة النقدية لديه وليس بمراكمة معطيات كثيرة تعتمد الحفظ وسيلة لاكتسابها.
ومن المؤشرات الإيجابية جدا التي طرحتها وزيرة التربية في المقاربة الجديدة هي الانفتاح على الجميع كما قالت سواء من المربّين المباشرين لعملهم التربوي والتعليمي او أولئك الذين أحيلوا على شرف المهنة وهم «ذخيرة هذه المنظومة» او من الباحثين وعلماء الاجتماع المهتمين بالظاهرة التربوية في تكوينها ومناهجها واشكالياتها. والأكيد ان هذه المقاربة ستثري هذا القطاع وستيسّر إمكانات إيجاد الحلول للمعضلات المطروحة عليه راهنا.
وفي سياق متصل وبالنسبة الى ملف مهم جدا وهو ذو صلة بالإطار التربوي وتحديدا ملف المعلمين النواب بدت وزيرة التربية واضحة ودقيقة بل وجهت رسالة جلية لهم مذكرة إياهم بأن مكتبها مفتوح لهم كما كان دائما وانها مستعدة للإصغاء الى مشاغلهم ومشاكلهم وهي منفتحة بالتالي على الحوار معهم سواء كانوا فرادى او مجموعات. لكنها في الآن ذاته استغربت تعويل البعض منهم على أصوات تكيل التهم للوزارة وللنقابات على مواقع التواصل الاجتماعي. ولفتت في هذا الخصوص انتباههم الى ان تعبيرهم عن رأيهم الحرّ متاح ولهم عديد القنوات لذلك سواء عن طريق الحوار المباشر مع سلطة الاشراف او عبر وسائل الاعلام. لكن اعتماد أساليب أخرى هو إخلال بمدونة السلوك للموظف ولا يتسق مع التقاليد التربوية التي دأب عليها الجميع. ومضت الوزيرة محذرة البعض من المعلمين النواب من مغبة استغلال فضاءات التواصل الاجتماعي لتوجيه التهم والشتائم الذي سيقودها إذا تواصل الى فسخ عقود بعض هؤلاء نظرا لإخلالهم بمقومات الاخلاقيات والسلوك السليم للمربّي.
وأكدت في هذا الخصوص ان هناك حرصا كبيرا على قاعدة البيانات التي ستكون مرقمنة من باب التأكيد على الشفافية وعلى تجاوز كل الشوائب التي يمكن تطرأ عليها. وبينت أن هناك جهات من الجمهورية لا تمتلك قاعدة بيانات وهذا ملف كما قالت تشتمّ منه رائحة فساد. فهناك أسماء تدرج وأخرى يتم اقصاؤها وهذا مربط الفرس في ملف المعلمين النواب.
وبينت الوزيرة انها ستحسم هذا الملف في اقرب الآجال على قاعدة الانصاف ، أي انصاف المتعلم أولا ومنحه الحق في أن يدرّسه مربّ ذو كفاءة وفي تمكين المدرس بالتالي من حقوقه المستحقة على قاعدة الجدارة والاستحقاق وليس المحسوبية.
والأكيد أن احدى أكبر معضلات المنظومة التربوية هو الفساد الذي تفشى في بعض مفاصل الوزارة والذي لابد من مجابهته بالصرامة اللازمة وكشفه للعموم ومصارحة المواطنين بكل الإخلالات الموجودة.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …