2024-06-19

في الإجراءات والتدابير الجديدة للتربية : جدّية ومهمة.. في انتظار الإصلاح الشامل

بالتزامن مع نهاية السنة الدراسية أعلنت وزيرة التربية سلوى العباسي أول أمس الاثنين في تصريح لإحدى الإذاعات الخاصة عن اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير العملية وفي وقت وجيز في علاقة بإصلاح المنظومة التربوية بدءا بالمستوى التحضيري، وحسب الوزيرة فان هذه الحزمة من الإجراءات تأتي في إطار تأكيد مصداقية وزارة التربية في تفعيل مخرجات الاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي.

وعموما شملت هذه الإجراءات والتدابير انتفاع أغلب التلاميذ في الأرياف بالمرحلة التحضيرية بصفة مجانية وسيتم في الغرض استغلال قاعات التدريس مساء، وإخضاع تلاميذ السنة الرابعة من التعليم الابتدائي إلى تقييم وصفته الوزيرة بأنه «تقييم موضعي واستشاري لمآل التلميذ سيعتمد شبكة جديدة من المعايير».

إجراء آخر من جملة هذه التدابير أعلنت عنه الوزيرة يتعلق بدعم التعليم التقني وربطه بالتكوين المهني وآفاق التشغيل وذلك من خلال إقرار مستوى جديد وهو السنة السابعة للتعليم التقني ويخص تلاميذ السنة السادسة من التعليم الابتدائي في السنة الدراسية القادمة وسيكون عبر الربط مع المدارس التقنية.

وشملت هذه الإجراءات إحياء تجربة أقسام الآداب النموذجية وتعميم شعبة الفنون على جميع معاهد الجمهورية بعد أن كانت حكرا على معهدين فقط في كامل ولايات الجمهورية. وتفكر حاليا وزارة التربية  بكل جدية في إرساء أقطاب تعليم تقني من خلال استغلال الأرصدة العقارية في المناطق المهمشة لانتشال شبابها من البطالة والانقطاع المدرسي ولتحقيق هذا المشروع سيتم بناء مدارس إعدادية مع معاهد حسب نظام الأقاليم أي بمعدل قطب في كل إقليم وستكون مجهزة بكافة مقومات الإعاشة من مطاعم ونقل خاصة وأن الاعتمادات المخصصة لتنفيذ هذه الفكرة متوفرة بقيمة 50 مليون دينار في شكل قرض للدولة التونسية.

كما تأتي هذه الإجراءات الجديدة  والتي أعلنت عنها أول أمس الاثنين وزيرة التربية سلوى العباسي ، بعد فترة من إصدار منظمة  « كونراد أديناور»  الألمانية  لدراسة تتعلق بواقع التعليم في تونس انطلاقا من  تقارير رسمية صادرة عن هياكل الدولة ببلادنا.

وتفيد الدراسة بأن هناك 109 ألف تلميذ غادروا مقاعد الدراسة سنة 2022  وأن عدد التلاميذ الذين انقطعوا عن التعليم منذ سنة 2011 إلى اليوم قد تجاوز المليون تلميذ وهو رقم مفزع يستدعي إطلاق صفارة الإنذار والانطلاق بالسرعة القصوى في تفعيل كافة مخرجات الاستشارة الوطنية للإصلاح التربوي.

في المقابل أبرزت  الدراسة الصادرة مؤخرا عن منظمة «كونراد أديناور» أن التعليم الخاص تنامى بشكل كبير في تونس وأصبح يشكل ظاهرة جدّية تستحق الدرس وتوفير العلاج والحلول . حيث تضاعف عدد التلاميذ الذين يرتادون هذه المؤسسات التعليمية الخاصة حوالي 6 مرات في الفترة الممتدة ما بين 2010 و 2020.

ونعتقد أن مثل هذه الإجراءات التي أعلنت عنها وزيرة التربية سلوى العباسي، جاءت كرد على هذه الأرقام «المفزعة» في اتجاه إصلاح المنظومة التربوية لأن تصبح المؤسسات التربوية فضاءات جاذبة للتلاميذ وليست طاردة لهم بما سيساهم من الرفع من جودة التعليم في بلادنا والدفع نحو إرساء عدالة شاملة في التعليم العمومي لمختلف الفئات وفي كل الجهات وخلق مواطن شغل إضافية في الأقاليم الخمسة التي من المنتظر أن يشملها البرنامج الجديد وفق الإجراءات المتخذة من قبل وزارة التربية في إطار الإصلاح التربوي.

ونرى أن مثل هذه الإجراءات يمكنها أن تحقق أهدافها المرجوة المحددة مسبقا بالتزامن مع الشروع في تنفيذ البرنامج الشامل للإصلاح التربوي والذي سيشمل إلى جانب المسائل البيداغوجية والزمن المدرسي وغيره من المسائل الهيكلية والتنظيمة والتقنية ، تحسين البنية التحتية للمؤسسات التربوية  وصيانتها وتأمينها لأن تصبح فضاءات جاذبة ومحببة للتلاميذ في المناطق الداخلية والحدودية.

فالارتقاء بجودة التربية والتعليم في تونس يرتكز أساسا على حسن تنفيذ برنامج الإصلاح التربوي الشامل انطلاقا من تفعيل مخرجات الاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي،وتفعيل المجلس الأعلى للتربية الذي من شأنه أن يكون حجر الأساس في المستقبل لكل برنامج إصلاحي في التربية والتعليم ببلادنا والارتقاء بجودة التعليم وقيمة الشهائد العلمية الوطنية وترسيخ العدالة التربوية والتعليمية لكل الفئات وفي كل شبر من أرض الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إنجاح الموسم السياحي مسؤولية مشتركة..!

خلافا لما ذهب إليه بعض الأطراف بالقول بأن دعوة وزير السياحة محمد المعز بلحسين إلى ضرورة تق…