يبدو أن هناك انفراجا اقتصاديا في الأفق تشي به بعض المؤشرات التي تعلن تحسّنا في أكثر من قطاع.

فإلى جانب الحراك الذي تابعناه مؤخرا على مستوى المنتديات الاقتصادية المهمة التي انعقد بعضها في بلادنا أو شاركت تونس في حضور فعالياتها في الخارج، فإن الموسم السياحي أعلن عن بدايات مبشرة من خلال بداية توافد السياح على بلادنا بأعداد جيدة منذ بداية عام 2024 وفقد بلغ عدد الوافدين على تونس إلى حدود 10 جوان الجاري ما يزيد عن ثلاثة ملايين سائح وهو رقم جيد ونحن لم نبلغ موسم ذروة قدوم السياح الذي غالبا ما يكون خلال شهري جويلية وأوت من كل سنة.

كما أن هناك تحسنا ملحوظا بنسبة 5,5 بالمائة بالمقارنة مع الفترة ذاتها من السنة المنقضية. بل انها تجاوزت السنة المرجعية بنسبة نمو بلغت 9 بالمائة.

وعلى هذا الأساس من المنتظر أن يبلغ عدد السياح حتى نهاية السنة الجارية 10 ملايين سائح وفق تقديرات وتوقعات وزارة السياحة وذلك حسب ما جاء على لسان مدير الدراسات بالديوان الوطني للسياحة في تصريحات إعلامية .

وذلك بالنظر إلى المؤشرات الواعدة التي انطلق بها الموسم السياحي ويمكن أن نعتبر أن ما يحدث في هذا القطاع بمثابة «الصحوة» بعد الركود الذي خلفته جائحة كورونا وما تلاها وقد عدنا منذ السنة الماضية الى مؤشرات السنة المرجعية 2019.

إذن إذا كان العام الماضي عام تعافي السياحة التونسية فإن السنة الحالية هي سنة الإقلاع في هذا القطاع الذي يعد أحد الروافد الأساسية للاقتصاد التونسي.

وليس هذا فحسب فمؤشرات  القطاع الفلاحي تبشّر بالخير أيضا خاصة صادرات زيت الزيتون والتمور والقوارص.

فقد بلغت نسبة تطور كمية  الصادرات بالنسبة إلى زيت الزيتون في الموسم الحالي 2023 / 2024 حوالي 12,26 بالمائة. وذلك مقارنة بالموسم الماضي. أما بالنسبة الى تطور قيمتها فقد بلغت رقما مهما وهو 88,8 بالمائة.

وفي سياق متصل تم تسجيل تطور إيجابي بالنسبة إلى قطاع التمور من حيث الكمية حيث تم تسجيل زيادة بـ2,7 بالمائة ومن حيث القيمة تم تسجيل حوالي 7,8 بالمائة.

ولم يشذ قطاع القوارص عن هذه القاعدة الذهبية فقد ارتفعت الكمية المسجلة بنسبة مهمة وصلت الى 11,8 بالمائة اما القيمة فقد ارتفعت بالتبعية أيضا.

وتشير كل هذه المعطيات إلى ان الاقتصاد التونسي يسير نحو التعافي بخطى ثابتة وأن الأزمة الخانقة التي مرت بها تونس نتيجة عديد العوامل تمضي نحو الانفراج خاصة وان بلادنا التزمت بسداد ديونها في الوقت المناسب وحافظت كذلك على أرقام توريد من العملة الصعبة تعد جيدة بالمقارنة مع البلدان التي تمر بوضعيات اقتصادية صعبة.

فلا ننسى ان هناك عددا من الخبراء في المجال الاقتصادي ظلوا يحذّرون من شبح الإفلاس وان السيناريو اليوناني طرحه الكثير من المختصين وكذلك من المراهنين على فشل المسار التونسي. لكن من الواضح ان هذه التحاليل لم تكن دقيقة إذا افترضنا النوايا الطيبة وأنها كانت في بعض الأحيان مغرضة وغير علمية.

والواضح اليوم أن  العراقيل والصعوبات التي مرت بها تونس طوال عقد من الزمن تقاطعت فيها عوامل داخلية مع أخرى خارجية قد  بدأت تتذلّل تدريجيا.

وبالتأكيد لن يحجب عنا هذا بأي حال من الأحوال الظرفية الاقتصادية الصعبة حاليا  غير ان هناك بصيص أمل  بدأ يلوح في الأفق وعلينا ان نتمسك به وان نعمل جاهدين كل من موقعه لإشاعة النور في هذا البلد الذي يستحق ان يحيا تحت الشمس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها

لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد  …