2024-06-15

تونس حاضرة في قمة السبعة الكبار : متفاعلة مع محيطها وخارج دائرة العزلة

من قال إن تونس تعيش عزلة دولية ؟ ومن يصدق ان بلادنا خارج دائرة حسابات الفاعلين الكبار ؟ وهل يكفي ترويج  « مروية العزلة » من قبل الخصوم السياسيين لتخرج تونس من لعبة الأمم ؟

هي أسئلة  تتدثر بالإنكار و لكنها تحمل في طياتها الإجابة.

فالواضح اليوم ان مقولات من قبيل عدم رضا او تحفظ بعض القوى الدولية الفاعلة بشأن المسار السياسي الذي انتهجته تونس منذ 25 جويلية 2021 لا أساس لها من الصحة وان الوقائع ما فتئت تفندها وتدحض كل الحجج الواهية التي يقدمها الخصوم السياسيون.

فقد أثبتت الاحداث المتتالية ان تونس فاعلة في محيطها كما كانت دائما وهي قطعا تتأثر وتؤثر في سيرورة كل ما يحدث. لكن المختلف الآن هو ان صوتها أصبح أعلى من ذي قبل و ان فكرة السيادة والتعامل بندية أصبح اكثر وضوحا في الخطاب السياسي الرسمي الذي كان سواء قبل 14 جانفي 2011 او في المرحلة التي تلت ذلك يركن الى المهادنة او «الديبلوماسية الناعمة» في التعامل مع «الكبار» مفضلا إعلاء منطق البراغماتية او المرونة لتبرير الخضوع والخنوع .

ولكن ما حدث الآن هو ان هناك قطيعة واضحة مع هذا الخطاب وكل السرديات التي تبرره أو تسوّق له.

غير أن وضوح الخطاب الرسمي وانحيازه للسيادة والتعامل الندي سواء مع الاشقاء او الأصدقاء والشركاء لا يعني بأي حال من الأحوال ان تتخلى تونس عن انفتاحها الاقتصادي و السياسي والثقافي على محيطها الإقليمي والعالمي.

بل على العكس من ذلك تماما فتونس تتجه اليوم الى تطوير علاقاتها مع الجميع على قدم المساواة في اطار التبادل البيني للمنافع والمصالح.

وهذا ما يعكسه الحراك الحثيث الذي نلمسه ديبلوماسيا واقتصاديا في الآونة الأخيرة سواء من خلال المؤتمرات والمنتديات المهمة وآخرها منتديين اقتصاديين في غاية الأهمية احتضنتهما تونس الى جانب حضور رئيس الجمهورية في اكثر من فعالية سياسية مهمة جدا على مستوى العالم وآخرها زيارة الدولة التي أداها الى جمهورية الصين الشعبية.

وفي السياق ذاته يتنزل حضور بلادنا في اجتماعات قمة مجموعة الدول الصناعية السبعة والتي توجهت بدعوة لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي قام بتكليف وفد رفيع المستوى يترأسه رئيس الحكومة السيد احمد الحشاني للمشاركة في هذه الفعاليات التي انعقدت  بإيطاليا   يوم 14 جوان الجاري .

والأكيد ان هذا الحراك الحثيث يشي بأن هناك إمكانات كبرى وفرصا متاحة لتونس لتحقق إقلاعها  الاقتصادي المأمول.

ويتحدث بعض الخبراء في الاقتصاد عن مشروع تونسي كبير لتزويد أوروبا بالطاقة الشمسية وهو سيكون من المشاريع العملاقة التي يمكن المراهنة عليها لتحقيق قفزة اقتصادية نوعية. كما يجري الحديث عن اتفاقيات وقعتها بلادنا مؤخرا مع شركات عربية و كذلك أوروبية بشأن إنشاء حقول كبرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالتوازي مع محطات لتحلية مياه البحر.

والأكيد ان مثل هذه المشاريع العملاقة ستجعل من تونس منتجا مهما ورقما صعبا في انتاج الطاقات النظيفة والصديقة للبيئة وهذا في اتساق تام مع الخصوصيات البيئية والطبيعية لتونس وتماشيا مع امكانياتها الحضارية ومع كفاءاتها البشرية النوعية.

وكل هذه المعطيات المبشرة والايجابية إذا ما تم الاشتغال عليها جيدا وتسويقها بالطريقة الفضلى ستكون ردا حاسما وقويا على كل المشككين في إمكانات تونس والمراهنين على فشلها. وليس هذا فحسب بل ستكون هذه بمثابة الخطوة الجادة والايجابية في الاتجاه الصحيح أي الاتجاه نحو المستقبل الأفضل لتونس وابنائها الذين تليق بهم حياة أجمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المجلس الأعلى للتربية يرى النور : نحو إصلاح جذري عميق للمنظومة التربوية

أخيرا تحددت ملامح المجلس الأعلى للتربية بعد صدور مرسوم في الرائد الرسمي في هذا الخصوص والأ…