نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي يجتمع مع محافظ البنك المركزي و وزيرة المالية لإعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أم لترسيخ خيار التعويل على الذات ؟
أثار لقاء وزيرة المالية بمقرّ الوزارة بالسيّد «إيريك ماير» نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكية بحضور السفيرالأمريكي بتونس جوي هود عديد التساؤلات خاصة وانهما أجريا لقاء آخر مع محافظ البنك المركزي التونسي بمقر البنك. ومردّ التساؤلات أسباب هذه اللقاءات وهل لها ارتباط بتجديد العلاقة مع صندوق النقد الدولي الذي تعطلت المفاوضات معه منذ سنة 2020 بخصوص إبرام برنامج تمويل جديد،حيث بقيت الوضعية عالقة رغم التوصل الى اتفاق على مستوى الخبراء في أكتوبر 2022 ولم يتم تتويجه باسداء تونس قرضا بـ1,9 مليار دولار. وما يؤكد ايضا أن العلاقة مع صندوق النقد الدولي ليست في أحسن حالاتها أنه أسند يوم 5 جانفي 2024 تصنيفا سلبيا لتونس ووضعها ضمن قائمة سلبية إلى جانب دول اخرى. وحسب المعطيات المتوفرة فان ذلك بسبب تأخّر استكمال تونس وممثلي الصندوق المشاورات بموجب المادة الرابعة المتعلّقة بمراجعة الآداء الاقتصادي التونسي وذلك بالنظر لقرار الحكومة التونسية نهاية سنة 2023 إعلان عدم جاهزيتها لاستقبال وفد مشاورات من صندوق النقد الدولي كانت مرتقبة من 5 إلى 17 ديسمبر 2023. علاوة على ذلك فإن عديد التصريحات السابقة كانت قد دعت المؤسسات المالية الدولية ووكالات الترقيم السيادي لإحترام سيادة الدولة التونسية واستقلالية قرارها، وأن تونس لم تعد تقبل سياسة الاملاءات القائمة على التدخل في شؤونها مقابل الحصول على التمويلات الخاريجية المشروطة.
وفي المقابل رفعت تونس شعار الاعتماد على الذات في تحصيل الموارد المالية المطلوبة وهذا الأمر عينه الذي اكدت عليه وزيرة المالية في هذا اللقاء.حيث ابرزت أنّ سياسة التعويل على الذّات هي خيار وطني تسعى تونس من خلاله إلى تكريس السيادة الوطنية والحدّ من عجز الميزانيّة والتقليص من حجم التداين العمومي الخارجي وإلى استعادة قدرتها على تحقيق انتعاشة اقتصاديّة مرتقبة، واستعادة القطاعات الإنتاجية لحيويتها في الفترة القادمة.
ومن جهة أخرى مثلت العلاقة مع الدول الصديقة لتونس والعلاقة مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية محور المحادثات ايضا في اللقاء الذي جمع محافظ البنك المركزي بالسيّد «إيريك ماير» نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكية، والسيد جوي هود سفير الولايات المتحدة الأمريكيّة حيث شدّد السيد المحافظ على أهمية دعم الدول الصديقة لتونس في مواجهة مختلف التحديات، بما يتلاءم مع سياستها الوطنية وبما يحفظ سيادتها وخاصة على مستوى تنويع مصادر التمويل الخارجي وتوفير التمويلات الضرورية التي من شأنها تعزيز قدرة الإقتصاد على التكيّف مع مختلف العوامل الداخلية والخارجية وتطوير نسب النمو. كما تمّ التطرق إلى علاقات الدولة التونسية مع المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولي، حيث ذكّر السيد النوري بمتانة العلاقات التي تجمع الطرفين وذلك على الرّغم من تعطل المفاوضات منذ سنة 2020 مؤكدا في هذا الصّدد على أهمية مراعاة الصندوق لخصوصيات كل دولة وخاصة الجانب الاجتماعي، نظرا لأنّ الدول التي تسعى للاقتراض هي في الواقع تبحث عن التمويل المفيد والموجه للتنمية. أما بالنسبة لتأخر المشاورات مع صندوق النقد الدولي بعنوان المادة الرابعة فقد أشار السيد المحافظ إلى إيفاء تونس بتعهداتها المالية إزاء مختلف المانحين، مؤكدا على العلاقات الجيدة والمتينة للبلاد مع كافة الأطراف والجهات المانحة.
و في هذا الصدد وفي تصريح اذاعي حول إعادة المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي من خلال هذه اللقاءات التي تمت قال أستاذ الإقتصاد آرام بالحاج أنه لا يعتقد أن اللقاء الذي حدث مع محافظ البنك المركزي أو مع وزيرة المالية يندرج في إطار إعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لكنه أبرز في المقابل أنه إذا كان الأمر كذلك فمن المحبذ أن تذهب تونس في هذا الاتجاه. وانه اذا كان الهدف من هذه الزيارة هو إيصال صوت تونس سياسيا عن طريق الدول الفاعلة في صندوق النقد الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية فهذا تمش محمود وفق تعبيره. ولكنه لا يعتقد ان هذه الزيارة أو تبادل وجهات النظر تنضوي في سياق إعادة العلاقة من جديد مع صندوق النقد الدولي أو انطلاق مرحلة جديدة مع هذه الجهة المانحة لافتا في هذا الصدد الى بلاغ وزارة المالية الصادر حول هذا اللقاء والذي اكد على أن تونس ذاهبة في مقاربة التعويل على الذات. كما شدد الخبير على أن هذا الامر تم تأكيده سابقا من رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووزيرة المالية وما يفهم منه انه حاليا لا وجود لعودة لصندوق النقد الدولي سيما وان تونس مازالت في القائمة السلبية بسبب تأخّر استكمال تونس وممثلي الصندوق المشاورات بموجب المادة الرابعة. وشدد أستاذ الاقتصاد على أنه من السابق لأوانه الحديث عن إعادة العلاقة أو المفاوضات على أساس جديد مع الصندوق رغم أنه شخصيا يعتقد أن الذهاب في برنامج جديد والتفاوض بخصوصه وبمعطيات جديدة دون تخوف هو توجه سليم في ظل الوضعية الحالية وفق قوله.
من أجل تحقيق الأمن الغذائي..
لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …