رهان قد يصعب الايفاء به: استعادة صناعة الورق المدرسي من حلفاء القصرين
عوامل عديدة وتراكمات جمّة حكمت على شركة عجين الحلفاء بالقصرين بالخروج مبكرا من السباق الاقتصادي، لعل أهمها تراجع منتوج الحلفاء نفسه بنسبة كبيرة، بعد حملات غراسة الاشجار المثمرة في سهول القصرين وفوسانة وسبيطلة، وبعد التعقيدات الامنية التي حكمت على جبال الشعانبي وسمامة بالخروج من الخدمة مؤقتا، وأصبح الصعود اليهما لجمع الحلفاء مخاطرة مميتة في أحيان كثيرة.
صحيح ان اهتراء آلات الانتاج وهرم “الماكينات” وانعدام قطع الغيار للصيانة، وتراكم الديون والمشاكل الاجتماعية، وسوء التسيير والتصرف، والسرقات والفساد، قد أثرت كلها على تراجع مردود الشركة الى حدود الانعدام تقريبا وحكم على المعمل بغلق أبوابه عديد المرات في السنوات الاخيرة، لكن الاصح ايضا ان هناك نسقا اقتصاديا حكم على عديد المؤسسات بالاندثار، والشواهد على ذلك كثيرة ليس آخرها عجين الحلفاء، الذي سبقته شركة ستيل وفولاذ منزل بورقيبة وزون قابس وغيرها من المؤسسات التي قد تكون ضحية لخيارات اقتصادية رسمية ممنهجة بقصد اغلاقها او تفليسها او بيعها، او قد تكون ايضا نتاجا لنسق اقتصادي لم تعد قادرة على مسايرته، وهذا ما لم يتم الحسم فيه، خاصة وان هناك محاولات حثيثة لاستنهاض هذه المؤسسات واعادة الحياة لها واعادتها الى الدورة الاقتصادية التي كثيرا ما ساهمت فيها بالكثير.
زيارة رئيس الجمهورية لمعمل عجين الحلفاء بالقصرين يوم 13 جانفي الفارط أعطت دافعا جديدا لاعادة الحياة لماكينات الانتاج المعطلة، وجرت في الشركة مساءلات ومحاسبات كثيرة، وسُجن من سُجن وعُزل من عزل، لكن لا تقارير الى حد اليوم عن عودة النشاط الفعلي للشركة، وما اذا كانت لا تزال تجمع الحلفاء وتعجنها وتصنّعها ورقا للكتابة وكاغطا للاستعمال في المجالات المتعددة.
ما أعاد موضوع عجين الحلفاء هو الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة اول أمس بالقصبة والذي بدا خلال حديثه واثقا من ان الشركة قادرة على انتاج الورق المدرسي للعام القادم، وهو رهان يبدو صعب المنال، خاصة وان وضعها الحالي لا يبشر بامكانية استعادتها لنسق عملها ومعدل انتاجها ولو بربع ما تنتجه سابقا، رغم انها في أحسن حالاتها لم تكن تفي بكل متطلبات السوق التونسية.
بعض البلاغات الصادرة مؤخرا تقول ان الشركة شرعت فعلا في الانتاج وانها بدأت بضخ كميات من الورق نحو بعض المطابع وأن عجلة الانتاج في داخلها بدأت في الدوران من جديد، خاصة في ظل حرص من الدولة على انجاح عملية الاصلاح، وفي ظل مناخ اجتماعي مستقر، وهو ما من شأنه ان يدفع نحو مزيد التشجيع على العمل، خاصة وهي تشغل قرابة الثمانمائة عامل وتساهم بطريقة غير مباشرة في تشغيل قرابة الستة الاف عائلة متوزعة على ولايات القصرين اولا وقفصة وسيدي بوزيد ثانيا، اذ تقوم هذه العائلات بجمع الحلفاء من التلال وبيعها الى الشركة باسعار قادرة على اعاشة عائلات.
لكن السؤال هنا هو هل تقدر الشركة على الايفاء بما يراهن عليه رئيس الحكومة، وتقدر على توفير الورق اللازم لطباعة الكتاب المدرسي للسنة الدراسية القادمة التي لم يبق على انطلاقها الا ثلاثة أشهر تقريبا؟
هو رهان يصعب تحقيقه على ما يبدو، اذا أخذنا بعين الاعتبار الوضع المتردي لوسائل الانتاج والصعوبات الناجمة عن اهتراء الماكينات والتسيب الذي سيطر كثيرا على العقلية الجماعية داخل الشركة، وصعوبة توفير الكفاءات اللازمة لاستعادة نسق الانتاج القديم، لكن يبقى مع ذلك الرهان قائما وقابلا للربح متى توفرت الارادة السياسية والحرص على النجاح وتحقيق هذا الهدف وتمكين تونس من توفير ملايين الدولارات التي كانت تذهب لجيوب تجار أجانب يوفرون طباعة الكتاب المدرسي بأسعار خيالية وبشروط مجحفة ونوعية رديئة.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …