2024-06-13

استحثاث المشاريع العمومية المعطّلة في القطاع الصحي : من أجل تحقيق العدالة في الصحة

تواصل حكومة الحشاني ومختلف هياكل الدولة في القطاع الصحي وجميع الأطراف المتداخلة سعيها لإيجاد حلول ناجعة لتجاوز حالة التعطل التي تشهدها المشاريع العمومية في القطاع الصحي.

ويأتي في هذا الإطار لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي أول أمس الثلاثاء المخصص لمتابعة نتائج الاجتماع الرابع للجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية وخاصة في القطاع الصحي،والتي تشمل بناء مستشفيات جهوية جديدة وتطوير الخدمات الصحية بعدد من المستشفيات.

ولئن تعددت  أسباب تعطل هذه المشاريع العمومية في القطاع الصحي  وتراوحت بين ما هو إجرائي أو مسائل متعلقة بالتمويل أو في ما يخص المسائل اللوجيستية والبيروقراطية الإدارية أو في بعض الأحيان تغيب هذه الأسباب ليحضر بقوة بطء التنفيذ وغياب المتابعة والتطبيق أو خدمة أطراف بعينها «للوبيات» الصحة في القطاع الخاص، فإن المتضرر الأبرز  وبدرجة أولى هو المواطن التونسي والدولة جراء تواصل محاولات «التنكيل» بالمرفق العمومي في القطاع الصحي وإضعافه.   

‎ وكما هو معلوم فقد تم منذ سنة 2022 إحداث اللجنة العليا لتسريع انجاز   المشاريع العمومية حيث كان رئيس الحكومة أحمد الحشاني قد ترأّس الاجتماع الأول لها، وقد تكونت هذه اللجنة بمقتضى مرسوم رئاسي في 19 أكتوبر 2022 بهدف إيجاد الحلول الملائمة لتسريع إنجاز المشاريع العمومية.

‎وجميعنا نتذكر أيضا ما كشفته هذه اللجنة بخصوص وجود معوقات عديدة  تقف أمام التقدم في إنجاز عدد هام من المشاريع التي رصدت لها منذ سنوات مبالغ مالية ضخمة، والتي تشمل خاصة قطاعات الصحة والنقل والبنية التحتية والاستثمار والفلاحة والبيئة والشباب والرياضة.

‎ ومن بين المشاريع المعطّلة في القطاع الصحي على سبيل الذكر لا الحصر «مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان» ومستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز الجامعي بالقيروان وإعادة تهيئة عدد من المستشفيات الحالية في مختلف الجهات وتغيير تصنيفها والارتقاء بجودة الخدمات الصحية المسداة للمرضى بالتوازي مع العمل على تلافي النقائص المسجلة في علاقة بالتجهيزات الطبية اللازمة في عدد من المستشفيات العمومية  وخاصة في المناطق الداخلية وفي مقدمتها «السكانار» فضلا عن توجّه الدولة لبناء مستشفيات جديدة حسب الدراسات المعتمدة وفق حاجيات المناطق حسب الأولوية.

‎فلا يختلف اثنان اليوم حول الدور المحوري لهذه المشاريع العمومية في القطاع الصحي خاصة تلك المبرمجة في المناطق الداخلية وأهمية الطّابع الاقتصادي والاجتماعي والعلمي خاصة  للمشروع النموذجي وطنيا وقاريا، لـ«مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان» لما له من دور محوري وهام في تنمية المناطق المجاورة له وفي إعطاء قدرة تنافسية في عدة مجالات على غرار الخدمات الصحية والصناعات ذات الصلة والسياحة العلاجية. والذي من المنتظر أن يوفّر حوالي 42000 موطن شغل، إلى جانب خلق أسواق جديدة لتصدير المنتجات المبتكرة في المجال الصحي.

‎ ونأمل في الفترة القادمة الشروع الفعلي في أولى مراحل انطلاق انجاز هذه المشاريع لما لها من أولوية خاصة بعد إقرار مجلس وزاري مؤخرا بإحداث شركة خفية الاسم ذات المساهمة العمومية تسمى «شركة مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان» والتي ستتولى إنجاز مختلف الدراسات، وأشغال البنية التحتية، والتعريف والتسويق لمكونات المدينة الطبية، واستغلال الفضاءات المكونة لها، وذلك تحت إشراف وزارة التجهيز والإسكان.

‎ومن شأن مختلف الإجراءات المتخذة مؤخرا من قبل المجلس الوزاري المضيق في 03 أفريل الفارط بالتوازي مع الإرادة السياسية المتوفرة حاليا والتي تتجلى من خلال المتابعة المتواصلة والحرص على تذليل الصعوبات التي تحول دون انجاز هذه المشاريع العمومية أن تساهم بشكل مباشر في استحثاث التقدم في استكمال الدراسات اللازمة والشروع في انجاز هذه المشاريع الاستراتيجية في أقرب الآجال بما يخدم المواطن ويعزز المؤسسات العمومية للدولة خاصة في مجالات حيوية وحساسة كالقطاع الصحي والذي يعدّ وفق تقديرنا قطاعا سياديا.

‎ومن بين هذه الإجراءات المتخذة مؤخرا من قبل حكومة الحشاني وعلى إثر مجلس وزاري مضيّق تدعيم الإدارات بالموارد البشرية اللازمة عبر صيغة الإلحاق، أو الوضع على الذمة للمصلحة العامة في أقرب الآجال، وتسهيل الإجراءات الإدارية والقانونية، وتبسيط إجراءات اتخاذ القرار عبر آلية التفويض، علاوة على ضبط معايير ومؤشرات تساعد على الدقة في ترتيب المشاريع ذات الأولوية، وإحكام التنسيق بين الوزارات في المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي.

ومن شأن هذه المشاريع المختلفة في القطاع الصحي بعد استكمال إنجازها ودخولها حيز الاستغلال أن ترتقي بالخدمات العمومية في القطاع الصحي وتفتح المجال أمام إدخال اختصاصات متعددة جديدة وتساهم بدورها في وضع حد لظاهرة هجرة الإطارات الطبية وشبه الطبية من خلال توفير المناخ الملائم للعمل وتهيئة كل الظروف من بنية تحتية جيّدة مواكبة للتطورات في المجال الصحي وصولا إلى توفير كل التجهيزات الضرورية والمتطورة في المجال الطبي في مختلف الاختصاصات.

وبغاية تحقيق مجمل هذه الأهداف والوصول إلى انجاز هذه المشاريع الاستراتيجية في القطاع الصحي نعتقد أن هناك مسؤولية مشتركة اليوم والتي تتطلب من الجميع دون استثناء وكافة الأطراف المتداخلة القيام بواجباتهم تجاه الدولة والمواطن والعمل بالجدية اللازمة والنجاعة المطلوبة وتحمل مسؤولياتهم التاريخية أمام البلاد و«التوانسة» لإيصال هذه المشاريع إلى برّ الأمان واستكمال إنجازها الكلي لتشرع بدورها  في تقديم خدماتها للمواطنين على أحسن وجه بما يعود بالنفع على الجميع ويساهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية باعتبار أن النهوض بالصحة وبالخدمات الصحية حق دستوري، ومن حق المواطن أن يتمتع بهذا الحق وهو ما يتطلب الإسراع في الإنجاز وتذليل كافة الصعوبات أو العراقيل التي تقف أمام ذلك من منطلق المصلحة العامة وتحقيق العدالة في الصحة للجميع وفي خدمات ذات جودة عالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن المضاربة والاحتكار مرة أخرى..!

مثّلت مختلف مجهودات أسلاك الأمن الوطني والنتائج الايجابية التي أسفرت عنها مؤخرا في التصدي …