تعيش تونس في الآونة الأخيرة على وقع حراك  لا يستهان به في المجال الاقتصادي والسياسي والديبلوماسي ويتجلى خاصة من خلال الملتقيات الاقتصادية المهمةوآخرها  منتدى تمويل الاستثمار والتجارة بإفريقيا في دورته السابعة.

وهذا ما يشير بأن فرضيات التحسن في المجال الاقتصادي ممكنة   سواء في المدى القريب او المتوسط.  ومعلوم أن هناك نشاطا حثيثا في بلادنا من أجل دعم القطاعات التنافسية عبر تعزيز التعاون الثنائي سواء مع الشركاء التقليديين او عبر  تنويع الشراكات  وتطويرها خاصة مع البلدان الإفريقية.

ونظرا لأهمية هذا الحراك الاقتصادي فإنه من المهم المراهنة عليه من أجل الخروج من الظرفية الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد.  وذلك عبر  استثمار الفرص المتاحة على الوجه الأفضل.

فالانفتاح على كل البلدان وتنويع الشراكات  والمراهنة الديبلوماسية الاقتصادية وتوظيف الكفاءات النوعية من اجل ولوج أسواق جديدة يمكن ان يخلق قفزة مهمة في مجال الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد وخروج عديد القطاعات الحيوية من العطالة وبالتالي خلق مواطن شغل وإنتاج الثروة. وهو المأمول اليوم اقتصاديا في تونس. لاسيما وأن الملف الاقتصادي من أوكد الأولويات الراهنة لرئيس الجمهورية قيس سعيد و للحكومة  أيضا كما يبدو من خلال أنشطة أعضائها  او من خلال  التصريحات التي يدلون بها.

والحقيقة ان تونس تملك كل الإمكانات ليس فقط للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة وإنما لتصبح قطبا اقتصاديا في المنطقة المغاربية نظرا لامتلاكها مقومات مهمة للنهوض الاقتصادي وفي مقدمتها امتلاك الذكاء وهي التي «تصدّر» كفاءات ذات جودة في ارقى التخصصات وفي مقدمتها الطب والفلسفة والعلوم بمختلف تفرعاتها.

فالإقلاع الاقتصادي ممكن لكن بشروط وأولها تحسين مناخ الاستثمار والتخفيف من القيود الإجرائية ومن فائض التشريعات ومحاربة البيروقراطية التي اضرّت كثيرا بالمجال الاقتصادي  وكانت وراء التقليص من حجم الاستثمارات الأجنبية او المحلية في بلادنا.

والأكيد ان بلادنا مدعوة الى الاستفادة بشكل كبير من التحولات التي يعيشها العالم اليوم ومن شأنها ان توظف بعض الأحداث لفائدتها.

فالمتغيرات الاقتصادية التي تعصف بعديد الدول غيرت كثيرا من التحالفات وهي بصدد نقل مراكز الثقل الاقتصادي والمالي  من بعض العواصم الى غيرها. كما ان القارة السمراء التي ننتمي اليها أصبحت اليوم قبلة يتنافس عليها الكبار ونظرا لموقعنا الجغرافي المتميز في هذا المجال يمكن ان نكون همزة الوصل بين بعض دول القارة وباقي ارجاء العالم.

في السياق ذاته يبدو ان تونس التي ترنو الى التعامل الند للند مع الجميع وتعمل على تأسيس علاقات بينية تتأسس على المصلحة المشتركة قد غادرت مربع الارتباك الذي تلا 14 جانفي 2011 وما ترتب عنه من توترات سياسية واجتماعية وعدم استقرار سياسي وتعاقب الكثير من الحكومات على السلطة قاد بشكل واضح الى غياب الاهتمام بالملف الاقتصادي.

كما انه لا  ينبغي ان نغفل عن معطيات مهمة في هذا السياق وهي بالتأكيد الاختيارات الخاطئة للحكومات المتعاقبة وغياب الحوكمة الرشيدة وانعدام الرؤى والخطط المستقبلية في القطاعات الاقتصادية الحيوية على غرار الفلاحة والصناعة والطاقة…

ومن الإنصاف القول أيضا ان هناك عديد العوامل الخارجية التي كان لها بالغ الأثر على الاقتصاد التونسي بل على كبريات اقتصاديات العالم ونعني بالتحديد جائحة كورونا التي ما نزال ندفع ثمنها حتى اليوم وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تضع أوزارها حتى اللحظة.

ولكن ما يعنينا الآن هو السعي الحثيث من اجل إعادة الروح الى الاقتصاد التونسي وتحفيز انتعاشته وهو الملف الحارق بامتياز الذي يعني عموم التونسيين وهو مؤشر النجاح بالنسبة اليهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مشاركة تونس في القمة الفرنكوفونية بباريس: نحو ترسيخ العلاقات والبحث عن آفاق جديدة

تسعى تونس جاهدة منذ فترة إلى توسيع شراكاتها وترسيخ علاقاتها مع محيطها الإقليمي والدولي عبر…