لا شك ان هناك عديد الرهانات التنموية المطروحة اليوم على الدولة التونسية في ظل شح الموارد الطبيعية والمالية لذلك وجب رفع التحدي والتعويل على الذات في مختلف المجالات. وهذا هو العنوان الأبرز للسياسة التونسية حاليا.

وهذا يقتضي حقيقة الكثير من الفعل والانجاز في ميدان التنمية وتأتي الفلاحة في تقديرنا في المقام الأول ضمانا للأمن الغذائي للتونسيين وتحقيق الاكتفاء في المواد الأساسية خاصة ذات المصدر الزراعي.

فتونس الموسومة بـ«الخضراء» منذ قديم الأزل وذات الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها تاريخيا من الحواضر القديمة الفاعلة  في حوض المتوسط لا يمكن ان لا تكون رهاناتها كبرى في تحقيق انتاج فلاحي متنوع ومتعدد ووافر فهي مؤهلة بالنظر الى تنوع طبيعتها  ما بين الصحراء والبحر والسهل والجبل والغابة الى انتاج أنواع جيدة من المنتوجات الفلاحية التي من شأنها ضمان حاجيات السكان وتوفير مورد بالعملة الصعبة لإنعاش الميزانية عبر التصدير.

ولعل هذا التذكير مهم للإستلهام منه خاصة في هذه الظرفية الدقيقة اقتصاديا واجتماعيا

فمطمورة روما القديمة تحتاج الى استرجاع وهجها في مجال الزراعة وهذا لا يكون الا باعتماد عوامل أساسية في مقدمتها تغيير الخارطة الزراعية للبلاد التونسية في اتجاه مزيد التطوير والتحسين والتنوع. ثم الرهان على القطاعات الحيوية الثابتة وقد علّمتنا جائحة الكورونا درسا قاسيا بهذا الخصوص.

ففي سياق تغيير الخارطة الفلاحية من المهم التركيز على استصلاح الأراضي في الصحراء وخلق إمكانات الزراعة فيها سواء تعلق الامر بالزراعات الكبرى او بالغراسات المثمرة.

ولعله في هذا الاطار يتنزل مشروع مدينة النويّل التي تحدث رئيس الجمهورية قيس سعيد بشأنها مع رئيس المجلس البنكي والمالي ناجي الغندري مؤخرا.

وكان هذا اللقاء مناسبة ليشدد  رئيس الجمهورية على ضرورة العمل لاستكمال مشروع مدينة النويّل بمعتمدية  دوز من ولاية قبلي وفي هذا الاطار أكد  السيد الغندري ان الاستعدادات لاستكمال هذا المشروع التنموي تمضي بشكل حثيث ليرى النور في اقرب الآجال. والأكيد ان هذا المشروع يمكن ان يكون نموذجا في تلك الربوع ويتم النسج على منواله في باقي مناطق الصحراء التونسية. ولنا في مشروع رجيم معتوق المثال الذي يمكن الاستلهام منه لإحياء الصحراء دون ان نلجأ الى تجارب مقارنة في اقليمنا وهي كثيرة لكن نحن في غنى عن ذلك باعتبار وجود تجربة سابقة لنا.

فلم يعد من المستحيل المراهنة على جعل مناطق الصحراء بمثابة سلة غذاء للتونسيين فهذا ليس من قبيل الخيال العلمي واليوتوبيا.

وتجدر الإشارة إلى أن المجلس البنكي المالي له دور كبير في عديد المشاريع الاجتماعية التي تنهض بالفئات الهشة اقتصاديا وماليا.

وعلى هذا الأساس من المهم ان تتجه أنظارنا الى الجنوب التونسي وان توضع المناطق الصحراوية تحت مجهر الخبراء والمختصين في المجال الزراعي من اجل استصلاح هذه الأراضي والاستثمار فيها. وهنا يمكن ان نربط هذه المقاربة بمسألة تحلية مياه البحر التي هي من المشاريع المطروحة في وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المالية وتتجه النية للتسريع في مثل هذه المشاريع بهدف دعم الاقتصاد الوطني.

والجدير بالذكر ان رئيس الجمهورية قيس سعيد زار  مدينة النويّل في مناسبة سابقة وصرّح بأن «تونس لكل التونسيين من أقصى الشمال الى اقصى الجنوب». و«أن الجنوب جزء من تونس نعتز به ولابد من تطويره وسنوفر له  كل المرافق الموجودة في أي مكان آخر». كما قال أيضا إن «الجنوب التونسي ينبغي أن يأخذ حظه من التنمية في كل المجالات خاصة وأنه يزخر بالطاقات الكبيرة على غرار تونس بأكملها».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها

لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد  …