بسبب التأثيرات الكونية على البيئة: المسؤولية مشتركة من أجل محيط نظيف
بات العالم بأسره يعيش اليوم على وقع أزمة بيئية ثلاثية تتمظهر يوما بعد يوم من خلال التأثيرات المتزايدة للتغيرات المناخية وفقدان التنوع البيولوجي وتفاقم التلوث بجميع أشكاله بما في ذلك التلوث الناتج عن البلاستيك مما يؤثر سلبا على كل الدول وجودة الحياة بها.
ونعلم ان تونس ليست بمعزل عن هذه الظواهر وتدرك هياكل الدولة تمامًا التحديات التي تواجهها وضرورة اتخاذ إجراءات عملية لحماية بيئتنا ومن واجبنا جميعًا كل من موقعه وعلى قدر مسؤوليته مواجهة هذه الاشكاليات والعمل على بناء حاضر ومستقبل مستدامين للأجيال الحالية أو القادمة وهذا ما جاء على لسان وزيرة البيئة في بيان 5جوان 2024 تزامنا مع الاحتفال باليوم الوطني والعالمي للبيئة.
وعلى الرغم من التقدم الذي احرزته تونس في مجال مكافحة آثار التغيرات المناخية وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث بهدف تعزيز وترسيخ مبادئ التنمية المستدامة اين حرصت الحكومة على اعتماد سياسات جريئة في هذا المجال عبر المصادقة الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي بحلول 2050-2035 التي اعدتها وزارة البيئة بالاعتماد على مقاربة تشاركية تهدف الى تحقيق «الرفاه المادي واللامادي للأجيال الحالية والقادمة في اطار تنمية اقتصادية واجتماعية عادلة وشاملة ذات قدرة على الصمود ازاء الازمات والكوارث انخراطا منها في المجهود الدولي الرامي الى تخفيض الانبعاثات من الغازات الدفيئة ودعم صمود الإنسان في مواجهة التقلبات المناخية ويمكن للمطلع على التطورات التشريعية في علاقة بالبيئة والمناخ ملاحظة الرصيد الهام من الاستراتيجيات والمخططات التي عملت عليها تونس في السنوات الأخيرة على غرار استراتيجية الماء 2050 والاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر وإستراتيجية الاقتصاد الأزرق، الا ان الوضع البيئي الوطني يرزخ تحت وقع العديد من الإشكاليات التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولا كما تعاني قطاعات حيوية على رأسها قطاعات الماء والفلاحة والطاقة من إشكالات هيكلية ما انفكت تتراكم منذ انخراط تونس في مخططات الإصلاح الهيكلي للبنك العالمي الدافعة نحو الخوصصة والتموقع في الأسواق العالمية بغض النظر عن الكلفة البيئية والاجتماعية للمشاريع القائمة على استغلال الموارد الطبيعية.
وقد حذرت العديد من منظمات المجتمع المدني من تردي الوضع البيئي منها بالأساس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يذكر في كل مناسبة تتعلق بالبيئة بالمخاطر التي تهددها لا سيما في ما يتعلق بالموارد المائية والتحديات التي تواجهها جراء التغيرات المناخية اذ صنف المعهد العالمي للموارد تونس من أكثر الدول جفافا في أفق 2050 في المقابل يتواصل إسداء التراخيص لشركات تعليب المياه التي تجاوز عددها 30 شركة في أكثر الولايات عطشا كولايات الوسط الغربي بينما يُحرم أكثر من 200 ألف تونسي من حقهم في الماء الصالح للشرب ويتم رفض مطالب حفر الآبار لفلاحي نفس المناطق التي تُسند فيها التراخيص للمستثمرين في قطاع تعليب المياه.
وفي قطاع الطاقة يؤكد بيان المنتدى مواصلة الدولة سياسة الهروب الى الامام في مواجهة تبعيتها الطاقية للغاز الجزائري (بنسبة ٪97) وتُمضي منذ أيام على اتفاقية انتاج الهيدروجين الأخضر مع مجموعة من الشركات العابرة للقارات على أن يتم تصدير ٪80 من الهيدروجين المُنتج لتكرس بذلك تبعيتها لإملاءات المانحين الاوروبيين في سعيهم للإيفاء بتعهداتهم في تخفيض الانبعاثات مقابل استغلال الأراضي وطاقة الشمس والرياح والماء.
اما في قطاع الفلاحة تتواصل تبعية السوق التونسية للمنتجات الغذائية الأجنبية وتستورد البلاد اليوم أكثر من 70 % من حاجياتها من الحبوب و90 % من حاجياتها من القمح اللين بينما يتواصل غزو البذور المستوردة في غياب خطة عمل لوزارة الفلاحة وفق وجهة نظر المنتدى من أجل تكريس مبدإ السيادة الغذائية ودعم وتأطير مبادرات الفلاحة المستدامة وإكثار البذور الأصيلة التي يقودها مجموعة من الفلاحين في عديد المناطق.
ووجب التأكيد على ان مهمة المحافظة على البيئة هي مسؤولية مشتركة وتتطلب انخراطا فعالا لجميع المتدخلين في كل القطاعات وعلى كل مواطن ومواطنة الوعي بنتائج سلوكياته وممارساته اليومية مهما كانت بسيطة على البيئة سواء بتقليص الاستهلاك الطاقي والحد من استعمال البلاستيك أو من خلال دعم المبادرات المحلية في مجال حماية التنوع البيولوجي احتراما للبيئة.
البرنامج الترويجي الجهوي للصناعات التقليدية : إحياء للموروث التقليدي بكامل الولايات
يواصل الديوان الوطني للصناعات التقليدية انجاز البرنامج الترويجي الجهوي للصناعات التقليدية …