142 مليار ستضخ في خزينة الدولة وإجراءات أخرى متوقعة: هل أنهى مجلس المنافسة نصف قرن من الحصانة والحماية التي تمتع بها «الكرتال البنكي»؟
مثل القرار الأخير لمجلس المنافسة بتغريم عدد من البنوك بسبب تجاوزات أثناء جائحة كورونا خطوة جديدة في التعامل مع المؤسسات المصرفية التي لطالما تمتعت بحصانة غير معلنة أتاحت لها تحقيق أرباح هائلة بالتوازي مع تشكيات الحرفاء من العمولات والفوائض المشطة.
وأصدر مجلس المنافسة بتاريخ 29 ماي 2024 قرارا ابتدائيّا قاضيا بإدانة عدد من المؤسسات البنكية وذلك من أجل ارتكابها ممارسات مخلة بالمنافسة على معنى الفصل 5 من القانون عدد 36 لسنة 2015 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 والمتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار، تمثّلت في الاتفاق على توظيف فوائض على القروض المؤجلة أثناء جائحة كورونا، وقد تجاوزت الخطايا المالية مبلغ 142 مليون دينار. كما قضى المجلس «بالكف عن هذه الممارسات وبرفض الدعوى في حق بعض البنوك الاخرى». وأشار المجلس إلى أن «الأبحاث في قضية الحال كانت قد انطلقت بناء على تعهّد المجلس تلقائيا بالممارسات المذكورة».
وكان مرصد رقابة قد أكد في بلاغ أن «مجلس المنافسة تعهّد بقضية الحال بناء على الملف الذي وجهه المرصد إلى المجلس بتاريخ 22 جانفي 2021 حول تشكيل وفاق مخالف للقانون بين البنوك التونسية العمومية والخاصة ترتب عنه توظيف فوائض إضافية مجحفة على أقساط القروض التي تم تأجيل سدادها بمقتضى إجراءات حكومية جرّاء وباء كوفيد19».
وضمن هذا السياق أكد مختص في الشأن البنكي والمالي لـ«الصحافة اليوم» أن الغرامة المسلطة على البنوك سيتم ضخها في خزينة الدولة مشيرا إلى أن الخطايا التي تفرض في مثل هذه الحالات عادة ما يتم تقديرها بنحو 10% من رقم المعاملات. وأضاف أن القروض البنكية واقساط القروض زادت في سياق تعليق سداد ديون الحرفاء أثناء الكورونا وارتفعت إلى 6 مليار دينار بدون موافقة الحرفاء رغم أن الظرف يقتضي حينها أن تتجه نحو الانخفاض، علما وأن الحجم الكلي للقروض البنكية يقدر بحوالي 30 مليار دينار.
واعتبر محدثنا أن تعليق سداد ديون الحرفاء حينها لا معنى له لأن الحجر الصحي فرض على حرفاء البنوك البقاء في المنازل بما أدى إلى تراجع الأنفاق الأسري بنحو 40% وبالتالي فإن البنوك استفادت من هذا القرار من خلال الفوائد البنكية واعادة جدولة القروض على مدى 10 سنوات مما أضر بعديد الحرفاء.
غرامة للبنوك.. ولكن
وتمثل القروض البنكية للعائلات التونسية 40% من اجمالي القروض البنكية وتم توظيف عليها فوائض مشطة ومركبة دون علم الحرفاء أي أن السياق الذي تمت فيه هذه العملية هو سياق اذعان من الحرفاء في ظل علاقة غير متكافئة بين البنوك والحرفاء .
وعلاوة على ذلك فإن الخدمات البنكية تتم في اطار حزمة متكاملة دون موافقة الحريف. كما أكد محدثنا أن البنوك قامت أثناء فترة الكورونا باقتطاع 5 ألاف مليار على الحرفاء وهذه الأموال تمت اضافتها إلى الربح ولم تستفد منها الدولة.
وبالرغم من أن مجلس المنافسة قام بفرض خطايا على عدد من البنوك تناهز 142 مليار من المليمات إلا أنه في واقع الأمر فإن البنوك وظفت على حرفائها عمولات وفوائض بشكل غير شرعي بقيمة 6 ألاف مليار وبالتالي فإن نسبة التغريم لم تتجاوز 2,3% في حين أنها يجب أن تكون عند 10% مع ارجاع الأموال للحرفاء.
لكن النقطة الايجابية في هذه العقوبات هي أنه لاول مرة تقدم السلطات التونسية ولو بصفة محتشمة على المس من الحماية والحصانة التي تمتعت بها البنوك لاكثر من نصف قرن حيث أفاد محدثنا أنه من الواضح أن هذه الخطوة ستتلوها خطوات أخرى تضع حدا للتجاوزات الكرتال البنكي.
بهدف التعريف بها وتبسيط اجراءات احداثها : قريبا اطلاق بوابة إلكترونية خاصة بالشركات الاهلية
تعمل وزارة التشغيل والتكوين المهني على أعداد بوابة الكترونية خاصة بالشركات الاهلية سيتم ا…