2024-06-02

حملة مكثفة  ضدّ «الترسكية» تشنها شركة نقل تونس: استفاقة ضـرورية لـحمايـة «رزق الـبـيلـيـك» .. !

تشهد محطات النقل على اختلاف تصنيفاتها حملة رقابة مكثفة على تذاكر الاستخلاص  حيث تعمل  شركة نقل تونس على التصدي لظاهرة تهرب المسافرين من دفع معاليم التذاكر على متن رحلاتها بمختلف شبكاتها،  في ظل استفحال هذه الظاهرة -ظاهرة عدم دفع المسافرين لمعاليم التذاكر –وانتشارها  لدى شرائح موسّعة من مستعملي وسائل النقل العمومي.

وتعرف بلادنا تمددا واضحا لهذه الظاهرة – تهرب المسافرين من دفع معاليم التنقل على مختلف وسائل النقل العمومية – كما تعرف أيضا حالة من الغضب والاستياء من خدمات النقل العمومي التي باتت لا تحتمل  استنزفت طاقة المواطن ، حيث يكفيه فقط زاد من الصبر لتحمل سفراتها المذلّة والتذرّع لله لبلوغ مقصده بأمان…

فقد اشتدّت وتيرة الرقابة على تذاكر الاستخلاص بالنقل العمومي- حملة على ما يعرف «بالترسكية» –  و انتشر اعوان الرقابة في كل المحطات ومنافذ الخروج منها حرصا على أداء واجبهم على أحسن وجه  . ولابد من الاشارة في هذا السياق الى ان  حملة الرقابة  تشدّ الانتباه من حيث تواصلها  وتواترها لأسابيع  ونأمل ان تكون كذلك  ولا تنسج على منوال سابقتها من الحملات التي عرفتها البلاد خاصة وان العمل الرقابي عرف لسنوات بانعدامه وعدم تواتره  ….

فالذاكرة الجماعية القريبة تشي بان العمل الرقابي مناسباتي  وظرفي  ناهيك انه غاب لسنوات أو ربما كان بوتيرة ضعيفة محتشمة ،  ولكن يبدو أن هناك استفاقة  مطلوبة لما تعنيه من  «الغيرة على رزق البيليك» ونأمل أن لا تكون هذه الرقابة ظرفية لان «الترسكية» لها تأثيراتها المباشرة على شركة النقل العمومي …  فشركة نقل تونس وكما صرح المنتسبون لها في العديد من المناسبات تعاني من أزمة مالية خانقة تعود لأسباب عدة ولعل احد عناصرها ظاهرة «الترسكية» التي تكلف الشركة خسائر تقدر بالمليارات ، ويشكل «المرسكيون» 40 % من إجمالي المسافرين على مختلف خطوط الشركة….

وتفاقم هذه الظاهرة  أدى إلى تراجع حجم أسطول الشركة، مما أدى إلى تراجع المداخيل المباشرة للشركة لتبلغ حوالي 40 مليون دينار سنة 2022 مقابل 70 مليون دينار سنة 2010.وتُعاني الشركة من ديون متراكمة تُهدد مستقبلها، حيث بلغ حجم ديونها 1880 مليون دينار سنة 2022، منها 230 مليون دينار لفائدة البنوك ومزودي قطع الغيار. وتواجه الشركة صعوبة في الإيفاء بتعهداتها تجاه المزودين العموميين. ولعل الوضعية تفاقمت اليوم إلى جانب ظاهرة الترسكية وتفاقم ظاهرة الاعتداء على الأسطول فقد عرف  نسق الاعتداءات على أسطولها ارتفاعا ملحوظا  ، ناهيك عن  العمليات التخريبية – تعمّد الرشق بالحجارة وتهشيم البلّور وإتلاف أنظمة التحكم الالكتروني لأبواب عربات المترو-   التي تتسبّب  عادة في تعطيل نشاط المرفق العمومي للنقل وتحول دون تأمين استمراريته.وهو ما بيّنته الشركة في العديد من المناسبات فتكرّر الاعتداءات التي تستهدف أسطول عرباتها وحافلاتها بصفة يومية زاد في تعميق أزمتها، كما تسبب في مزيد انخفاض نسبة الجاهزية وبالتالي التقليص اليومي في الأسطول المتجوّل.

كما انجر عن الأعمال التخريبية، ارتفاع عدد الأسطول المتوقف عن الخدمة في ظل عدم توفر قطع الغيار، مما يجعل توفير الحافلات وعربات المترو بصفة يومية مهمة صعبة….والوضع ليس بحاجة لتفصيل ولا تحليل لتأكيده فالواقع خير معبّر عن ذلك ويوميات المواطن مع النقل كفيلة وحدها بإيصال الصورة «في أبهى تجلياتها»…

ولعل المسافر  في المترو الخفيف أو الحافلة هذه الأيام يلاحظ بالتأكيد الحملة المكثفة  التي يقوم بها أعوان شركة نقل تونس على ما يعرف «بالترسكية» في كل الأوقات تقريبا وفي اغلب  المحطات وعلى جميع خطوط  المترو الخفيف.. استفاقة محمودة  ومطلوبة يرافقها السؤال المتكرّر هل هي استفاقة حقيقة ام انها حملة ظرفية..؟ خاصة و أن الشركة تخسر يوميا أكثر 30 % من حجم مداخليها نتيجة عدم اقتطاع التذاكر من قبل مستعملي وسائل النقل العمومي في تونس الكبرى وفق ماصرح به  الرئيس المدير العام لشركة نقل تونس عبد الرؤوف الصالح.مبرزا  أن مداخيل شركة نقل تونس تناهز يوميا 100 ألف دينار بمعدل شهري في حدود 2.5 مليون دينار.

فظاهرة التهرب من دفع معلوم التذاكر على متن وسائل النقل العمومي كبدت الشركة خسائر ثقيلة ويبدو أن الشركة انتهجت مسار حماية ممتلكاتها والمحافظة عليها والقيام بحملة شعواء يعكسها انتشار عديد الأعوان التابعين للشركة في اغلب محطات المترو ، حملة محمودة  لو تواصلت وكانت بمثابة العمل اليومي والحرص على حماية المكتسبات والمحافظة على المال العام …والمحافظة عليها ليست من مهام المنتسبين لشركة النقل بل تشمل الوعي الجمعي للمواطنين الذي يجب أن يكون معديا من خلال الغيرة على الملك العمومي والمحافظة عليه من التخريب والسرقة زائد قيام الحرفاء بواجبهم تجاه الشركة واستخلاص فواتيرهم بل ربما يمكن الذهاب إلى ابعد من ذلك بان يساهم المواطن بدوره في عملية التوعية والتحسيس بأهمية المحافظة على الملك العمومي  وفي المقابل بقدر الحرص على المحافظة على المال العام   تحرص الشركة على تحسين خدماتها «الكارثية  على جميع الأصعدة» من تعزيز أسطول النقل وإعفاء المواطن من سفرات  الإذلال خاصة وان  النقل العمومي يحتضر منذ سنوات، أرهق المواطنين وكذلك كل المنتمين للقطاع … أمام العجز المتواصل وعدم القدرة على الإصلاح – اصلاحات على خطى سلحفاة – لضعف الإمكانيات المادية من جهة و غياب استراتيجية واضحة للنهوض بالقطاع…

لاشك ان تفشي ظاهرة«الترسكية»في الحافلات والمترو بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لا يمكن انكارها  فالأرقام الرسمية تتحدث عن أنّ نسبة كبيرة من المسافرين ينتقلون دون سند نقل مما تسبب في خسائر تقدر بالمليارات والتصدي لها من الأولويات …في هذا السياق  تجدر الإشارة إلى أن  وزيرة التجهيز والإسكان المكلّفة بتسيير وزارة النّقل كانت قد شددت على أهمية اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز الرقابة وحماية مداخل المحطات وتأمين عمليات الاستخلاص بالشبابيك وعلى متن الأسطول والقضاء على ظاهرة النقل دون دفع المعلوم، بما يحافظ على المداخيل سواء بالنسبة الىشركة نقل تونس أو للشركة الوطنية للسكك الحديدية  بالإضافة الى أهمية وضع آليات عمل جديدة مواكبة لمتطلبات النهوض بمؤسسات النقل العمومي من ذلك تحديد استراتيجية عمل واضحة تحدّد من خلالها الحاجيات وآليات تلبيتها وفق آجال محدّدة، ورقمنة التصرف في المخزون وإرساء منوال حوكمة وتصرف رشيد في المعدّات.

وتبقى يوميات المواطن مع النقل صعبة  خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة في الصيف ونقص الأسطول فان يومياته تتحول الى جحيم من المعاناة على أمل أن تتغير الأحوال وتتبدّل في قادم الأيام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بسبب تراجع  أداء المؤسسة التربوية العمومية : المعاهد والإعداديات النّموذجيّة تبقى الهاجس الأكبر  ..!

انطلقت أمس الجمعة  عملية الإعلان عن نتائج «السيزيام»عبر الإرساليات القصيرة ، وتزيّنت مواقع…