2024-06-02

حادث مرور أليم كشف عنوانا آخر دالاّ على مخاطرها: حتى لا نطبّع مع الهجرة غير النظامية..!

بدأ ملف الهجرة السرية يخفت تدريجيا بل إنه أصبح يذكر في باب المتفرقات بالنسبة إلى بعض المنابر الإعلامية ويرد في ذيل الترتيب للأخبار كناية على عدم أهميته هذا رغم أن مخاطره ما فتئت تزداد يوما بعد يوم وآخرها الحادث المروري الأليم الذي جد مؤخرا بين منطقتي القصرين وقفصة وأودى بحياة خمسة مهاجرين من جنسيات مختلفة من بلدان الصحراء والساحل في حين يرقد ثلاثة منهم في العناية المركزة وقد كانوا على متن شاحنة تقلّهم من الحدود الغربية في اتجاه صفاقس ربما أو بعض المدن الساحلية الأخرى.

وهذا يطرح نقطة استفهام كبرى عن مرور مثل هذه الشاحنات وعن استثمار بعض السماسرة سواء من أصحاب الشاحنات التي تقلّهم من الحدود الى الداخل التونسي او من أصحاب المراكب الذين يسهّلون لهم عملية الإبحار خلسة.

وتجدر الإشارة إلى أن إيواء هؤلاء المهاجرين بعد الحادث قد لقي صعوبات نظرا لظروف المستشفيات الجهوية والمحلية التي نعرفها جميعا.

ويمكن اعتبار هذا الحادث الأليم عنوانا دالا على الإشكاليات العويصة المتصلة بملف المهاجرين وقبل ذلك تم تفكيك شبكة متصلة بإدخال الأموال الى هؤلاء المهاجرين وهذه معضلة أخرى.

فمن الحتمي تجفيف المنابع المالية لهم لكن هذا يحيل على خطورة من نوع اخر وهي فرضية الانحراف والإجرام عندما يكون المهاجر فاقدا للمال.

إذن ملف الهجرة لا ينبغي ان يكون تقليعة نهتم بها لبعض الوقت ثم نطبّع معها فمخاطره ينبغي ان تظل قائمة في أذهاننا بشكل دائم لاسيما واننا نعلم جميعا انه باستثناء الحوادث الأليمة التي بتنا نسمعها من حين إلى آخر والمتصلة بالوجود غير القانوني للمهاجرين لا جديد يذكر بشأن حلحلة هذا الملف الشائك.

فما تزال الأوضاع على ما هي عليه بخصوص التواجد الكثيف للمهاجرين الوافدين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء. والملاحظ انهم يواصلون القدوم على موجات خاصة من حدودنا الغربية مع الجزائر. ولعل الحادث الآن الذي أوردنا تفاصيله في استهلال هذه الورقة هو اكبر دليل على ما نقول. فيبدو ان هذه الأمواج البشرية تواصل قدومها الى تونس وبشكل علني واللافت ان هناك أطفالا ونساء وعائلات حتى أن هناك طفلا وامرأة حاملا لقيا حتفهما في هذا الحادث. مما يدل على اننا نحتاج مزيدا من الصرامة في ضبط حدودنا سواء مع ليبيا أو مع الجزائر. وإذا نظرنا الى العوامل المناخية المساعدة حاليا على إمكانية الإبحار باعتبار اننا في فصل الصيف والبحر في اغلب الأوقات هادئ فإن هذا من العوامل المشجعة على القدوم وعليه فإن مضاعفة الجهود من اجل التصدي لهذه الأمواج البشرية قبل ان تدخل بلادنا تعدّ أمرا حتميا.

في الأثناء من المهم أيضا الضرب بيد من حديد على السماسرة الذين يتاجرون بأحلام وآلام المهاجرين ويسهّلون لهم عملية دخول البلاد وعملية مغادرتها عبر البحر وهم بالتحديد أصحاب الشاحنات التي تقلّهم من الحدود الغربية الى السواحل التونسية وأصحاب المراكب الذين يسهّلون لهم عملية «الحرقة» غير عابئين بالتهديدات والمخاطر التي تشكلها افعالهم على الامن القومي التونسي.

والملاحظ ان عملية الإبحار خلسة قد نشطت في الفترة الأخيرة وقد تم احباط العديد منها بفضل يقظة قواتنا الأمنية والعسكرية كما تم أيضا ومع الأسف غرق بعض المهاجرين. مما يؤكد مرة أخرى ان مخاطر هذه الظاهرة ما تزال قائمة وبشكل جدي لا ينبغي التهوين منه.

وفي سياق متصل من المهم ان نتوقف عند التداعيات الخطيرة التي خلّفها وجود المهاجرين من النواحي الاجتماعية والصحية والبيئية وغيرها ولعل الإشكاليات المتصلة بإيوائهم في أكثر من مناسبة في بعض المؤسسات الاستشفائية المحلية والجهوية من المؤشرات المهمة التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار. كما ان قلة الموارد المالية مؤشر دال أيضا يمكن ان يقودهم الى ممارسة أفعال إجرامية وقد تابعنا عملية سقوط ضحية نتيجة خلافات في ما بينهم.

ورغم ان العودة الطوعية الى أوطانهم من الحلول المجدية لكنها قطعا لا تفي بالغرض باعتبار أن الأعداد التي قبلت الانخراط في هذه العودة قليلة جدا بالمقارنة مع العدد الجملي للمهاجرين غير النظاميين. كما ان تكاليفها باهظة على الدولة التونسية وهي عملية صعبة أيضا وتتطلب التنسيق مع اكثر من طرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عدد الشهداء في غزة في ارتفاع : نحو 44 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح

الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) في آخر إحصائياتها، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن قوات الاحتل…