عن التحوير الوزاري الذي أسال الحبر…: هل يتّجه الرئيس نحو تأصيل «دولة الكفاءات» ؟
أثارت إقالة رئيس الجمهورية قيس سعيد لوزيري الداخلية والشؤون الاجتماعية الكثير من الأسئلة باعتبار انهما من أقرب حلفائه ومن داعمي مشروع الرئيس قبل خوض الانتخابات الرئاسية، وذلك في سنة انتخابية ستشهد استحقاقا رئاسيا في شهر أكتوبر المقبل تقريبا.
وقد أجرى الرئيس مساء السبت 25 ماي الفارط، تعديلا وزاريا جزئيا على حكومة أحمد الحشاني، شمل وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية ،ولا تعد التغييرات الحكومية الأخيرة الأولى من نوعها وإنما تثير الجدل حول علاقة الوزيرين كمال الفقي ومالك الزاهي بالمشروع السياسي للرئيس والمساندة المستمرة لتوجهاته، وهذا ما يعني أن الرئيس لم يعد يرغب في حكم قائم على الولاءات وانما يتجه نحو وضع حكومة «تكنوقراط» تقوم على الكفاءة والنجاعة في تنفيذ الاصلاحات المنتظرة من التونسيين.
واليوم تعدّ حكومة الرئيس حكومة مستقلة لا انتماء سياسي لها، وتأتي بعد إقالات سابقة لمسؤولين في وزارات مهمة مثل وزارة التربية و وزارة الاقتصاد والتخطيط وغيرها…
ولئن كانت سياسة الإقالات أمرا معتادا منذ تولي العهدة الرئاسية في 2019 واتخاذ اجراءات 25 جويلية 2021، فان هذه المرة تختلف عن سابقاتها لأنها تتعلق بوزراء هم من ثقاة الرئيس. و يبدو أن قيس سعيد أضحى في الآونة الأخيرة غير مهتم بالإبقاء على الأشخاص المحسوبين على مسار 25 جويلية 2021 أو من نشطاء مجموعات النظام القاعدي التي دعمت وصوله إلى سدة الحكم. وإنما ما يهمه هو الأداء والقدرة على ترجمة توجهات الدولة في هذه المرحلة.
وذهب العديد من الناشطين السياسيين إلى اعتبار أن التعديل الجزئي للحكومة سببه غياب النجاعة في الملفات الأمنية والاجتماعية وعدم التعاطي بالكفاءة المطلوبة التي ينتظرها الرئيس.
في هذا السياق، يرى القيادي في مسار 25 جويلية عبد الرزاق الخلولي في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن التحوير الوزاري الذي قام به رئيس الجمهورية جاء بناء على تقييم الأداء للوزراء بصفة عامة وخاصة وزارتي سيادة مثل الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية.
وبين عبد الرزاق الخلولي أن هذا التحوير الجزئي يأتي استجابة لتشكيات من المهتمين بالشأن العام وأهداف المسار ولان الرئيس يستمع إلى شعبه وهناك طلبات بإقالتهم…وذلك على خلفية سعي هؤلاء الوزراء المقرّبين من الرئيس إلى إقامة تكتلات جديدة من خلال التعيينات الجهوية والمحلية حسب قوله.
واعتبر الخلولي أن هذه الخطوة تحسب للرئيس لانه خيّر مصلحة الوطن، وقام بتعديلات من أجل حل بعض المشاكل العالقة من ذلك ملف المناولة ووضعية المتقاعدين ولم نر قرارات عاجلة من طرف الوزير المقال…ولا يوجد تفاعل وانسجام مع قرارات الرئيس وبالنسبة لوزير الداخلية فهو لم يتعاط بجدية مع ملف الأفارقة من جنوب الصحراء، بالإضافة إلى أسباب أخرى وفق تعبيره.
وفي تفسير رؤية الرئيس للمرحلة القادمة، أوضح محدثنا أن رئيس الدولة بدأ يقتنع اليوم بأن معايير التعيينات يجب أن تتغير ولا تقوم بالضرورة على الثقة مثلما كانت في حملة 2019 واليوم يجب الاعتماد على الكفاءات لتسيير دواليب الدولة وليس بالضرورة من «التكنوقراط» من أجل الانكباب على حل الملفات خاصة الاقتصادية والاجتماعية بمشاركة كفاءات تقدم نتائج ملموسة.
هذا وذكر القيادي في مسار 25 جويلية أن المرحلة القادمة ستشهد تعيينات لسد الشغور على مستوى الولاة والمعتمدين. فضلا عن تولي عدد من اللجان والمصالح عملية التقييم لأداء الحكومة قبل إدخال تعديل جذري سيشمل ربما أكثر من 6 وزراء.
وفي تقييم توجهات الرئيس، يرى مراقبون أن رئيس الجمهورية لم يتخل نهائيا عن الناشطين المقرّبين منه ومن مشروعه، نحو حكومة «تكنوقراط» مستقلة اذ أن وزير الداخلية الجديد خالد النوري كان من عناصر حملة الرئيس وتولى إدارة ولاية أريانة. حيث ابرز الناشط السياسي طارق الكحلاوي في هذا الاطار، أن الوالي هو منصب سياسي مهم وهناك عدد من الولاّة (بنزرت وبن عروس وسيدي بوزيد) من مساندي مشروع الرئيس، وبالتالي لم يقع التخلي تماما عن الولاءات.
وتابع طارق الكحلاوي في تصريح لـ«الصحافة اليوم»، «اعتقد انه مازال هناك حزام سياسي ولا تتناقض الكفاءة مع التحزب» قائلا «أن يكون شخص ما مسؤولا تكنوقراطا لا يعني بالضرورة أن يتمتع بالكفاءة، في المقابل يمكن أن يكون مسؤولا متحزبا و ذا كفاءة في نفس الوقت».
ويقدّر الكحلاوي أن تكون الإعفاءات الأخيرة لأسباب تتعلق بتنافس داخلي أو بأداء الوزراء مشيرا إلى انه من صلاحيات الرئيس إجراء تحويرات في الوقت المناسب.
غدا الاثنين وفي جلسة عامة مشتركة : قانون المالية والميزانية تحت مجهر المجلسين…
ينطلق يوم غد الاثنين الجزء الثاني من الجلسة العامة المشتركة لأعضاء مجلس نواب الشعب وأعضاء …