تختتم اليوم الأشغال الرسمية للدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي انعقد بالعاصمة السياسية بكين على مدى أربعة أيام (من 28 ماي إلى01 جوان 2024) بمشاركة رئيس الجمهورية قيس سعيد والوفد المرافق له وعدد من رؤساء الدول العربية والوزراء وتم خلال هذه الدورة اعتماد إعلان بكين والمخطط التنفيذي 2026-2024 وبيانا مشتركا للصين والدول العربية حول القضية الفلسطينية بالتوازي مع توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة والتعاون .

وتتزامن هذه الدورة مع الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي وهي تأتي مباشرة بعد القمة الصينية العربية التي انعقدت في ديسمبر 2022 بالسعودية وهو ما يجعلها تحظى بأهمية بالغة من حيث استكمال تنفيذ مخرجات القمة الفارطة وتفعيل مجمل التفاهمات العربية الصينية.

إن مشاركة تونس رسميا في المنتدى الصيني العربي ببكين والزيارة الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الدبلوماسية التونسية الصينية  التي تناهز 6 عقود لرئيس الجمهورية قيس سعيد إلى بكين تتوّج اليوم بإقامة شراكة استراتيجية بين تونس وبكين وهي ثمرة عراقة هذه العلاقات المتميزة والتاريخية المبنية على أسس القيم المشتركة والاحترام المتبادل.

كما نرى أن الإعلان خلال هذه الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي عن إقامة هذه  الشراكة الاستراتيجية بين تونس وبكين وفق ما أكدته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)  يعد نقطة انطلاق جديدة في مسار التعاون المشترك في مختلف المجالات ودفعا للعلاقات الدبلوماسية العريقة والتاريخية بين البلدين.

وبعيدا عمّا تم الاتفاق عليه في مختلف المجالات والقطاعات بين وفدي البلدين التونسي والصيني في هذا المنتدى، فإن اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية قيس سعيد بدءا بنظيره الصيني شي جين بينغ وصولا إلى أغلب رؤساء الدول العربية المشاركة من شأنه أن  يعزز العلاقات التونسية الصينية والعربية البينية ومتعددة الأطراف بين تونس ومختلف الدول العربية والدول الشقيقة والصديقة ويساهم بشكل فعّال في تطوير هذه العلاقات والارتقاء بها إلى أعلى درجات التعاون، وهو أيضا دفع جديد للعلاقات الدبلوماسية  مع مختلف الدول التي نلتقي معها وتجمعنا قيم مشتركة ورؤى موحّدة حول عديد القضايا الإقليمية والدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتحقيق التنمية العادلة للإنسانية جمعاء.

فقد وصلت العلاقات الدبلوماسية التونسية الصينية إلى مستوى رفيع بين البلدين ترجمها التعاون المشترك في مختلف المجالات على أسس ومبادئ الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة عبر عقود من الزمن وأصبحت من الثوابت في مسار دعم وتطوير هذا التعاون التاريخي نحو تعاون أوسع وأكثر تنوعا وثراء.

ونعتقد أن العلاقات الدبلوماسية التونسية الصينية والتي نعيش على وقع الذكرى الستين لتأسيسها أصبحت واقعا ملموسا من خلال تواصل التعاون الثنائي بين البلدين ، بل تمثل اليوم نقطة انطلاق جديدة لتعاون أوسع وأكثر تنوعا مثلما أكد ذلك سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية في تونس وان لي في كلمته مؤخرا خلال حفل تحت شعار «استعراض الهدف الأصلي لإقامة العلاقات الدبلوماسية لنتقدم معا إلى الأمام».

كما أن العلاقات الدبلوماسية التاريخية بين البلدين تبرز أيضا على المستوى الرسمي من طرف رئيسي البلدين رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ من خلال الحرص المشترك على المضي قدما في دعم التعاون المشترك بناء على المصلحة المشتركة وانسجام المواقف والرؤى تجاه القضايا الإقليمية والدولية الكبرى.

وكما هو معلوم فان نسق إنجازات التعاون بين الصين وتونس تطور بشكل لافت وشمل  مختلف المجالات والقطاعات وبرامج التعاون المشتركة على غرار البنية التحتية والصحة والتعليم والثقافة والتجارة.. خاصة بعد توقيع مذكرة التفاهم حول البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق»، في جويلية 2018. ومن شأن هذه المشاريع أن تساهم بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتدعم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو ما يقيم الدليل على هذه النجاحات والتعاون المثمر منذ عقود من الزمن والمتواصلة إلى اليوم بشكل مكثّف.

كما تأتي مبادرة الحكومة التونسية بتنفيذ سياسة الإعفاء من التأشيرة للسيّاح الصينيين على نحو شامل في إطار توطيد علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، ومن شأن هذا القرار أن يساهم في تقديم التسهيلات الهامة للتواصل والتبادل غير الحكومي بين الجانبين بما يعزز مزيد التقارب بين الشعبين.

ونعتبر اليوم وبعد مضيّ ستين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس، أن هناك أفقا أرحب وأوسع للتعاون المشترك البنّاء في مختلف المجالات وأيضا في إطار مبادرة «الحزام والطريق» ومنتدى التعاون العربي الصيني ومنتدى التعاون الافريقي الصيني، لما تمثله من منصات مختلفة وناجعة للعمل ولتحقيق الأهداف المشتركة وتنفيذ مختلف التوافقات الهامة بين رئيسي البلدين ودفع جديد للتعاون الثنائي، الذي يترجم عراقة ومتانة العلاقات التاريخية والتعاون بين البلدين على المستويين الشعبي والرسمي.

كما يترجم التبادل الثقافي الغزير بين الشعبين التونسي والصيني وكثافة زيارات الوفود من الجانبين من عدد من المقاطعات الصينية ومن تونس متانة وعراقة علاقات الصداقة بين البلدين والتي شهدت في السنوات الأخيرة ارتفاعا غير مسبوق وآخرها زيارة وفد من لجنة شنغهاي للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني برئاسة نائب رئيس اللجنة شياو جويو أول أمس الخميس إلى بلادنا أين انعقدت جلسة عمل بين الوفد الصيني ووفد عن مجلس نواب الشعب وتم خلالها تأكيد اهتمام عدد هام من المستثمرين في مدينة شنغهاي ورغبتهم في إقامة مشاريع تنموية في تونس.

فمتانة وعراقة العلاقات الدبلوماسية التونسية الصينية اتسمت على مدار الستين عاما الماضية، بمبادئ الاحترام المتبادل والتعاون والتنمية المشتركة، مثلما اتسمت أيضا بسرعة تطوّرها باستمرار ويظهر ذلك بوضوح في مختلف مجالات التعاون والشراكة بين البلدين والرؤى والقيم المشتركة ومواقفهما الموحّدة من كبرى القضايا الإقليمية والدولية وخاصة تلك التي تهم استقلالية القرار الوطني وسيادة الأراضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن المضاربة والاحتكار مرة أخرى..!

مثّلت مختلف مجهودات أسلاك الأمن الوطني والنتائج الايجابية التي أسفرت عنها مؤخرا في التصدي …