. يشارك الرئيس سعيد بداية من اليوم في منتدى التعاون العربي الصيني الذي تستقبل من خلاله بكين رؤساء 3 دول عربية وستكون على طاولته العديد من الملفات والقضايا الحارقة في مقدمتها طبعا القضية الفلسطينية والحرب على غزة والتي لا يختلف فيها موقف الصين عن الموقف العربي عموما.

ووفق ما رشح عن الأشغال التحضيرية سيكون المنتدى فرصة لتجديد الدعوة لوقف إطلاق النار ورفض الحرب على غزة.

وبعيدا عن القضية الفلسطينية فإن حضور تونس هذا المنتدى يكتسي أهمية كبيرة خصوصا في الظرف الحالي الذي يمر به بلدنا.

إن الصين اليوم التي تبحث عن التوسع في الشرق الأوسط وافريقيا هي واحدة من الدول العظمى الممسكة بجزء هام من الاقتصاد العالمي والأكيد ان تنمية الشراكة ودعم التعاون معها من شأنه أن يخدم مصلحتها ومصلحة بلدنا.

ان العلاقات التونسية الصينية هي علاقات ضاربة في القدم فقبل أسابيع احتفل البلدان بمرور 60 سنة على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما.

ففي نهاية عام 1963، بدأ رئيس مجلس الدولة الصيني تشو إن لاي زيارته لإفريقيا وأراد أن يتوقف لفترة قصيرة في تونس لتزويد طائرته بالوقود، فما كان من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الا أن دعاه للقيام بزيارة رسمية إلى تونس. وفي التاسع من جانفي 1964، وصل الوفد الصيني إلى تونس في زيارة تستغرق يومين، وعلى الرغم من أن الزيارة كانت قصيرة، إلا أنها كانت مناسبة لإجراء محادثات معمقة حول العلاقات بين البلدين وإعطاء الجانبين لإشارة انطلاق علاقات دبلوماسية بينهما ظلت متينة طيلة كل هذه العقود واتسمت خصوصا بالاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر.

تاريخيا تعتبر تونس أيضا من أولى الدول العربية التي أقامت علاقات تجارية مع الصين وذلك من خلال امضاء اتفاقية عام 1958 كما كانت ضمن قائمة البلدان التي صوّتت لفائدة قرار الأمم المتحدة عدد 2758، الصادر في 25 أكتوبر 1971، الذي تم بموجبه الاعتراف بحكومة جمهورية الصين الشعبية كممثل وحيد للشعب الصيني.

إن الصين التي يزورها اليوم الرئيس سعيد لأول مرة في زيارة دولة تستغرق عدة أيام هي شريك مهم لتونس التي تتطلع لفتح آفاق جديدة ولتنويع الشركاء دون الاستغناء طبعا عن الحلفاء والشركاء التقليديين كما يحاول البعض الترويج له.

على امتداد أكثر من 6 عقود كان للصين حضور مهم في تونس في عديد المجالات والقطاعات وفي مناطق مختلفة من البلاد، وكثيرة هي المشاريع الكبرى الشاهدة على هذا الحضور الصيني المميز الذي يترجم متانة العلاقات بين البلدين ورغبتهما في تطويرها ودفعها نحو ما هو أهم وهو ما يتجلى من خلال تبادل الزيارات بين البلدين على أعلى مستوى في الأشهر الأخيرة.

لقد برزت هذه الرغبة في تطوير العلاقات التونسية الصينية في العديد من المشاريع والاستثمارات الصينية في تونس ولعل أهمها مركز الشباب الرياضي والثقافي المنزه ومركز الشباب الرياضي والثقافي بن عروس، والأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس، والعام الماضي احتفت تونس والصين بمرور 50 سنة على وصول أول فريق لأطباء صينيين لتونس والذين بلغ عددهم طيلة هذه العقود الخمسة 1153 طبيب صيني قدموا أفضل المهارات الطبية الرفيعة.

وتونس اليوم هي أيضا جزء من مبادرة طريق الحرير الذي انضمت له منذ عام 2018، وبفضل موقعها القريب من أوروبا وبعدها بضعة ساعات فقط عن طرق الشحن الحيوية فإنها تكتسي كذلك أهمية كبرى بالنسبة للصين التي لا تخفي بدورها رغبتها في تطوير علاقاتها معها والارتقاء بها إلى مرتبة متقدمة.

لكن كل هذه المعطيات التي تكشف متانة العلاقة بين البلدين لا يمكن أن تخفي ضعف الحضور الاقتصادي الصيني مقارنة بما هو مأمول فالأرقام والمؤشرات تؤكد وجود اختلال في ميزان المبادلات التجارية بين البلدين لا يخدم مصلحة تونس التي تبحث عن حلول تساعدها للخروج من أزمتها الاقتصادية الحالية والتي قد يكون للصين دور مهم فيها من خلال تطوير حضورها عبر مشاريع كبرى على غرار ما هو موجود في دول مجاورة.

إن زيارة الرئيس سعيّد للصين اليوم تكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لتونس التي تمر بظرف اقتصادي صعب تحاول أطراف عديدة استغلاله وتحويله لورقة ضغط وابتزاز سياسي ورغم أن أجندة هذه الزيارة لم تكشف عن فحوى الملفات التي سيناقشها الرئيسان التونسي والصيني الا أنها تظل مناسبة هامة لا يجب على تونس تفويتها لترجمة العلاقات الثنائية المتينة القائمة على الاحترام المتبادل إلى تعاون مشترك قائم على تبادل المصالح والندية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع الأحداث | عودة العلاقات السورية التركية: هل اقترب اللقاء الكبير؟

في موقف جديد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول أمس استعداده لاستئناف العلاقات مع سوري…