في الشأن التربوي : تنظيم المراجعة، أهم ممهّدات النجاح في الباكالوريا
يبقى امتحان الباكالوريا أهم حدث في حياة التونسي، لأن اجتيازه بنجاح يعني الانتقال من مرحلة دراسة ونشاط دامت 13 سنة من حياة الناشئة في المدرسة إلى مرحلة جديدة نهايتها هي بداية الاندماج في الحياة المهنية للناشئة.
وعلى هذا الأساس نقدم هنا بعض النصائح للمترشحين لامتحان الباكالوريا ولغيره من الامتحانات الوطنية تساعدهم على الاستعداد الجيد للامتحان. ونركز في هذا المقال على فترة المراجعة وأهميتها وكيفية تنظيمها وإدارتها والتعامل معها ليتوصل المترشح إلى تحقيق أهدافه من الامتحان.
لا يمكننا تناول موضوع المراجعة قبل تذكير المترشحين بمسلمات ومبادئ لا بد أن يكونوا على وعي بها قبل الامتحان. أولها أن يدخل المترشح الامتحان وهو مقتنع تماما بأنه قادر على تحقيق النجاح. وثانيها الثقة في النفس وفي الامكانيات. وثالثها التصرف بإيجابية تجاه ممهدات النجاح في الامتحان. ورابعها القناعة بأن بذل الجهد في المراجعة قبل الامتحان ييسّر السير نحو النجاح. وخامسها أن الامتحان ما هو إلا تقييم لما تَملّكه المتعلم من مكتسبات أثناء الدراسة مرتبطة ارتباطا عضويا بالبرنامج الدراسي المقرر دون غيره. أما المسلمة السادسة والأهم فهي أن يقتنع المترشح للامتحان بأنه حدث عادي روتيني في حياته الدراسية ويعتبر تتويجا لمرحلة من العمر لا بد من تخطيها.
إن دخول الناشئة الامتحان متسلحين بهذه المسلمات ستكون له فوائد جمة، وسيساعد على نجاحهم في التعامل مع الامتحان، لأن هذا التمشي يخفف من عواقب الضغط النفسي والتوتر العصبي الذي يسيطر على المترشحين وقد يفقدهم توازنهم عند الاستسلام له فترة الامتحان خوفا ورهبة من نتائجه.
وحتى نساعد المترشح على تخطي تلك الضغوط من الضروري مده بالنصائح اللازمة التي تسهل مهمته وتجعله يجتاز الامتحان متمسكا بثقته في قدراته وبشجاعته متسلحا بدافعية قوية للنجاح . ومن أهم تلك النصائح كيفية تنظيم المراجعة النهائية وإدارتها قبل الامتحان.
إدارة مرحلة المراجعة
إن أهم التساؤلات التي يطرحها المترشح على نفسه فترة المراجعة هي : كيف أتعامل مع الكم الهائل من المواد في فترة قصيرة ؟ وكيف أستطيع حفظ المعلومات وتخزينها لتكون جاهزة للاستعمال يوم الامتحان ؟ وكيف أخزن ولا أنسى؟
تعتبر المراجعة ناجحة عندما يحسن المترشح التصرف في الوقت المخصص له لأن الإخفاق في ذلك هو مصدر للقلق . وهذا يحتاج من المترشح وضع رزنامة مراجعة مفصلة والالتزام بها، مع مراعاة ألا تكون مرهقة له أو يستحيل تطبيقها . وطبقا لذلك يتولى المترشح تخصيص فترة زمنية لكل مادة حسب الأهمية ودرجة استيعابه لها ربطا مع تعامله معها خلال السنة الدراسية . كما يراعي المترشح في الرزنامة التوازن بين فترات العمل وفترات الراحة وأن تكون المراجعة منتظمة .
وندعو المترشح إلى اعتماد ما نسميه بـ «منهجية المراجعة المتصاعدة» . وهي منهجية قائمة على ثلاث مراحل هي الفهم والتحليل والتلخيص واعتماد التمارين التطبيقية لتثبيت الفهم أولا، ثم التكرار والتطبيق والتدرب على التمارين النموذجية أو الامتحانات السابقة ثانيا، ثم التركيز وتخزين المادة في الذهن ثالثا . وهذا يتطلب تركيز المراجعة على مهمة واحدة كل مرة مع معالجة منفصلة للصعوبات ، كما يتطلب عدم الهروب من بذل الجهد اللازم والتعديل إن لزم الأمر.
ولنجاح تلك المنهجية من الضروري صياغة جذاذة مراجعة خاصة بكل مادة بعد فهم الترابط المنطقي الداخلي لها. وتكمن أهمية الجذاذة في أنها تسهل المراجعة والتذكر، وتكسب المترشح الوقت . وحتى تكون الجذاذة وظيفية يجب أن تحتوي على المخطط العام للمادة، والأفكار الأساسية في كل محور، والكلمات المفاتيح لتلك الأفكار . ومن الضروري عدم إعادة نسخ الدروس فيها، واعتماد الوضوح والاختصار فيها ، واستعمال الكلمات المفاتيح، واعتماد الألوان كرمز لتركيز المعلومة ، على أن يعد كل مترشح جذاذته بنفسه ولا يستعمل جذاذة تلميذ آخر. ورغم أنه ينصح بأن يبدأ المترشح بمراجعة المواد التي يفضلها، إلا أنه من المهم أن يفهم المترشح أن عليه التصرف بحكمة مع المواد الأخرى عندما يفكر في ما سيجنيه منها في الامتحان.
ويدعى المترشح إلى المراجعة ضمن مجموعة من أترابه، لأن ذلك يبعد التوتر ويوسع من دائرة الفهم ويوضح بعض الغموض ويجعل المترشح يشعر بأنه ليس وحيدا أمام الامتحان. إلا أن نجاح المراجعة الجماعية مع الأتراب لها شروطها، من أهمها أن تتم بعد انتهاء المراجعة الفردية الكاملة، وأن يكون كل فرد من المجموعة قد أتم المراجعة الفردية المراد التركيز عليها مع الأتراب قبل البدء في المراجعة ضمن المجموعة. وبالتالي تكون المراجعة الجماعية تكملة للفردية. ويشترط أيضا أن يكون مستوى تمكَن أفراد المجموعة من المواد المراجعة متقاربة جدا حتى لا يتم تعطيل عمل المجموعة. أما منهجية العمل فتبنى على التحاور والنقاش بين لأفراد المجموعة.
وأخيرا من الضروري التعامل الجيد مع المؤثرات الخارجية فترة المراجعة، كاختيار مكان المراجعة يتصف بالهدوء، والابتعاد عن مصادر التلهية كالتلفزة، وعدم الافراط في تناول المنبهات والأدوية المنشطة حتى لا يتم إرباك النظام الطبيعي للذهن والجسد، والتعامل الحكيم مع ضغوطات العائلة.
إن امتحان الباكالوريا هو تتويج لمسيرة طويلة من العمل والجد يبقى نجاحنا فيه موكول لنا ولطريقة تعاملنا مع خطة العمل التي نبنيها استعدادا له والتي تقوم على معايير عدة من بينها تنظيم المراجعة.
في الشأن التربوي : تربية الناشئة على المهارات أحد تحدّيات المدرسة
من بين التحديات الحياتية التي تواجه المجتمع الإنساني اليوم، والتي على المدرسة رفعها في كل…