وســـط تحـــدّيـــات كـــبـــرى في البحث عن استراتيجية وطنية لملف البيئة ..!
أعلنت وزارة البيئة مؤخرا عن انطلاق الاحتفال بشهر البيئة للسنة الثانية على التوالي، وذلك تزامنا مع احياء اليوم العالمي للبيئة الموافق للخامس من شهر جوان لكل سنة ويتضمن البرنامج العديد من الفعاليات التي برمجتها وزارة البيئة والهياكل الراجعة لها بالنظر خلال الفترة الممتدة من 25 ماي إلى 25 جوان 2024 وذلك بهدف تكثيف أنشطة التوعية البيئية لتعزيز الثقافة البيئية لدى كل الفاعلين في مختلف القطاعات ورفع درجة الوعي بعواقب الأزمة البيئية العالمية ثلاثية الابعاد والمتصلة بآثار تغيرات المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث.
وسيتمّ وفق بيانات الوزارة في اطار الاحتفال بشهر البيئة التطرق الى العديد من المواضيع ضمن تظاهرات مختلفة منها ايام التنوع البيولوجي، 15 ماي ـ 21 جوان 2024، وأيام تغير المناخ، من 27 ماي إلى 3 جوان 2024، والأيام المفتوحة في مختلف محطات التطهير، 3 ماي وحتى نهاية شهر جوان المقبل ويشمل البرنامج، ايضا، أيام الإرث الجيني، من23 ماي حتى موفى جوان 2024، وأيام التكنولوجيا البيئية، 22 ماي – 28 جوان 2024، بالإضافة إلى يوم البيئة العالمي الذي ستنظمه وزارة البيئة في 5 جوان المقبل والذي سيركز هذه السنة في تونس وفي سائر دول العالم على موضوع استعادة الأراضي والتصحر ومقاومة الجفاف تحت شعار «معا نستعيد كوكبنا.. «أراضينا، مستقبلنا ، نحن جيل الاستعادة».
وتأتي هذه الاحتفالية كغيرها من الاحتفاليات التي عهدناها سابقا وسط تحديات بيئية كبرى واسئلة مطروحة تنتظر الإجابة عليها ومن أهمها لماذا تواصل وزارة البيئة انتهاج الحلول الترقيعية وقصيرة المدى في التعاطي مع الملفات البيئية الحارقة في مختلف جهات البلاد ولماذا تفتقد بلادنا إلى اليوم إلى استراتيجية وطنية لملف النفايات؟.
ورغم ان الإطار التشريعي في المجال البيئي في تونس متقدّم وينطلق من ترسيخ مبدإ الاعتراف بالحقوق البيئية عبر تضمين الحق في بيئة سليمة في الدستور، إضافة إلى الإمضاء على أهم الاتفاقيات العالمية والمواثيق المعنية بالبيئة الا أن الواقع ينذر بتدهور وتردّي الوضع البيئي، الذي يتجسد خاصة في التأثيرات الناجمة عن اضطراب المناخ والانعكاسات السلبية بسبب التغيّرات المناخية، وتفاقم مظاهر التلوث على خلفية تزايد الاعتداءات على المحيط عبر إلقاء النفايات الخطيرة بطريقة عشوائية وانتشار المصبات غير المراقبة وتلويث المنشآت الصناعية للثروة البحرية وللمائدة المائية.
بدوره أكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان أصدره بمناسبة اليوم العالمي للبيئة بعنوان « من اجل انتقال بيئي عادل » ان أزمة النفايات تتواصل في ولايات مختلفة في ظل غياب حلول فعالة وتشاركية ترسي لحوار مجتمعي يضمن المقبولية المجتمعية ولا يلقي بتبعات التلوث بالنفايات على منطقة دون أخرى. وحسب البيان، ما تزال مجلة المياه لسنة1975 ترسّخ لـ«اللاعدالة المائية» وتعطش آلاف المواطنين وتدفع بالعديد من الفلاحين إلى التخلي عن نشاطهم في ظل سياسة الكيل بمكيالين في ما يتعلق بتراخيص التنقيب واستغلال المياه لأغراض صناعية أو للفلاحة الربحية.
كما لاحظ المنتدى انه من جهة اخرى، يواصل عديد الصناعيين نفث سمومهم من دخان ونفايات صلبة وسائلة مع تغاضي أجهزة الرقابة عن هذه التجاوزات وعجز قانون المسؤولية المجتمعية للمؤسسات، المفتقر للجانب الردعي، عن فرض احترام البيئة والمساهمة الإيجابية لهذه المنشآت في تنمية جهاتها.
وبينما تقر الأطر القانونية والتشريعية في تونس وعلى رأسها دستور 2022 بحقوق المواطنين البيئية، يظل الواقع البيئي، في عديد المناطق مترديا ويزداد من سنة إلى أخرى زخم الحراك الاجتماعي البيئي المندد بالتقصير الحاصل من طرف مؤسسات الدولة الموكول إليها ضمان حماية العناصر البيئية على تنوعها وتعزيز التنوع البيولوجي والأمن الغذائي مع الحرص على تبني سياسات تعزز التأقلم مع التغيرات المناخية وتضمن استدامة الموارد وحقوق الأجيال القادمة، وفق البيان.
ويعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن تبني خيار تهميش القطاع البيئي واعتباره قطاعا معزولا عن باقي القطاعات التنموية ومجرد وسيلة للتبييض البيئي وضخ التمويلات الأجنبية، والذي تنتهجه تونس منذ تبنيها في 1991 لوزارة للبيئة، يؤثر مباشرة على حقوق الأفراد في بيئة سليمة ومتوازنة ومياه شرب آمنة وسهلة المنال بالإضافة الى هواء نقي وتغذية سليمة، هذا مع الانعكاسات المباشرة على صحتهم.
كما اكد المنتدى غياب القرارات البيئية الجريئة والأجندة القادرة على إدخال التحويرات اللازمة في السياسات البيئية الوطنية مع ملاءمتها للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية كما يظل الحق في بيئة سليمة ومتوازنة مهمشا ومفتقرا لإطار تشريعي ينص صراحة على علويته وحمايته قانونيا مع قابليته للتنفيذ بنصوص ملزمة وردعية تعزز نظام العقوبات والمسؤولية البيئية ضد المخالفات وتطبق على جميع المستويات وضد أي شخص طبيعي أو معنوي، خاص أو عمومي، يضر بالبيئة.
ودعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى الانخراط في تبني توجهات وخيارات بيئية جديدة تضمن انتقالا بيئيا عادلا ترسخ لعلوية الحقوق البيئية وترفعها إلى درجة حقوق الانسان التي تكفلها القوانين الوطنية وتجرم الاعتداء عليها الأعراف الدولية والمعاهدات الممضاة من الدولة التونسية وهو لم يعد خيارا بل ضرورة ملحة شأنه شأن العمل على التسريع في تبني وإدخال التحويرات اللازمة على أهم المجالات المنظمة للقطاع البيئي مع الأخذ بعين الاعتبار مقترحات المجتمع المدني والخبراء، وعلى رأسها مجلة البيئة ومجلتا المياه والغابات وذلك من أجل تحقيق التوازن المنشود بين متطلبات التنمية ومبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والبيئية وفق المنتدى.
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…