في علاقة بمشاريع القوانين :محاكاة تنافسية بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية.. !
صادق مجلس الوزراء المنعقد يوم الاربعاء 22 ماي 2024 برئاسة رئيس الحكومة أحمد الحشاني نيابة عن رئيس الجمهورية قيس سعيد على مشروع قانون يتعلق بتنقيح أحكام الفصل 411 من المجلة التجارية الذي يتضمن بالأساس تعديلا لأركان جريمة إصدار شيك دون رصيد والعقوبات المقرّرة لها.
وبتوجيه هذا المشروع إلى مجلس نواب الشعب، مع ملاحظة «استعجال النظر»، قد يعرف طريقه للتصديق أيضا وبالتالي دخوله حيز النفاذ في أقرب الآجال متى تم الختم الرئاسي الجمهوري والنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وكما هو معلوم فقد سبق وأن تم منذ 15 فيفري الماضي إيداع مبادرة تشريعية لإصدار عفو عام في قضايا إصدار شيك دون رصيد من قبل عدد من النواب في البرلمان، وهذه ليست سابقة فقد تكررت ما يمكن أن نسميها محاكاة تنافسية بين الوظيفتين التنفيذية والتشريعية.
وينص الفصل الثامن والستون من الدستور الجديد على أنه « لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين. وللنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدّمة من عشرة نوّاب على الأقلّ. ويختص رئيس الجمهورية بتقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية. ولمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر».
هذا هو إذن الإطار الموضوعي والقانوني لصناعة القوانين إن جاز القول أو تنقيحها وهو لا يختلف عموما عن التجارب المقارنة على أن ما يثير التساؤل وربما شيئا من القلق هو العمل الموازي أو المكرّر في الوقت الذي كان بالإمكان فيه توظيف الطاقات البشرية من أجل تقديم القيمة المضافة فلماذا تنتظر الحكومة حتى يتحرك نواب الشعب ولماذا يتردّد نواب الشعب ولا يعجّلون بعرض مشاريعهم في الجلسة العامة واستباق الحكومة تحقيقا لـ«الثورة التشريعية» كما يقال.
قبل أيام، أشرف رئيس الحكومة أحمد الحشاني على مجلس وزاري مضيق خصص للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات ويعلم الجميع ان مبادرة تشريعية لعدد من النواب مودعة أيضا في البرلمان وتواتر الحديث عنها في وسائل الاعلام في الفترة الماضية، وطبيعي اذا استكملت الوظيفة التنفيذية النظر والإعداد المحكم لمشروعها والمصادقة عليه ستكون له الأولوية في العرض على جلسة عامة في قصر باردو.
ونفس الأمر حصل مع تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية حيث أعدّ نواب الشعب مشروعين أخذا طريقهما نحو النقاش صلب اللجان المختصة منذ أكتوبر المنقضي، ويوم الاثنين الماضي ترأّس رئيس الجمهورية قيس سعيد جلسة عمل للنظر في مشروع تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية على قاعدة أن المحاسبة مطلب شعبي وأن القوانين يجب أن تطبق للمحاسبة وليس لتصفية الحسابات، وضبط الرئيس الإطار العام الذي يجب أن يتنزل فيه المشروع بهدف الإصلاح ومكافحة الفساد وعدم عرقلة العمل الاداري وتحقيق نجاعته و طبيعي ان تتم المصادقة على المشروع الذي سيُعد من قبل الوظيفة التنفيذية عندما يكون جاهزا ويحظى بأولوية النظر تحت قبة البرلمان.
ولا تقف الأمثلة الدالة عن المحاكاة التنافسية بين القصبة وباردو عند هذا الحد فلنا أيضا مشروع قانون المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية وهو مبادرة تشريعية من نواب الشعب تعود الى شهر اكتوبر 2023 فيما وافق مجلس وزاري نهاية أفريل 2024 على مشروع لنفس الغرض..
ويجري الآن بالتزامن بين الحكومة ونواب الشعب الاشتغال على مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام قانون التعليم العالي الخاص، ومشروع يتعلق بعطل الأمومة والأبوة، وآخر مرتبط بالنظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية وغيره..
ان هذه الوضعية لا يمكن ان تستمر لمصلحة الوظيفتين التنفيذية والتشريعية وكذلك لمصلحة المشروع السياسي لرئيس الجمهورية قيس سعيد الذي يتمسك بالثورة التشريعية والتي لا يمكن ان تُنجز بالتدافع والمنافسة والمحاكاة وما قد يمثّله ذلك من إهدار للجهد والوقت في حين أن المطلوب هو التكامل والتناغم والتواصل وترتيب الأولويات داخل منظومة الحكم.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…