2024-05-22

إذا تعزز التعاون مع الاتحاد الافريقي  والبلدان الأصلية : العودة الطوعية للمهاجرين .. الحلّ الممكن

ما يزال ملف الهجرة السرية يؤرق السلطات التونسية في ظل التواجد المكثف لمهاجرين من بلدان الصحراء والساحل.

ومعلوم انه في هذه الفترة من كل سنة ومع تغير الطقس وارتفاع درجات الحرارة يصبح الإبحار خلسة على المراكب الصغيرة امرا يسيرا وهو ما يجعل تركيز هؤلاء الوافدين على الموانئ التونسية خاصة في عاصمة الجنوب.

والواضح ان هناك إجراءات صارمة بهذا الخصوص خاصة بعد ان تم الإعلان عن احباط كثير من عمليات الإبحار خلسة في اتجاه السواحل الإيطالية.

وتأتي هذه العمليات الأمنية بالتوازي مع مسألة العودة الطوعية وهي من الحلول المهمة جدا التي يمكن ان تخفف الضغط على تونس.

ويبدو ان هناك أعدادا كبيرة من المهاجرين قد انخرطت  بالفعل في مشروع العودة الطوعية الى بلدانهم الاصلية. وتقول الأرقام المسجلة حتى الآن ان هناك حوالي سبعة آلاف و مائة  خمسون مهاجر عادوا الى أوطانهم باختيارهم عبر التنسيق مع السلطات التونسية.

وجاءت هذه المعطيات ومعلومات أخرى مهمة في هذا الملف  لدى الاستماع الى وزير الداخلية كمال الفقيه في  جلسة تحت قبة البرلمان.

وكانت هذه مناسبة للنقاش حول ملف خطير وحارق وهو تداعيات وجود عدد كبير من المهاجرين القادمين من بلدان الصحراء والساحل بشكل غير نظامي.

وتشير الأرقام الرسمية الى ان عدد هؤلاء الوافدين على تونس قد بلغ حاليا حوالي 23 ألف مهاجر غير نظامي. قدموا عبر حدودنا البرية مع البلدين الجارين ليبيا والجزائر  في شكل موجات وافدة على بلادنا ومستقرة في مناطق متعددة ذروتها في عاصمة الجنوب صفاقس.

مع العلم ان هناك عددا لا يستهان به من القادمين الى تونس بشكل قانوني ونظامي من بلدان افريقيا جنوب الصحراء واغلبهم للدراسة او للتداوي او حتى للسياحة والعمل وقد بلغ عددهم وفق الاحصائيات الرسمية للدولة  حوالي 9 آلاف فرد.

ولا ننسى ان التواجد غير القانوني لمهاجري افريقيا جنوب الصحراء قد أدى الى تداعيات خطيرة وخلق إشكاليات معقدة جدا يتقاطع فيها  الامني مع الاقتصادي مع البيئي مع الاجتماعي مع الصحي مع السياسي.

ولعل آخر الوقائع التي هزت منطقة الحمايزية بمعتمدية العامرة من ولاية صفاقس تدعونا الى وقفة تأمل وإيجاد حلول حقيقية بعد مقتل احد المهاجرين في شجار عنيف بينهم.

وهنا تجدر الإشارة الى ان السلطات التونسية طبقت القانون على العديد من المتجاوزين من هؤلاء المهاجرين. وهنالك اليوم حوالي ألف و99  سجين افريقي من الوافدين بشكل غير قانوني يقبعون في السجون التونسية.

والأكيد ان  جل الوافدين على تونس بهذه الاعداد الهائلة يريدون  ان يعبروا الى الضفة الشمالية للمتوسط طلبا للجوء وبحثا عن فرص افضل في حياة كريمة لكن في كل الأحوال وجودهم مرفوض.

وعليه فإن حل العودة الطوعية يمكن ان يكون خيارا سليما وناجعا لكن على السلطات التونسية وضمانا لأكبر قدر من النجاعة ان تتولى التنسيق فيه مع البلدان الأصلية لهؤلاء المهاجرين غير النظاميين وإذا تعذر ذلك لدواعي أمنية وسياسية يمكن المراهنة على الاتحاد الافريقي ككيان جامع لكل البلدان الإفريقية لمساعدة تونس على حل هذه المعضلة. لاسيما وان جل الوافدين قدموا من بلدان تعاني من توترات وحروب وازمات ويصعب التنسيق المباشر معها.

وإذا كان هذا الحل يمكن ان يكون ناجعا مع المهاجرين غير النظاميين الذين قدموا بنية العبور الى أوروبا بحثا عن فرص افضل لحياة كريمة والذين يسهل التفاوض معهم وعندما يدركون استحالة وصولهم الى الضفة الشمالية بشكل غير قانوني وصعوبة حصولهم على اللجوء فإن هذا الحل لن يجدي مع الهاربين من جرائم تلاحقهم ارتكبوها في اطار حروب او قلاقل داخلية في بلدانهم او من المتطرفين العنيفين المنتمين لجماعة بوكو حرام وما تفرع عنها فهؤلاء خطيرون جدا ويراهنون إما على الإبحار خلسة من تونس او البقاء على اراضيها أما العودة الى بلدانهم فهي الأمر المستحيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها

لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد  …