2024-05-22

رهانات تشريعية هامة مع اقتراب العطلة البرلمانية : مجلس نواب الشعب أمام تحدّي الوقت والالتزامات..

بحسب ما نص عليه الفصل 71 من دستور 2022 والفصل 77 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فانه لم يعد يفصلنا عن انتهاء السنة التشريعية الحالية سوى ما يناهز الشهرين، باعتبار ان العطلة البرلمانية تنطلق في غرة أوت المقبل وتتواصل الى مطلع شهر أكتوبر من السنة الجارية. وتعتبر الفترة المتبقية للبرلمان قبل دخوله في عطلته السنوية قصيرة جدا أمام العدد الكبير للتشريعات التي ينتظر النظر فيها والمصادقة عليها.

وربما من منطلق الوعي بضيق الوقت امام كثرة المهام المناطة بعهدته ومحاولة منه لتفادي تنظيم دورة استثنائية خلال عطلته المقبلة كما ينص على ذلك نظامه الداخلي نجد ان مجلس نواب الشعب قد دخل في الفترة الأخيرة نشاطا ماراطونيا سواء في ما يخص لجانه، التي تنكب على تنظيم عدد من جلسات الاستماع في ما يخص بعض المبادرات التشريعية على غرار مقترح القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية ومشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية المتعلق بإصدار شيك دون رصيد أو جلسات لمناقشة بعض القضايا والملفات المطروحة للمعالجة،مثل ملف الهجرة غير النظامية وتفاقم هذه الظاهرة في بلادنا.

وفي تسريع ملحوظ لنسق عمله نظّم البرلمان بين أمس واليوم جلستين عامتين،ومثلما نقلته صفحته الرسمية فان جدول اعمالها تضمن عددا من مشاريع القوانين مقترحة من رئاسة الجمهورية وذات علاقة بعدد من القروض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ومؤسسة القروض من أجل إعادة الاعمار الألمانية. وجاءت هذه القروض تحت عناوين مختلفة. كما حدد البرلمان تاريخ 4 جوان القادم لعقد جلسة عامة للنظر في مقترح قانون يتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية.

وفي الاثناء قد يجد مجلس نواب الشعب نفسه خلال الفترة التي تفصله عن انطلاق عطلته البرلمانية امام ضرورة النظر والمصادقة على مشروع تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ومشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، باعتبار ان هذين الفصلين يعتبران ذات أولوية ومحل اهتمام رئاسي كما يمثلان أحد مطالب شريحة هامة من المواطنين.

وقد كان لرئيس الجمهورية قيس سعيد بداية هذا الأسبوع جلسة عمل خصصها للنظر في مشروع تعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية نظرا لعلاقته بالإصلاح الإداري. وشدد على أن مشروع تنقيح الفصل المذكور يتنزل ضمن الإصلاحات التشريعية التي تهدف إلى تحقيق الموازنة بين أهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد وكذلك تحقيق نجاعة العمل الاداري وعدم عرقلته. وقبل ذلك عقد الرئيس الأسبوع الفارط جلسة عمل خصصها للنظر في مشروع تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، حيث شدد على ان هذا المشروع لم يعد يحتمل التأخير وانه من الضروري التعجيل بعرضه على مجلس الوزراء للتداول فيه،حتى يتمكن من عرضه على مجلس نواب الشعب مع طلب استعجال النظر فيه.

هذا الحرص الرئاسي على إعطاء بعض المبادرات التشريعية الأولوية مع طلب استعجال النظر فيها والمصادقة، وفي إطار تكامل وظيفته التشريعية مع الوظيفة التنفيذية فان البرلمان سيجد نفسه أمام تحدي الوقت وتحدي ما له من الالتزامات، مجبرا على مزيد بذل الجهد   لتمرير المبادرات التشريعية التي لها أولوية النظر حسب جهة المبادرة (رئاسة الجمهورية أو الحكومة) أو تلك التي تقدم بها أعضاء مجلس نوّاب الشعب. علما وأن كمّا هائلا من مشاريع القوانين في مجالات متعددة ومختلفة وذات علاقة باهتمامات التونسيين تنتظر المناقشة والمصادقة.

وربما الرهانات التشريعية التي يواجهها مجلس نواب الشعب دفعت رئيسه الى دعوة أعضاء مكاتب اللجان القارة إلى اجتماع مع مكتب المجلس. وقد انعقد هذا الاجتماع يوم الاثنين الفارط للنظر في رزنامة العمل التشريعي إلى موفى الدورة النيابية الحالية. وحسب الصفحة الرسمية للمجلس فان هذا الاجتماع الذي يندرج في سياق الحرص على التشاور والتنسيق وإعداد التصورات للارتقاء بالعمل النيابي ومزيد تطويره في مستواه التشريعي والرقابي والديبلوماسي، قد خصص للنظر في السبل الكفيلة بمزيد إحكام تنظيم أشغال مختلف هياكل المجلس وترتيب الأولويات خلال الفترة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة

كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…