أي مــــدرســــة نــــريـــــد ؟ طــرح رؤى جــديــدة للــمــدرســة مــســتــقـبــلا
تستهوي الكتابة في الشأن التربوي عديد المهتمين بهذا القطاع . لكن تصبح المسألة جدية وهادفة عندما يقرر ثمانية من خبرائنا في المجال التربوي إصدار مؤلف جماعي حول المسألة تحت عنوان «أي مدرسة نريد؟» يتضمن ثمانية بحوث تهتم برؤاهم المستقبلية الجديدة لقضايا المدرسة عموما والتونسية خصوصا نحو إصلاحها وتغييرها للحصول على تعليم أفضل .فمن هم ؟ وما هي القضايا التربوية التي طرحوها في الكتاب ؟
التأليف الجماعي مع أهميته يعتبر تمشيا جديدا في المجال في تونس ويعتبر طريفا عندما يجتهد في تأليف هذا الكتاب ثمانية من خبرائنا في التربية والتعليم ، مارسوا مهنة التدريس لسنوات في بداية حياتهم المهنية، وكانت لهم فيه تجارب ميدانية عديدة وثرية، ثم جمعتهم تجربة التكوين الأكاديمي في مجال الإعلام والتوجيه المدرسي والجامعي، وأسهم كل من موقعه في مسارات إصلاح التعليم بحكم مهامهم الأخرى طوال مساراتهم المهنية . وبالإضافة إلى مهنتي التعليم والتوجيه المدرسي والجامعي تجمع بين المؤلفين كفايات أخرى ، فمنهم من حصل على الدكتوراه في علوم التربية، ومنهم الحاصل على الماجستير في علوم التربية، ومنهم من تقلد مسؤوليات عليا في وزارة التربية ، ومنهم من تقلدها في وزارة التعليم العالي ، ومنهم من كانت له تجارب سابقة في التأليف في مجال التربية والتعليم وفي مجالات أخرى. كما ينشط عدد منهم في المجتمع المدني التربوي . لذلك جاء الكتاب مركزا على فتح الآفاق نحو المدرسة المختلفة المنشودة والتي يمكن إرساؤها بديلا عن المدرسة التقليدية .
أهم القضايا المطروحة
بحث هذا الكتاب في عدة قضايا تهم مجتمعنا مستقبلا من جانب الشأن التربوي وإشكالياته. وأخذت كل المقالات جانب المقترحات منهجا في العمل حتى لا يقتصر المقال على تحليل المسائل المطروحة فحسب . لذلك يمكن اعتماد تلك المقترحات في قضايا إصلاح المنظومة التربوية .
ورغم اختلاف المواضيع المطروحة واختلاف أفكار المؤلفين ، إلا أن المقالات يجمعها خط ناظم واحد هو التركيز على التلميذ الإنسان في المدرسة المستقبلية . ويبرز ذلك من خلال القضايا التي يطرحها المؤلفون والتي نتعرض لها هنا باختصار :
تناول المبحث الأول «مسالك للتفكير في واقع المدرسة ومستقبلها – تونس نموذجا» للأستاذ منصف الخميري وفيه تحليل لموضوع إدارة الشأن التربوي لتحقيق الجودة في علاقة بخارطة الشعب المدرسية وبمبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص .
وتناول المبحث الثاني « جودة الحياة المدرسية وتجذير الشعور بالانتماء» للأستاذ سامي الحبيب وفيه تركيز على أهمية التجربة المدرسية في تشكيل شخصية الطفل والمراهق ودور المدرسة في التنشئة الاجتماعية .
وكان عنوان المبحث الثالث « نحو زمن مدرسي يراعي نسق التعلم لدى الناشئة والأزمنة التي يحدث فيها» للأستاذ خالد الشابي وفيه تناول رؤى حديثة لتنظيم الزمن المدرسي في علاقة بالتوقيت البيولوجي الانساني للمتعلم ولانتباهه الحقيقي في حصة الدرس .
وتناول المبحث الرابع « الانقطاع المدرسي بين حدة الظاهرة ومحدودية المعالجات» للأستاذ محمد رحومة العزي وركز على مفهوم الانقطاع وواقع الظاهرة في تونس وأسبابها وكيفية المعالجة .
أما عنوان المبحث الخامس فهو «التربية على الاختيار نافذة على المستقبل»للأستاذة فاطمة رحوي مديوني وفيه تناولت مقاربة التربية على الاختيار في التوجيه ومفهوم المشروع المدرسي والمهني للتلميذ .
وتناول المبحث السادس «توظيف منهجية دراسة الحالة في المسار الإصغائي ، ملامح تجربة إصغائية لمستشار في الإعلام والتوجيه» للأستاذ فتحي بوغرارة دوّن فيها خلاصة تجربته الإصغائية عند مرافقة تلاميذ أثناء ممارساته المهنية وكيفية تطويرها .
أما عنوان المبحث السابع فهو « نماذج من أواصر الشباب وتفاعلاتهم ، تضامنات تلمذية في الوسط المدرسي التونسي» للدكتور محرز الدريسي، ومن خلال تلك النماذج تناول الباحث مجتمع التلاميذ وتفاعلاتهم والروابط والتفاعلات التي تجمعهم وأهميتها وتأثيراتها في تفكيك علاقتهم بالمدرسة وبالمعرفة وبالمستقبل .
أما المبحث الثامن بعنوان «التربية الرقمية في مواجهة أزمة المدرسة من أجل بناء الفرد وإعادة صياغة مفهوم المواطنة» للدكتور مصطفى الشيخ الزوالي فتناول مفهوم التربية على وسائل الإعلام والمواطنة الرقمية وركز على أن التربية الرقمية هي المدخل الأساسي في مواجهة أزمة المدرسة في العصر الرقمي وبناء المواطنة الرقمية .
كل تلك المباحث تركز على قضايا تربوية في علاجها أنسنة التعليم . ويعتبر تناولها مهما جدا من ناحية تطوير مقاربات التعليم ونشر القيم الانسانية ضمن مسارات يصفها مقدم الكتاب الأستاذ عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان بـ «مستدامة ومبدعة لتغيير التعليم وأنسنته» .
في الشأن التربوي : تربية الناشئة على المهارات أحد تحدّيات المدرسة
من بين التحديات الحياتية التي تواجه المجتمع الإنساني اليوم، والتي على المدرسة رفعها في كل…