ما يزال موضوع المهاجرين الأفارقة يحمل لنا كل يوم الجديد الصادم ويبدو أن هذا الملف الخطير لم يبح بكل أسراره ولعل تبادلا للعنف الشديد في وقائع شغب وتوتر شهدتها منطقة الحمايزية التابعة لمعتمدية العامرة من ولاية صفاقس خير دليل على ما نقول.
ولكن اختلاف هذه الواقعة العنيف عن الاحتقان الذي سبقها في الآونة الأخيرة هو سقوط ضحية وجرح مجموعة كبيرة من الأفراد.
وتفيد التقارير الأمنية والمعطيات الصحفية التي تم تداولها مؤخرا أن شجارا عنيفا جد مؤخرا في منطقة الحمايزية بين مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء سرعان ما تحول إلى اشتباكات وأعمال عنف أسفرت لاحقا عن وقوع قتيل و تعرض بعض الأفراد إلى إصابات متفاوتة الخطورة وتم نقل هؤلاء إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس.
ويتحدث شهود عيان عن حالة من الهلع والذهول خلفتها هذه الاشتباكات في صفوف المواطنين لاسيما الأطفال الصغار خاصة مشاهدتهم لجثة القتيل ملقاة على قارعة الطريق.
ورغم التدخل الأمني الذي أفضى إلى السيطرة واستعادت المنطقة حاليا الهدوء الذي يمكن وسمه بالحذر نظرا لأن الشجارات بين هؤلاء الوافدين يمكن أن تشتعل في أي وقت إلا أن هذا يعيدنا مرة أخرى إلى المربع الأول وهو ظاهرة التواجد اللاقانوني لجحافل بشرية قدمت إلى تونس دون أوراق ثبوتية ودون وجه حق وأصبحت بمثابة القنبلة الموقوتة التي تنذر بالانفجار في كل لحظة.
ومع وجود قوات أمنية مرابطة بمنطقة الحمايزية ووصول تعزيزات أخرى من اجل حماية أمن الموطنين وسلامة ممتلكاتهم إلا أن التخوف من اشتعال شجار الخلافات بين المهاجرين ما يزال قائما.
وتجدر الإشارة إلى أن التحقيقات قد انطلقت بشأن هذه الوقائع الدامية وتمّت إيقافات في صفوف بعض الوافدين من بلدان الصحراء والساحل ويجري الآن بحث تحقيقي لمعرفة أسباب اندلاع هذا الشجار الذي تفيد بعض المعطيات الأولية أن دوافعه مالية بالأساس جراء خلاف حاد بين فئتين بسبب أموال مرصودة لبرمجة الهجرة خلسة إلى السواحل الإيطالية. مع العلم أن هذه الاشتباكات ليست الأولى من نوعها بين هؤلاء المهاجرين فمثل هذا الشغب عملية متواترة.
والأكيد أن هذه الواقعة تفتح أعيننا على مخاطر من نوع جديد في ملف أفارقة جنوب الصحراء وتعلن بوضوح أن هؤلاء الوافدين باتوا يشكلون خطرا على أنفسهم أو على بعضهم البعض تماما كما تبدو خطورتهم على المواطنين التونسيين.
فهذه المجموعة البشرية، الموجودة حاليا في مخيمات موزعة على أكثر من مكان في هذه المعتمدية، هي بالأساس قادمة من آفاق متعددة فهم يحملون جنسيات مختلفة ويعتنقون أديانا تختلف كذلك ولديهم طقوس في معيشهم اليومي متضاربة أحيانا. كما أنهم يعيشون ضغوطا عديدة نفسية واجتماعية واقتصادية وصحية وغيرها وهو ما يجعلهم قابلين «للاشتعال» أي أنهم متأهّبون لارتكاب أي أعمال عنف ويسهل الاستفزاز في ما بينهم. وكل هذه العوامل مجتمعة تجعل منهم «خطرا داهما» على المجتمع التونسي وعلى أنفسهم.
ومن هذا المنطلق علينا أن نذكّر بأن الحل الأمني على أهميته لن يكون ناجعا وحده فمشكلة الهجرة تحتاج قطعا إلى مقاربات سياسية واقتصادية واجتماعية وتتطلب جهودا مضنية للتنسيق مع جيراننا البلدين الشقيقين ليبيا والجزائر ومع شركائنا الأوروبيين من اجل التخفيف من تداعيات الهجرة غير النظامية على تونس وذلك على أكثر من صعيد.
وهذا من شأنه أن يشكل خطرا على أمنهم وحياتهم كما يشكل تهديدا لسلامة وراحة التونسيين.
مرفق القضاء حجر الأساس في بناء الدولة ومؤسساتها : ..والعدل أساس العمران..
هل نحتاج الى استحضار مقولة علاّمتنا الكبير عبد الرحمان بن خلدون: «العدل أساس العمران» للت…