دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية
كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس فضلا عن الأزمات الداخلية والهيكلية لهذه المنظومات بشهادة الفلاحين والمهنيين وكل الفاعلين في المجال الفلاحي.
ونتيجة لهذه الصعوبات المتواصلة لمنظوماتنا الإنتاجية الفلاحية تعالت منذ فترة دعوات لضرورة بعث مجلس للسيادة الغذائية، مجلس يعكف على حل الإشكاليات الراهنة ورسم مخططات على المدى المتوسط والبعيد ضمانة لديمومة منظومات الإنتاج وتزويد السوق الوطنية بالمنتوجات الفلاحية المحلية والتقليص من تبعيتها للسوق العالمية إلى جانب دعامة تنافسية المنتوج التونسي.
وعلى هامش إحياء تونس للذكرى الـ 60 للجلاء الزراعي يوم 12 ماي الجاري دعا الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري إلى إحداث مجلس أعلى للسيادة الغذائية تحت إشراف رئاسة الجمهورية ليصبح الإطار الاستراتيجي لاتخاذ قرارات جريئة وثورية تفتح الطريق أمام ارساء فلاحة وطنية متطورة وقادرة على المنافسة والصمود أمام التغيرات المناخية والتحولات العالمية.
ولعل دعوة اتحاد الفلاحين قد استندت على الدراسة التي خلص لها المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، مؤخرا،والتي تشير إلى أن تونس مضطرّة لبلورة سياسة غذائية على المدى القصير والمتوسط تعزيزا لأمنها الغذائي، في ظل تفاقم أزمة الغذاء العالمية الناتجة عن تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية إلى جانب انعكاسات التغيّرات المناخية.
وتعتبر الوثيقة التّي جاءت تحت عنوان «الأمن الغذائي لتونس في أفق 2035»، أن المنظومة الغذائية في تونس تعاني من عديد الصعوبات من ذلك التبعية المتنامية للأسواق الخارجية والضغوطات الكبيرة على الموارد الطبيعية وتشتت ملكية الأراضي الفلاحية وتهرم المستغلين يعكسها نفور اليد العاملة الشابة وضعف النفاذ إلى التكنولوجيات الفلاحية الجديدة كل ذلك يشكل أمثلة لعوامل هيكلية تعمل على إضعاف الأمن الغذائي للتونسيين.
ويتوافق ما جاء في هذه الدراسة مع تشخيص الفلاحين والمهنيين والمسؤولين على منظومات الإنتاج الفلاحي حيث يرى عدد من المختصين أنه من الضروري تجاوز مرحلة التشخيص والذهاب نحو بلورة حلول وتصورات تكون قادرة على تركيز إصلاح هيكلي لكل منظومة إنتاجية تراعي خصوصيتها ومردوديتها وسلاسل قيمتها.
وتشير الإحصائيات إلى أن 85 بالمائة من الناشطين في القطاع الفلاحي هم من صغار الفلاحين الذين لا يملكون القدرة على الصمود أمام الأزمات المناخية والاقتصادية، مما يستوجب إقرار استراتيجية وطنية وعاجلة لإنقاذ الفلاحة الصغرى التي تم التعامل معها على امتداد العقود الماضية كحالة اجتماعية.
وطالب اتحاد الفلاحين بإحداث هيئة وطنية مشتركة بين الإدارة والمهنة لحماية جهاز الإنتاج الوطني وترشيد التوريد ومزيد العناية بقطاع الصيد البحري ودعم البحارة والفلاحين ومراعاة مصالحهم وتدعيمهم بصفة مباشرة ومجزية في إطار منوال تنموي جديد يقطع مع خيارات الماضي التي أثبتت فشلها ويجعل من الفلاحة قطاعا سياديا ويراهن عليها فعليا في إنقاذ الاقتصاد وبناء قاعدة تنموية صلبة خاصة على المستويين المحلي والجهوي.
وكان رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد قد أكد في إطار إحياء الذكرى 60 للجلاء الزراعي ( 12 ماي 1964 ) بمقر المنظمة تحت شعار «من الجلاء الزراعي نحو السيادة الغذائية» أن تحقيق السيادة الغذائية يفرض وبصفة عاجلة إرساء مجلس أعلى للسيادة الغذائية يضبط التصورات الاستراتيجية للقطاع وانجازاته ويكون تحت إشراف رئيس الجمهورية.
كما اعتبر بن عياد انه رغم النجاح النسبي في تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الفلاحية والفوائض في بعض المنتجات الاخرى الا ان تونس لم تحقق بعد أمنها وسيادتها الغذائية لوجود عدة إشكاليات هيكلية قطاعية متوارثة ومنظومات إنتاجية هشة ينبغي العمل على إصلاحها وذلك بمراجعة السياسات الفلاحية المعتمدة وإعادة هيكلة منظومات الإنتاج وتطوير برامج الإنتاج والتكوين ودعم البحث العلمي وتثمين نتائجه ومعالجة ملف المديونية بشكل جذري وإصلاح منظومات التمويل والتأمين والدعم المباشر للمنتجين المباشرين.
رؤوف الفطيري مقرّر لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان لـ«الصحافة اليوم» : البرلمان يتعهد بترجمة مختلف التوجّهات من أجل ارساء دولة إجتماع
في إطار تعزيز الدور الاجتماعي للدولة أكد رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله وزير الشؤو…