2024-05-17

عطلة الأمومة في تونس بين الموجود والمأمول : تشريعات لا تكرّس المساواة بين الأمهات العاملات.. ودعوة إلى تعديلها

لطالما مثل «قصر» مدة عطلة الأمومة التي تمنح للأمهات العاملات عند الولادة محل نقاش وجدل واسع وهو ما يضطر البعض منهن إلى الاختيار بين الاستمرار وبين الاستقالة للتفرغ للاعتناء بأطفالهن بالرغم من ضغوطات الحياة وتكاليف العيش التي باتت تستوجب عمل الزوجين لمجابهة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.

ويشار إلى أن المشرع التونسي يمنح العاملات في القطاع الخاص عطلة أمومة لا تتجاوز الشهر، فيما تتمتع الأمهات العاملات في القطاع العام بعطلة أمومة تتراوح بين شهرين وأربعة أشهر، ولعل هذا ما يثير أيضا في أكثر من مناسبة مطالب بإقرار قانون يضمن المساواة بين العاملات المنتسبات للقطاعين العام والخاص.

وتعتبر الكثيرات ممن مررن بتجارب الولادة وصعوبة الوضع بعده عندما اضطررن إلى ترك المولود لدى رياض الأطفال أو الوالدة واستئنافهن العمل الذي لا يقدرن على تركه، وهذا ما جعل معظم الأمهات يعتبرن أن قانون الأمومة الحالي «جائر جداً» بحق المرأة وحق الطفل الصغير الذي مايزال بحاجة إلى اهتمامها، مطالبين بتمديد عطلة الأمومة من أجل أن تهتم المرأة بصحتها وصحة صغيرها.

يذكر أنه لم يتم تنقيح القوانين الحالية المتعلقة بعطل الأمومة والأبوة منذ سنة 1983 بالنسبة للقطاع العام ومنذ سنة 1974 بالنسبة للقطاع الخاص، وهي لم تعد تتلاءم مع المستجدات المجتمعية الحالية.

وفي هذا الإطار يتنزل المجلس الوزاري المضيق الذي انعقد بداية الأسبوع الجاري بإشراف رئيس الحكومة السيد أحمد الحشاني الذي خصّص للنظر في مشروع قانون يتعلق بضبط عطل الأمومة والأبوة. وأوضح خلاله رئيس الحكومة أنه من واجب الدولة حماية الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع مثلما نُصّ على ذلك في الفصل 12 من الدستور، كما تعمل على تكريس المساواة بين الجميع دون تمييز مثلما جاء ذلك في الفصل 23 من الدستور.

وشدّد على أن الدولة ملتزمة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها وتولي اهتماما بالغا للقضايا المتعلقة بالأسرة ورفاه أفرادها باعتبارها الدعامة المحورية لترسيخ روح التضامن والمواطنة الإيجابية. فيما قدمت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى عرضا حول مشروع القانون الذي يهدف بالأساس إلى تحسين وتطوير نظم العطل المتعلقة بالأمومة والأبوة والعمل على المساواة بين القطاعين العام والخاص،وتمت المصادقة على هذا المشروع بعد ادخال بعض التنقيحات ليقع عرضه بعد ذلك على أنظار مجلس الوزراء.

يشار إلى أن  لجنة «تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد»  بمجلس نواب الشعب قد عقدت جلسة في التاسع والعشرين من شهر أفريل الماضي خصصتها للاستماع إلى ممثلي وزارة الشؤون الاجتماعية حول مقترحي القانونين عدد 13 /2024 المتعلق بتنظيم عطل الأمومة والأبوة والوالدية في القطاعين العام والخاص، وعدد 16 /2024 المتعلق بتنقيح واتمام القانون الذي ينص على حصول المرأة العاملة على عطلة بأجر كامل قبل الولادة لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع وبعدها أربعة عشر أسبوعا، مع حصولها على كامل راتبها الشهري طيلة سبعة عشر أسبوعا بالنسبة للقطاع العام، واستحقاقها ثلثي الأجر اليومي الاعتيادي المصرح به بالنسبة للقطاع الخاص، فيما تمدد عطلة الأبوة لتصل إلى 10 أيام خالصة الأجر بعد الإدلاء بشهادة طبية تُثبت الولادة.

وتنادي المنظمات النسوية في البلاد بضرورة مواءمة التشريعات التونسية مع الاتفاقيات الدولية وأهمها الاتفاقية عدد 183 الصادرة عن منظمة العمل الدولية التي تنص على منح الأمهات العاملات عطلة مدتها شهر قبل الولادة وشهران بعدها وإذا تجاوزت ذلك يتم منح المتمتعة بها نصف الراتب. وتنتظر مكونات المجتمع المدني التي تنادي بضرورة المساواة بين جميع الأمهات العاملات في القطاعين العام والخاص دون تمييز على أمل أن يرقى  مشروع القانون الذي تعكف وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن على إعداده إلى مستوى مأمول بالنظر إلى بعض الإجراءات الإيجابية التي تضمنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية : الحرائق تهدّد الثروات الوطنية..!

تمكنت وحدات الحماية المدنية من السيطرة على الحريق الذي اندلع بداية الأسبوع في عدد من مستود…