2024-05-11

على إثر تصريح وزير أملاك الدولة، حول وجود نية من عدة دول أوروبية لإبقاء الأموال المنهوبة لديها: هل ضاع حق التونسيين…؟

ما تزال جهود الدولة في مجال استرجاع الأموال المنهوبة في الخارج ضعيفة، وراهنت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة على التقدم في هذا الملف لإعادة الحق الضائع للتونسيين.

ويتطلب هذا الملف الشائك عملا دقيقا على مستوى القضاء وإيجاد الاختصاصات اللازمة. واقرّ اغلب المسؤولين بصعوبة التعاطي مع الأطراف الخارجية في هذا المجال. ويأتي تصريح وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية محمد الرقيق، في هذا السياق، حيث اعلن عن وجود صعوبة في استرجاع الأموال المنهوبة بسبب الشروط التعجيزية التي تضعها العديد من الدول.

وتحدّث محمد الرقيق، في حوار للإذاعة الوطنية امس، عن عدم تعاون العديد من الدول مع تونس في ملف الأموال المنهوبة، مبينا أن هذه الأموال قيمتها كبيرة ولا يمكن حصرها خاصة وأنها تتعلق بأملاك عقارية وأموال منقولة.

وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يُطالب الدولة التونسية بتقديم أحكام حضورية وهو أمر صعب لأن المعنيين بالملف والذين هم محل تتبع أغلبهم في حالة فرار خارج حدود الوطن وبالتالي لا يمكن إصدار أحكام حضورية.

وبيّن ضيف برنامج «يوم سعيد»، أن نسبة استرجاع الأموال المنهوبة ضئيلة، وقال في هذا السياق «هناك نية من عدة دول لإبقاء الأموال لديها»، مضيفا أن الصلح الجزائي قد يكون أفضل آلية لاسترجاع هذه الأموال.

وخلال شهر سبتمبر 2023، اجتمعت اللجنة الخاصّة برئاسة الجمهورية لاسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج،والمحدثة بأمر رئاسي منذ أكتوبر 2020 بإشراف وزير الشؤون الخارجية بمشاركة المستشار الأول لدى رئيس الجمهورية ووزيرتي العدل والمالية ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ومحافظ البنك المركزي والمكلف العام بنزاعات الدولة.

وجدّد جميع الاعضاء التأكيد على التزامهم بمزيد دفع مسار استرجاع الأموال المنهوبة في مختلف مراحله لاسيما في ما يتعلق بعمليات التقصي والبت في القضايا الجارية وتقويم الإجراءات والتشريعات ذات الصلة وإحكام التنسيق بين مختلف المتدخلين، علاوة على المساعي المبذولة في إطار المساندة الدبلوماسية وتحسيس الأطراف الأجنبية بأهمية ملف استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج لفائدة الشعب التونسي في أقرب الآجال، وفق بلاغ للخارجية التونسية.

كما خصّص هذا الاجتماع للمصادقة على النظام الداخلي للّجنة الخاصة المذكورة وطريقة عملها طبقا للفصل 4 من الأمر الرئاسي المذكور.

وتشكلت اللجنة صلب رئاسة الجمهورية وهي خاصة بملف الأموال المنهوبة والمهرّبة بالخارج بغرض المتابعة ودفع لكل ما تقوم به الأطراف المعنية باسترجاع الأموال المنهوبة والمودعة خارج تونس.

وهدف هذه اللجنة يتمثّل أساسا في دعم الجهود المبذولة للتسريع في استرجاع الأموال المنهوبة خاصة أن الاتحاد الأوروبي قد أعلن أن يوم 31 جانفي 2021 هو آخر أجل لاسترجاع الأموال التونسية المنهوبة والمجمدة في بنوك أوروبية.

وطيلة السنوات السابقة كانت نتائج جهود الدولة في مجال استرجاع الأموال المنهوبة ضعيفة ومخيبة للآمال حيث وفقت فقط في استرجاع طائرتين ويختين ومبلغ مالي زهيد لا يتجاوز 250 ألف دولار ومبالغ اخرى محدودة بمساعدة من سويسرا الى حدود سنة 2017.

وفي 2021 أعلنت الرئاسة التونسية أن سويسرا حوّلت 3.5 ملايين دينار (1.27 مليون دولار) من أصول «بن علي» إلى حساب الدولة بالبنك المركزي التونسي.

ووفق وزارة أملاك الدولة سنة 2017، فان تونس تقدمت بعديد الطلبات القضائية والإدارية لاسترجاع الأموال المنهوبة، وساعدت سويسرا في إرجاع 3 مليون دولار من أموال أحد أصهار الرئيس الأسبق واسترجعت تونس كذلك 28 مليون دينار تونسي من لبنان كانت محجوزة على زوجة الرئيس الأسبق المصادرة.

ملف متشعّب…

وفي تقييمه لتناول الدولة لهذا الملف، أفاد الخبير الاقتصادي مراد الحطاب في تصريح لـ«الصحافة اليوم» بأن الحكومات المتعاقبة تعاطت مع ملف الأموال المنهوبة بكثير من قلة الدقة لان الملف شائك ويتطلب انفاق اموال طائلة مع المحامين.

وبين مراد الحطاب ان التجارب الدولية أثبتت في دول افريقيا والشرق الأوسط صعوبة استرجاع الأموال المنهوبة…بسبب التستر على المصدر في مجال اثبات مشروعية حماية الأموال. ووجود سلوك عام يدخل في خانة استغلال الفرص و الذهاب نحو «التمعش» باستغلال هذه الأموال المهرّبة بكل الطرق من الجهتين سواء من طرف الشخص الذي هرّب الأموال للخارج المهرّب او الطرف المستقبل أو المضيّف للأموال.

وعلى مستوى الأرقام، ذكر محدثنا ان «هناك قرابة 34 مليار دولار هرّبها بن علي وكانت تهرّب أيضا 300 مليون دولار سنويا زمن بورقيبة، وهي ظاهرة لا تقتصر على عائلة بن علي ولكنها ظاهرة متأصلة في تونس منذ السبعينات».

ويتابع الحطاب : «الأموال التي نهبت من تونس قرابة 40 مليار دولار وهذا يضاهي الناتج المحلي الإجمالي لتونس اليوم». مشيرا الى ان التواطؤ كان من عدة اطراف منها المؤسسات المالية التي لديها أساليب تقنية لسبر اغوار التدفقات في شكل تحويلات او عمليات تجارية دون توطين رقم المعاملات الخاص بها».

وشدد مراد الحطاب على ان الدولة التونسية هي التي تتحمل المسؤولية في عدم محاسبة من ساعد في تهريب الأموال وهي اطراف في وسط المنظومة. مبينا في ذات السياق ان المسألة تقنيا متشعبة جدا وتتطلب متخصصين في الشأن الصرفي والمحاسبة والتجارة الخارجية لإنجاح عملية التقصي والرصد.

ويعتقد الخبير الاقتصادي انه من الأجدر اليوم تتبع الأطراف التي ساعدت بن علي وعائلته وسهّلت عملية تهريب الأموال،لان هذه الأموال نهبت بطريقة محبوكة ولذلك لا يمكن استرجاعها اطلاقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية

ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…