2024-05-11

انتشار الدروس الخصوصية بكثافة بأسعار خيالية خاصة لتلاميذ الباكالوريا: أحدثت فوضى …أرهقت التلاميذ وامتصت مدخرات الأولياء..!

مع اقتراب موعد امتحانات نهاية السنة الدراسية وخاصة امتحان نهاية المرحلة الثانوية الباكالوريا يتجدد الجدل حول الدروس الخصوصية والتي وإن لا ينقطع عنها التلاميذ صيفا وشتاء فإنها تستمر بوتيرة أسرع ولجميع المراحل الدراسية رغم ارتفاع أسعارها بشكل فاق الخيال وتباينت بين الريف والمناطق وحتى المدينة، حتى بات لكل أستاذ أو معهد سعره الخاص، ما يضطر الأولياء  إلى سحب قروض لتعليم أبنائهم ومنهم من أرغم على بيع أرضه أو سيارة يملكها أو مصوغ إيمانا منهم بقدسية العلم ومجاراة للواقع الراهن الذي ارتفعت فيه معدلات القبول الجامعي.

وبالرغم من أن الأولياء كثيرا ما يشتكون من أعباء الدروس الخصوصية وارتفاع أسعارها الجنوني إلا أنهم يقبلون عليها بشكل مكثف مما ساهم في انتشار هذه الظاهرة إن صح التعبير وفي هذا السياق اعتبر رضا الزهروني رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ أن هذا الارتفاع الكبير للأسعار مرده غياب الضمير المهني في المدارس لدى بعض المدرسين الذين يطالبون طلابهم بالالتحاق بالدروس الخصوصية التي يضع بها المدرس كامل طاقته وضميره المهني مقابل الكثير من المال.

وأضاف الزهروني في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أنه من الجيد أن تستثمر العائلات في التعليم واعتباره الطريق الأفضل والأنسب للنجاح إلا أن غلاء أسعار الدروس الخصوصية واستغلال بعض الأساتذة لهذا التوجه من العائلات جعلهم يقومون بعروض لتقديم الدروس بأشكال معينة ولمدة محددة وبأسعار مشطة.

وتحدّث رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ عما وصفه بالتلاعب بعواطف التلاميذ والأولياء، منددا بالواقع اللاأخلاقي وفق تعبيره مشددا على ضرورة مقاومة الأسباب بطريقة جذرية وهيكلية، مبينا أن أغلب مكونات المجتمع لا تقدر على تحمّل عبء الدروس الخصوصية مما خلف تفرقة بين مكونات المجتمع الواحد بين من يملك الإمكانيات لمجاراة هذا الارتفاع في الدروس الخصوصية وبين من لا يقدر على منح ابنه هذه الأفضلية معتبرا أن هذا الواقع يدعم الفوارق الخطيرة بين فئات وجهات المجتمع التونسي.

وتطرق الزهروني إلى تدني نسب النجاح في الامتحانات الوطنية حتى بوجود الدروس الخصوصية وقال « إن بمقاومة هذه «الظاهرة» ومنعها أو الحد منها ستبلغ نسب النجاح مستوى كارثيا» وهنا أشار إلى أن هناك إشكالا في التحصيل المعرفي وفي أداء المنظومة التربوية التونسية خاصة في ما يتعلق بالمدرسة العمومية.

من جانبه قال لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك في تصريح لـ«الصحافة اليوم» إن أسعار الدروس الخصوصية الموجهة لتلاميذ الباكالوريا تتسبب في ضغط كبير على العائلات والتلاميذ مشيرا إلى أن كلفة الدروس الخصوصية تقدّر بـ 3000 مليون دينار سنويا. وأوضح الرياحي أن هذه الأرقام اعتمدت فيها الجمعية على دراسة لمنتدى الحقوق الاقتصادية الاجتماعية كشفت أنّ 67 بالمائة من التلاميذ يتلقون دروسا خصوصية من بين 2 مليون و356 ألف تلميذ أي 1 مليون و578 ألف تلميذ. وبعملية حسابية يتلقى التلميذ دروسا خصوصية في 3 مواد بمعدل 80 دينارا شهريا للمادة الواحدة أي في حدود 240 دينار للمواد الثلاثة، وعلى امتداد 8 أشهر. وأبرز أنه إلى جانب الدروس الخصوصية وارتفاع أسعارها الجنوني تفشت ظاهرة جديدة وهي «دروس المراجعة للباكالوريا» التي تتراوح أسعارها بين 270 و300 دينار للمادة الواحدة. وبين بأن مجانية التعليم في تونس تحولت إلى وهم   خاصة و أن كلفة العودة المدرسية التي تتحملها العائلة سنويا كبيرة جدا.

وتعد الدروس الخصوصية تقليدا ثابتا في المنظومة التربوية التونسية رغم محاولات كبحها أو تقنينها من خلال المنشور في عدده المنشور 17 نوفمبر 2023،صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بقرار من وزير التربية ووزيرة المالية يتعلق بتنقيح القرار المؤرخ في 31 ديسمبر 2015 الخاص بضبط المبالغ المستوجبة للدفع من قبل أولياء التلاميذ الذين يباشرون الدروس الخصوصية في تونس.وقد حُددت المبالغ المستوجبة للدفع من قبل أولياء التلاميذ المتابعين للدروس الخصوصية داخل فضاء المؤسسات التربوية العمومية كالآتي في المرحلة الابتدائية 30 دينارًا والمرحلة الإعدادية 35 دينارا والسنوات الأولى والثانية والثالثة ثانوي40 دينارا أما سنوات الرابعة ثانوي45 دينارا.

تواجه هذه الدروس انتقادات كثيرة من قبل المختصين، لكن الإقبال عليها يتزايد سنويا، مدفوعا ببحث الأولياء عن تميّز أبنائهم عبر الحصول على الدعم في أغلب المواد والمستويات التعليمية، حيث يتلقى كل التلاميذ بلا استثناء دروسا خصوصية في مادة على الأقل في الإعداديات النموذجية، وبالتالي فإن عملية تقييم التلميذ لم تعد قائمة على القدرات المعرفية والتربوية، بل مبنية على القدرة المادية للتلميذ.

تجدر الإشارة إلى أنه ورغم التشكيات من عبء الدروس الخصوصية وما تُسببه من ضغط بسبب الأسعار المشطة، إلا أن العديد من المربين يبادرون بتقديم دروس دعم وتدارك لتلاميذهم دون مقابل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية : الحرائق تهدّد الثروات الوطنية..!

تمكنت وحدات الحماية المدنية من السيطرة على الحريق الذي اندلع بداية الأسبوع في عدد من مستود…