حتى لا تكون عملا مناسباتيا : نظافة البلاد … مسؤولية مشتركة..!
أليس تكدس الأوساخ ببعض المناطق وفي «قلب» العاصمة مثلا أمرا محيّرا ومنفّرا ومثيرا للاستياء والغضب ويبعث على طرح العديد من الاسئلة خاصة منها تلك المتعلقة بالتهاون والتقاعس في أداء الواجب المهني المنوط بعهدة عمال النظافة وبالبلديات.
فملف النّظافة يعدُّ من المحاور الكبرى ومن الأولويات بالنّسبة للدولة في الوقت الراهن وهي تراهن على تحفيز السياحة وجلب السياح وتحقيق قفزة نوعية في المجال ، بأي آليات ووفق أي تحضيرات ونحن نشاهد تكدّس الفضلات بهذا الشكل على قارعة الطريق في مشهدية تستدعي استحضار سيل من الأسئلة.. هل يعود ذلك إلى التقاعس ؟ أم يتعلق بالوعي المجتمعي والتقيد بأوقات وضع الفضلات في الحاوية حتى تتماشى وتوقيت عمل عمال النظافة؟ ام أن المسؤولية مشتركة؟
أليس من حق المواطن أيضا العيش في بيئة نظيفة تبعث على الراحة وهو يقوم بجولة في شوارع البلاد أو يحتسي قهوة أو يتناول وجبة بإحدى المطاعم ؟ فاينما يولي الفرد وجهه تعترضه اكداس القمامة وبقايا السجائر واكياس القمامة الممزّقة التي لفظت ما فيها ملقاة بجانب حاويات الفضلات وهي ظاهرة يجب التوقف عندها والتعمق فيها تحليلا وتفكيكا لما تعكسه من سلوك غريب لشق من التونسيين الذين يقدمون على هذه الممارسات ويرمون بالاوساخ على الأرض عوض وضعفها في المكان المحدد لها …
في بعض الأحياء،في تونس العاصمة مثلا تتكدس القمامة بجانب الحاويات وهذا المشهد ليس جديدا و بات أمرا مألوفا لدى السواد الأعظم من المواطنين وإن دل على شيء فهو يدل على عدم اكتراث المواطن بجمالية مدينته ونظافتها وغياب وعيه بالسلوك الحضاري فما ضر لو اجتهد ووضع القمامة داخل الحاوية وهذا السلوك كأنه عدوى لدى العديد من المواطنين ومشهد معبر عن قلة الوعي…
ولا يمكن لمن يتنقل بين الشوارع ان لايلاحظ حالة العديد من البناءات -بناءات آيلة للسقوط – تستدعي التدخل العاجل لإنقاذ مايمكن إنقاذه ولعل ملف البناءات الآيلة للسقوط يعد من الملفات الثقيلة التي ستكون لنا عودة للخوض في تفاصيله تحليلا وتفكيكا ولكن الوضع حاليا يقتضي التعمق في ملف النظافة الذي عاد إلى الواجهة من جديد نتيجة حالة الإهمال الواضحه في عدة أماكن….
وضع كارثي في بعض المناطق نتيجة تكدس «الزبالة» وتدخل بطيء من المشرفين على هذا المجال وتعايش غريب مع وضع مقرف وتكدس متواصل للفضلات في عدة أماكن وغياب للوعي الجماعي للمساهمة في خدمة البلاد من خلال العمل على دعم مجهود كل القائمين على نظافة البلاد من المؤسسات العمومية المعنية بصفة مباشرة بهذا المجال وأيضا العمل الجمعياتي الذي كان له دور مهم في المساهمة في تعزيز عنصر النظافة في البلاد والمساهمة في حماية البيئة من مخاطر التلوّث …
معلوم أن بلادنا تعمل على استقبال الوافدين من الخارج وتعمل على توفير الظروف الملائمة بهدف التشجيع على السياحة والترفيع في نسبة الإقبال على الوجهة التونسية والحال تلك والأهداف المنشودة تتطلب الانطلاق من الأولوية المطلقة المتمثلة في عنصر النظافة، المرآة العاكسة لصورة البلاد وباعتبارها تمثّل عنوانا للتحضر خاصة وان المعادلة تبدّلت منذ سنوات ولم تعد النظافة من الأولويات حتى خلنا في بعض الفترات – بعد الثورة – أننا بتنا نعيش في مستنقع من «الفضلات» لعدة اعتبارات منها تلك المتعلّقة بتقصير البلديات في أداء مهامها لتنظيف المدن والأحياء وتجميلها وأخرى تعود لضعف الإحساس بالمواطنة من قبل المواطن في معيشه اليومي مما عمّق الأزمة البيئية، زائد الدور السلبي الذي لعبته عديد المؤسّسات الصّناعية والصحيّة أدّى إلى تراكم المشاكل البيئيّة نتيجة النّفايات الخطرة التي تُفرزها….
ولعل ملف النظافة أسال الكثير من الحبر خاصة في العشرية السوداء ولعل الذاكرة الجماعية تعود بنا إلى تلك الفترة التي اضرب فيها عمال النظافة وكيف كان حال البلاد والعباد ونجدّد اليوم الحديث عن هذا الملف لان مشاهد تراكم الفضلات والأوساخ في الأماكن العامة ،في قلب العاصمة حتى أمام المقرات الإدارية امر ملفت للانتباه ومثير للغضب والاستياء… وما يشد الانتباه ايضا حالة التطبيع مع «الأوساخ» والتعامل مع الظاهرة وكأنها أمر مألوف الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن كم الإهمال الذي بلغته البلاد في ما يخص الاهتمام بنظافة الشوارع.. مظهر مخز ومحزن يؤكد عدم التقيد بشروط النظافة فالأمر لا يقتصر على النقد والتشكي من الأوساخ المنتشرة بالمكان ولكنه أعمق من ذلك بكثير ولا يكفي التملص من المسؤولية – من الطرف المسؤول عن النظافة – وتحميلها دائما للآخر ولكن ملف النظافة يتنزل بكل ثقله على الأطراف الموكولة لها نظافة البلاد ..
إن التطرق لمثل هذا الموضوع يدخل في باب إثارة ملف يعدّ من أكثر الملفات الحارقة التي يعاني منها الشعب منذ عقد من الزمن وهو تكدس الأوساخ والفضلات فلقد اتخذت الأوساخ لها «مقرا» في كل مكان وهي صورة للإهمال في أسوإ تجلياته… ولابد من العمل على تجنبها لما لها من تداعيات سلبية على صورة البلاد بالداخل والخارج…
حالة من العبث المتفشية في العديد من الأماكن التي تمثل واجهة للبلاد فالنظافة تمثل مقياسا ومؤشرا ثابتا يعتمد لتحديد خيارات الاستثمار والوجهات السياحية وأيضا محددا لوجهة الاقتصاد والمال ومؤشر رئيسي لمدى تحضّر البلدان.ولابد من الوعي بالدور الذي تلعبه النظافة في خدمة البلاد والحرص على ترسيخها وتثبيتها في الوعي المجتمعي فهي مسؤولية مشتركة .
ان نظافة البيئة والمحافظة عليها تمثل جزءا من صورة تونس الحديثة في الداخل والخارج،وهي مسؤولية مشتركة من جميع الأطراف ولابد من العمل على تثمين النفايات وتمكين البلديات من إيجاد حلول خاصة بكل مجمع تابع لها حسب الظروف ونوعية النفايات ودعمها بالإمكانيات المادية واللوجستية لإنجاح العملية كما انه من الضروري ان تتخذ الجهات الرسمية الاجراءات اللازمة من اجل تحسين عملية الرفع وإصلاح المنظومة من جذورها ولعل ذلك لن يكون إلا بان يكون هذا الملف من أولويات الحكومة الحالية وان لا يقبر ويكون مآله شعارات مناسباتية والواقع عكس ما يقع التسويق له.
معلوم أن الفصل 45 من الدستور التونسي نص على أن الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ. وعلى الدولة أيضا توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي. فلا كرامة لمواطن في وطن مازالت النظافة فيه تطرح إشكالا حقيقيا ومازالت النفايات تمثل تهديدا للبيئة ولصحة المواطن.ولعل من الرهانات المطروحة على الحكومة اليوم ومن الملفات الثقيلة التي عليها وضعها على طاولة الأولويات ملف النظافة لان سلامة المناخ البيئي تمكن من جلب المستثمرين وإنعاش الاقتصاد الذي يعدّ بحاجة أكيدة لكل المجهودات للنهوض به زائد الانتعاشة السياحية التي تمر عبر هذه البوابة بالاضافة الى العديد من العناصر الأخرى على غرار النقل بمختلف تصنيفاته….
نحو الانتقال بهيكلة المجامع التنمويّة النسائيّة إلى شركات أهليّة : شروط الـــتــأســـيـــس و مـــراحـــله..
يعرف عدد المجامع التنمويّة النسائيّة ارتفاعا من سنة إلى أخرى وهو ما يعكس حجم الإقبال لمخت…