من هي لارا فاو ؟ وكيف قفز هذا الاسم الى دائرة الضوء لدى التونسيين؟ هل هي فنانة ام صانعة محتوى او مؤثرة ؟ هل هذه الفتاة بائسة تحلم بتحقيق حياة كريمة عبر الانتقال الى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ؟ هل تنتظر فرصة مثل غيرها في آلاف الطوابير المترقبين لحظة الإبحار خلسة الى السواحل الإيطالية ؟ وماذا عن مظاهر البذخ التي بدت ترفل فيها في اكثر من مدينة وهي تنتقل بين اربع قارات بمنتهى السهولة والمرونة ؟ هل هي ذات شبهة ام ضحية ؟
هذه الأسئلة الكثيرة المتشابكة طرحها التونسيون كل بطريقته بدءا بمواقع التواصل الاجتماعي ومرورا بالمنابر الإعلامية ووصولا الى غرف التحقيق.
ولعل اسم لارا فاو الذي قفز الى دائرة الضوء هو حتما الاسم الذي بحث عنه التونسيون في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي بلا منازع. وذلك عندما رصد بعض المهتمين بـ«السوشيال ميديا» فتاة من مشاهير التيك توك تتوجه بخطاب الى متابعيها مما اصطلح عليه بالتنمية البشرية ولكنه يتضمن رسائل واضحة مشجعة على الهجرة غير النظامية من تونس الى القارة الأوروبية، تقوم بذلك وهي تتجول بين الزياتين في احدى الغابات التي رجّح المتابعون العارفون بالمنطقة انها تابعة للعامرة من ولاية صفاقس.
ولاحظ المتابعون ان هذه الفتاة التي تمتلك أعدادا كبيرة من المتابعين هي ذاتها المؤثرة بل والمغنية الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لارا فاو من الكاميرون.
والمفارقة العجيبة ان صورها في غابات الزيتون بصفاقس تتناقض جذريا مع مظاهر البذخ والترف التي كانت تعيشها والتي وثّقتها عبر فيديوهات سواء في دبي او مونريال او باريس. ومن هنا انطلق التوجس. وبدأت الأسئلة تطرح هنا وهناك وانقسم الجميع كالعادة بين نفي لأن تكون الفتاة ذاتها وتأكيد. ولم تطل الحيرة فقد جاء الرد الأمني جليا مؤكدا ان لارا فاو التي دخلت التراب التونسي خلسة وتحرّض على دخول أراضينا والانطلاق منها الى أوروبا هي ذاتها التي روّجت صورا لها من قبل وهي ترفل في رفاهية مطلقة في اكثر من قارة. وبالتالي لم يعد الامر يحتاج الى تخمينات او سفسطة لنفهم ما وراء الأكمة فالشبهة قائمة بالتأكيد والتحقيق الذي باشرته القوات الأمنية مع هذه الفتاة سيبوح بكل الأسرار.
ولكن هذه الواقعة الخطيرة تجعلنا نعود من جديد الى ملف شائك وبالغ الخطورة وهو الهجرة السرية التي ما فتئت تتفاقم يوما بعد آخر. والأكيد أننا لا نحتاج الى ذكاء وقّاد لنفهم ان هناك ما يحاك لتونس في الخفاء وان هناك من يريد إحداث الفوضى والارتباك في بلادنا عبر خلق توترات اجتماعية محرّكها الأساسي الوافدون من بلدان الساحل والصحراء بطريقة غير نظامية وغير قانونية.
إذن لارا فاو وأكيد ان أخواتها كثيرات وإخوانها كثر يحرّضون بأشكال وطرائق مختلفة على ان تتهاطل الموجات البشرية على الأراضي التونسية ومعلوم ان تونس لا تستطيع ان تحتمل هذا لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا صحيا ولا بيئيا وبالتالي فإن هذا التواجد سيكون قنبلة موقوتة يعلم من زرعها انها قطعا ستهدد الأمن القومي التونسي.
وهنا من المهم ان نقول ما يجب قوله بصراحة ووضوح بشأن هذا الملف وان نتوجه رأسا الى بعض الجمعيات الحقوقية والى بعض المعلّقين في المنابر الإعلامية والذين يحاولون التهوين من هذه الظاهرة وسيتخفون بها لغايات في نفس يعقوب.
هنا نذكّرها بأن هناك اتفاقا على ان حق التنقل من اوكد حقوق الانسان ولكن من البديهي ان يكون التنقل او الهجرة من البلدان الفقيرة الى البلدان الغنية فلا يعقل مثلا ان نقيم مقارنة جائرة بين وجود التونسيين في فرنسا ووجود افارقة جنوب الصحراء على الأراضي التونسية.
كما ان رعاية هؤلاء الوافدين والتكفل بهم هو قطعا مهمة هذه الجمعيات الحقوقية الممولة من الاتحاد الأوروبي في غالبيتها وليست مهمة الدولة التي تعاني صعوبات اقتصادية معروفة لدى القاصى والداني وعندما تتكفل بهم فهي ضمنيا تقرّ بوجودهم على أراضيها وهذا غير منطقي باعتبارهم خارج القانون ودخلوا خلسة ودون احترام المعاهدات والمواثيق المنظمة لظاهرة الهجرة.
كما نذكّر الجميع بأن التعامل مع هؤلاء بما يضمن الكرامة الإنسانية أمر لا نختلف عليه لكن هذا لا يعني التساهل بخصوص دخولهم الى تونس او توطينهم فيها وهذا ما هو مرفوض شعبيا ورسميا وتم تأكيده في أكثر من مناسبة ولا داعي لمجرد النقاش بشأنه.
وأخيرا لابد ان ننطلق جميعا من أرضية واحدة مفادها الخطورة البالغة لهذه الظاهرة ولا ينبغي التعامل بتراخ او استهانة معها وقد تعلّمنا دروسا كثيرة شبيهة في العقد الأخير.
التشغيل في تونس : «أم المعارك» التي لا بدّ من خوضها
لا شك ان احد الرهانات المطروحة على تونس اليوم هو التشغيل بكل ما يعنيه هذا الملف من تعقيد …