عودة الهدوء الى ليبيا بعد اشتباكات مسلّحة : الحذر والمراقبة ودور الديبلوماسية مهم لدعم الاستقرار
شهدت ليبيا اشتباكات مسلحة،نشبت أول أمس الخميس، بين قوات الردع التي تسيطر على جزء كبير من طرابلس وتؤمّن جهة معيتيقة، والشرطة القضائية مع الدعم المركزي وقوات حفظ الأمن، حيث انطلق صراع مسلح في منطقة الفرناج الآهلة بالسكان، والذين تمت دعوتهم إلى الحيطة والحذر.
وتم عقد اجتماع سريع بحضور عديد الأطراف حيث تم وقف إطلاق النار في ظل إصابات خفيفة وأضرار بسيطة وقد تم إطلاق سراح الطرفين دون أن تكون هناك وفايات.
وتشهد ليبيا توترات أمنية طيلة الأشهر الماضية، حيث أن الوضع غير مستقر.وتعد المنطقة القريبة من الحدود بين ليبيا وتونس مسرحًا للتوترات الأمنية المتزايدة، الناتجة عن رغبة طرابلس في تغيير إدارة معبر رأس الجدير، باستثناء القوات التي تديره منذ سنوات.
وأفاد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان الناشط المدني مصطفى عبد الكبير في تصريح لـ«الصحافة اليوم» بأن العاصمة الليبية طرابلس تشهد هدوءا، مؤكدا أن الوضع مطمئن وهادئ والحياة طبيعية، لافتا إلى أن المنطقة الغربية في ليبيا تشهد اشتباكات في كل مرة بصفة متقاطعة.
وأضاف «هناك انفلات أمني من وقت إلى آخر حيث تحاول حكومة طرابلس ووزارة الداخلية الليبية بسط سيطرتهما، إلا أن وجود أطراف مسلحة يجعل من عملية استتباب الأمن أمرا صعبا».
وشدّد على أن الوضع آمن على الجانب التونسي وهناك تنسيق مع الجانب الليبي، حيث أن هذه المسائل الداخلية لا تشكل خطرا على تونس وإنما تتم متابعتها بحذر وشكل استثنائي بالنظر إلى وجود مصالح وجالية تونسية.
ودعا عبد الكبير الجهات الرسمية التونسية إلى توضيح الحقيقة وتقديم المعطيات اللازمة لطمأنة المواطن، مؤكدا أن العلاقات مع الجانب الليبي متطورة على أمل أن يفتح معبر راس الجدير قريبا.
وتعتبر المعارك بالأسلحة النارية هي الأحدث في سلسلة طويلة من الصراعات في ليبيا، فمنذ سنة 2011 تسببت في إغلاق البنية التحتية الرئيسية من حقول النفط إلى المباني الحكومية والمطارات والطرق الرئيسية، ومعابر حدودية وانقطعت شرايين هامة لليبيين مع بلدان مجاورة، آخرها معبر راس الجدير.
وبعد السيطرة على معبر رأس الجدير الحدودي مع تونس في نوفمبر الفارط، عينت حكومة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة فرقة عمل أمنية خاصة لنقطة الحدود، يسافر من خلالها الليبيون إلى تونس، بشكل أساسي للتجارة والعلاج، هذه الخطوة التي رفضتها الجماعات المسلحة ـ التابعة للمجلس الأعلى للأمازيغ في ليبيا ـ والتي بسببها هددت بتصعيد الوضع إذا رفضت حكومة الدبيبة التنازل.
وفي الأيام الماضية شهد معبر راس الجدير اشتباكات متقطعة، من أجل السيطرة عليه بالقوة، وعاد الهدوء الحذر الى المعبر، بعد استعادة قوة تابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة السيطرة على الوضع، وذلك إثر تفاهمات مع قوات تابعة لمدينة زوارة، كانت تسيطر على المنفذ الذي شهد اشتباكات مؤخرا.
وضع أمني غير مستقر
ويعدّ معبر رأس الجدير الحدودي أهمّ معبر برّي لغرب ليبيا يربطها بتونس، ويرى مراقبون أن أيّ محاولة لطرد القوات الموجودة في معبر رأس الجدير ستدفع نحو مواجهات مفتوحة قد تكون مؤشرا على العودة بالمنطقة الغربية إلى مربع العنف والفوضى.لذلك يتطلب إنجاح كل المسارات في ليبيا تحقيق الاستقرار الأمني.
وشدد مصطفى عبد الكبير على ان الجالية التونسية بخير لكن يبقى الحذر واجبا لان عملية تجدد الاشتباكات في ليبيا واردة في أي لحظة، خاصة وان اكثر من 30 مليون قطعة سلاح منتشرة في ليبيا منذ 2011، وعملية نزع هذا السلاح في الظرف الراهن تصعب كثيرا.
ولاحظ محدثنا ان هناك صعوبات حقيقية في الوصول الى استقرار ومسار امني لان جمع كل هذه الأسلحة صعب جدا،كما ان كل كتيبة لها انتماؤها السياسي والعقائدي وولاؤها الى الخارج.مضيفا انه حتى الأجهزة النظامية يسعى البعض منها إلى اسقاط حكومة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة.
واكد عبد الكبير ان كل المسارات في ليبيا متعطلة فالمسار السياسي متوقف وتم تأجيل الانتخابات وتمسك الدبيبة بالحكم رغم انتهاء المدة الزمنية لحكومته صعّب الوضع، وهذا ما يخدم الأطراف الدولية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وروسيا لان التجاذب بين الشرق والغرب والمنطقة الوسطى يخدم الدول الأجنبية الموجودة في ليبيا، الدولة التي من شرقها الى غربها تحت الوصاية.
دور الدبلوماسية التونسية
وتابع عبد الكبير ان «تونس تحتاج الى عمل كبير امنيا ودبلوماسيا في التعاطي مع الملف الليبي ويجب الاحتجاج دبلوماسيا على هذه الوضعية بعد جلب قاعدة اجنبية على الحدود مع تونس».
وذكر ان من مصلحة البلدين الحفاظ على نشاط معبر راس الجدير خاصة وانه يضخ 4 آلاف مليار من المليمات كل سنة لميزانية تونس كحجم تبادل تجاري. فهو يشهد تدفق عدد من المسافرين يتراوح بين 1000 الى 4 آلاف مسافر في اليوم.
اما المختص في الشأن الليبي غازي معلى فبين في تصريح لـ«الصحافة اليوم» ان الاشتباكات هي سبب غير مباشر في اغلاق معبر راس الجدير على الحدود التونسية، مشيرا الى ان هذه التوترات المتقاطعة أصبحت امرا معتادا وليست لها تاثيرات امنية مباشرة وغير مباشرة على تونس.
وأوضح معلى ان أسباب اندلاع الاشتباكات من فترة الى أخرى هي غياب حوار سياسي وخارطة طريق سياسية تضمن الانتخابات في ليبيا. وهذا الوضع يحتم توحيد كل القوى الأمنية والعسكرية والسياسية، محذرا انه في حالة غياب حل سياسي فستذهب الصراعات المتقطعة الى صراع اشمل ووقتها يصبح الوضع صعبا في تونس.
ولفت غازي معلى الى ان تونس كان دورها متواضعا منذ 2011 الى اليوم في ليبيا التي تشهد صراعات داخلية واجنبية. داعيا الى ضرورة ان تحدد تونس هدفا سياسيا يضع آليات لحدود آمنة وإقامة علاقات طيبة مع دول الجوار وخاصة ليبيا.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…