2024-04-11

بعد تحسن المؤشرات الإقتصادية : خيار التعويل على الذات يجني أولى ثماره و الطريق ما تزال طويلة

رغم الصعوبات المالية و الأزمة الإقتصادية و ما أفرزاه من تداعيات سلبية على أوضاع البلاد و العباد  إلا أن خيار الدولة التونسية في معالجة هذا الوضع المأزوم إتجه نحو الطريق الأصعب لكنه في الواقع الأسلم و هو التعويل على الذات و على الموارد الذاتية للدولة و قد مثل هذا الموضوع محور لقاء رئيس الدولة قيس سعيد برئيس الحكومة أحمد الحشاني  يوم الاثنين الفارط حيث تباحثا في شأن  سير العمل الحكومي في الأيام القليلة الماضية، خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الجمهورية حيث جدد خلال هذا اللقاء الرئيس سعيد  موقفه المتعلق» بضرورة التعويل على الإمكانيات الوطنية في المقام الأول رغم  الصعوبات التي تواجه التونسيين،» مؤكدا على أنه أمكن بفضل هذا الخيار تخطي العديد من التحديات و «خير دليل على ذلك هو تحسن التوازنات المالية للدولة ».وفق ما جاء على لسان رئيس الدولة عبر نص البلاغ .

و كانت رئاسة الحكومة قد كشفت منذ أيام عن بعض المؤشرات الإقتصادية الإيجابية التي تم تسجيلها خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية مما أكد أن الخيار الذي انتهجته الدولة في التعويل على الموارد الذاتية بدأ يعطي أكله و إن كان بشكل نسبي فقد سجل  العجز الإجمالي للميزان التجاري  تراجعا بنسبة 20.7٪ و ارتفعت مداخيل القطاع السياحي بنسبة 8 بالمائة ، إلى جانب إنتعاش الميزان التجاري الغذائي نتيجة إرتفاع صادرات زيت الزيتون خلال هذا الموسم .و  رغم تحسن بعض المؤشرات مع بداية هذه السنة بالنظر للسنة الماضية إلا أن هذا لا ينفي ما تشكوه قطاعات أخرى من إشكالات و أزمات تستوجب مرورا سريعا للإصلاح و الإنقاذ حتى يكون خيار التعويل على الذات على أرض صلبة و يتحقق بشكل يدفع نحو تجاوز الأزمة و تلمس طريق التعافي الإقتصادي الذي لن يتحقق إلا بتشخيص واقع القطاعات التي تشكو صعوبات و من ثمة إيجاد برامج إصلاح و حلول ناجعة لها لكي تستعيد نسق إنتاجها و مردوديتها .و في الواقع , ليس الأمر بالهين إعتبارا إلى التراكمات التي شهدها الوضع الإقتصادي خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة السياسات الفاشلة و الخيارات الإقتصادية التي عمقت الأزمة و أغرقت الدولة في مديونية كبيرة جعلتها تتخبط في دائرة مغلقة و حالت دون تحقيق أي إنجازات إقتصادية تذكر بل على العكس تراجعت نسبة النمو و إنحدرت عدة مؤشرات إلى مستويات دنيا أحرجت بلادنا على المستوى الدولي و جعلت تصنيفها الإئتماني في أدنى مستوياته و هو ما زاد تراكم العقبات التي أعاقت إمكانية تحسين مناخ الإستثمار و إستقطاب المستثمرين الأجانب و كذلك عدم توفق تونس في الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي الذي كانت مجبرة على طلبه .و أمام تعثر مسار المفاوضات مع الجهة المانحة خاصة بعد عدم قبول الدولة التونسية الخضوع لشروطها و إملاءاتها التي تتعارض مع الواقع الإجتماعي ,لم تجد بلادنا بدا من المرور إلى خيار التعويل على ذاتها و هو الخيار الذي طالما دعا له أهل الإقتصاد لأنه كفيل بإخراج تونس من مرحلة الأزمة المستمرة و كان من الضروري إتخاذ هده الخطوة التي تستوجب بعض التضحيات .

و قد كان الرئيس قيس سعيد يؤكد في كل مناسبة على أهمية النهج الذي إختارته الدولة التونسية في تعويلها على مواردها و كان سعيد قد جدد تأكيده على هذا الأمر خلال لقائه برئيس الحكومة  يوم الاثنين الفارط لافتا إلى «أن السير قدما في هذا الاتجاه مع « التعاون الند للند على الصعيد الخارجي سيتيح الاستجابة لمطالب الشعب في الحياة الكريمة وفي الحفاظ على سيادة الدولة والاستقلال الكامل للقرار الوطني ».وفق ما جاء على لسان الرئيس في بلاغ رئاسة الجمهورية مؤكدا على أن  تكون كل مؤسسات الدولة في خدمة المواطن في كل المستويات وأنه على من يتحمل المسؤولية أن يضاعف من جهوده ويكون قدوة في البذل والتعفف والعطاء فضلا عن واجب التحفظ والحياد ».

و مهما يكن من أمر فإن طريق الإصلاح الإٌقتصادي ما تزال طويلة و تستوجب وقتا و برامج ناجعة و مدروسة و تشريعات جديدة تدفع بالإقتصاد إلى مستويات أرفع و إنتهاج مسار التعويل على الذات هي الخطوة الأولى في الطريق الصحيحة التي و إن كانت أطول و أصعب إلا أنها الأسلم و التي ستؤتي أكلها بعد سنوات و تقود البلاد إلى بر الأمان للخروج من عنق الزجاجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المكلفة بالعلاقات العامة بجمعية «عسلامة» بألمانيا نرجس السويسي لـ «الصحافة اليوم» : منتدى الاستثمار شتوتغارت 2024 فرصة للتحفيز على الاستثمار

في إطار التحفيز والتشجيع الاستثمار الخارجي بتونس خاصة من قبل الجالية التونسية, تحتضن مدينة…