مع تواصل موجة الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا: هل تأتي زيارة ميلوني المرتقبة إلى تونس بحلول واقعية ؟
كشفت وسائل إعلام إيطالية أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تعتزم القيام بزيارة جديدة إلى تونس خلال الأيام القادمة،وهو ما صرّح به أيضا النائب السابق في البرلمان والناشط السياسي مجدي الكرباعي ونقله أيضا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية .
وتأتي هذه الزيارة المرتقبة لميلوني الى بلادنا على اثر تواصل ارتفاع أرقام الهجرة غير النظامية نحو الأراضي الإيطالية، حيث تشير آخر الأرقام إلى أن عدد التونسيين الذين وصلوا إلى السواحل الايطالية منذ مطلع 2024 بلغ 1599 مهاجر استنادا لأرقام كانت قد نشرتها السلطات الإيطالية.
في المقابل ارتفع عدد الواصلين خلال الثلاثية الأولى من سنة 2024 الى 1371 مهاجر تونسي ،ليحتل بذلك التونسيون المرتبة الثالثة في الواصلين الى إيطاليا بنسبة 12% من جملة الواصلين الى السواحل الإيطالية خلال هذه السنة،وبلغ مجموع الضحايا والمفقودين خلال الثلاثية الأولى من سنة 2024 ، 167 شخص.
في الوقت ذاته تواصل قوات الأمن الوطني التونسي مجهوداتها في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية سواء القادمين من دول الجوار أو المهاجرين من السواحل التونسية حيث تم احباط 171 عملية اجتياز اغلبها بحرا بنسبة 90,46 % و منع 5404 مهاجر غير نظامي على السواحل التونسية اغلبهم من جنسيات غير تونسية بنسبة 86,92 % ليصل عدد المجتازين الذين وقع إحباط محاولاتهم منذ بداية السنة إلى 8517 مهاجر.
هذا وانتشلت الوحدات العائمة التابعة لإقليم الحرس البحري بالوسط 13 جثة آدمية ، وأحبطت 55 عملية اجتياز للحدود البحرية خلسة وأنقذت 1867 مجتاز من بينهم 1829 من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء، وفق بلاغ صدر الأحد الفارط 07 أفريل 2024 عن الإدارة العامة للحرس الوطني.
كما يذهب البعض من متابعي ملف الهجرة غير النظامية إلى دول الاتحاد الأوروبي وخاصة بعد ارتفاع أعداد المهاجرين في السنوات الأخيرة إلى أن إيطاليا تفكر حاليا في إنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين في تونس كتلك الموجودة في إيطاليا بهدف الحد من موجة المهاجرين غير النظاميين وخاصة من مناطق العبور المنشإ.
وتشير آخر الأرقام إلى أن شهر مارس 2024 سجل وصول 673 مهاجر غير نظامي تونسي إلى السواحل الإيطالية أي بنسبة انخفاض طفيف تبلغ 13،38 % مقارنة بالسنة الماضية في حين بلغ عدد الضحايا والمفقودين 63 شخصا خلال شهر مارس المنقضي وفق ما ذكره التقرير الشهري للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
كما تفيد آخر المعطيات والأرقام الصادرة عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية، وصول 317 مهاجر تونسي إلى إيطاليا خلال الأسبوع الأول من شهر أفريل وأنّ الحرس الوطني منع أكثر من قرابة 6 آلاف مهاجر من الوصول إلى ايطاليا، مع تسجيل 200 ضحية مفقودة على السواحل التونسية، و26 حالة وفاة.
ويذهب بعض الخبراء والمتابعين لملف الهجرة غير النظامية إلى اعتبار إعلان الوكالة الفرنسية للتنمية مؤخرا تخصيص، اعتمادات بقيمة 5 ملايين أورو في شكل «هبة- مشروع» إلى تونس بهدف تعزيز حوكمة الهجرة في تونس ودعم مسارات إعادة الإدماج المستدام للمهاجرين العائدين، من بين الأسباب التي سرّعت باعتزام رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني القيام بزيارة الى بلادنا الأيام المقبلة.
ففي الوقت الذي تعمل فيه إيطاليا بكل السبل لاستكمال تفعيل مذكرة التفاهم التي تم إمضاؤها في 16 جويلية 2023 حول الشراكة الإستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي وكسب رهان التصدي للهجرة غير النظامية تدخل فرنسا على الخط للسعي إلى لعب دور أشمل في ظل توتر علاقاتها بجارتها إيطاليا والذي يتجلى بوضوح من خلال التنافس الفرنسي – الايطالي في مناطق عدة من القارة الإفريقية، والذي اتسم بتوتر سياسي في السنوات الأخيرة وصل إلى حد التلاسن بين مسؤولي البلدين و خاصة في الفترة الأخيرة أمام الموقف الفرنسي المساند والداعم للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة .
وتسعى فرنسا إلى لعب دور في منطقة شمال إفريقيا وخاصة في تونس وسط تخوف من توسّع الدور الإيطالي أو الروسي أو الصيني وفقدان موقعها مع أول شريك اقتصادي لها في إفريقيا.
ونعتقد أن مكافحة الهجرة غير النظامية تحتاج إلى شراكات تبنى على أسس تحقيق المصلحة المشتركة سواء مع فرنسا أو إيطاليا أو غيرها من الدول الشريكة والصديقة بشرط معالجة هذه الظاهرة العابرة للقارات وفق مصلحة كل الأطراف مع احترام استقلالية القرار الوطني واحترام حقوق الإنسان.
فإنجاح مختلف هذه الشراكات في سبيل معالجة هذا الملف الشائك الذي يؤرق دول ضفتي المتوسط وبدرجات متفاوتة ينطلق من معالجة الأسباب العميقة والأساسية لظاهرة الهجرة غير النظامية والتي تتمحور عموما حول التشغيل والتنمية وتحسين المناخ الاقتصادي والاجتماعي فالحلول ينبغي أن تنبثق من توافقات وشراكات واقعية مع شركاء تونس في اتجاه إعادة ضبط سياسات الهجرة في المنطقة الأورو- متوسطية تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة، حيث شكّل ملف الهجرة في السنوات الأخيرة واحدا من أهم القضايا المحددة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع دول الجوار في البحر المتوسط وعدم حصر هذا الملف في المعالجة الأمنية الصرفة وهو ما شرعت فيه إيطاليا بقيادتها هذا الملف الشائك ونجاحها في إبرام اتفاقية الشراكة الإستراتيجية والشاملة مع تونس التي ننتظر تفعيل كافة بنودها للوصول إلى تحقيق مجمل أهدافها.
عن المضاربة والاحتكار مرة أخرى..!
مثّلت مختلف مجهودات أسلاك الأمن الوطني والنتائج الايجابية التي أسفرت عنها مؤخرا في التصدي …