محمد الضيفي الخبير في الحوكمة المحلية لـ«الصحافة اليوم» : ضرورة التعجيل بوضع قانون أساسي لتفادي ما قد يؤثر سلبا على المسار المحلي
وجّه أعضاء المجلس المحلي بالعلا من ولاية القيروان يوم 2 أفريل الجاري لائحة لوم الى المعتمد الأول للولاية بسبب عدم توجيه دعوة الى أحد أعضاء المجلس الإقليمي الى مأدبة إفطار جماعي وجلسة التعارف التي تم تنظيمها للإطارات الجهوية. ويوم 3 من نفس الشهر أصدر المجلس المحلي بسبيطلة من ولاية القصرين بيانا ندد فيه بعدم تلبية معتمد الجهة دعوة المجلس الى حضور جلسة عمل.
وكلاّ من لائحة اللوم الصادرة عن المجلس الجهوي بالعلا والبيان الصادر عن المجلس المحلي بسبيطلة واعلانه مقاطعة معتمد الجهة واتهامه بمحاولة الاستفراد بالرأي في الشأن المحلي، جاءا بعد فترة وجيزة من تنصيب اعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الاقاليم وقبل تنصيب مجلس الجهات والاقاليم. وان استغرب البعض مما صدر عن المجلسين واعتبره من باب التسرّع في الدخول في صدامات مع السلط الجهوية، فان البعض الآخر لم يستغربه واعتبره نتيجة حتمية لغياب نص قانوني يوضح صلاحيات أعضاء مختلف المجالس المنتخبة والعلاقات بينها.
وفي هذا الإطار أوضح محمد الضيفي الخبير في الحوكمة المحلية في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن المجالس المحلية مكاتبها موجودة في مقر المعتمدية ومن هذا المنطلق يعتقد اعضاؤها انه من واجب المعتمد العمل معها وان هذا الأخير يخضع لسلطتها. وهذه الضبابية متأتية من غياب نص قانوني يوضح مهام المجلس المحلي وكذلك يوضح العلاقة بينه وبين السلط الأخرى أي بينه وبين المعتمد وبينه وبين العمدة وبينه وبين البلدية، وهي باقي الأطراف التي من المنطق ان يتعامل معها.
وبالتالي عندما توجّه له دعوة من المجلس المحلي لحضور اجتماع ما فإنّ المعتمد بإمكانه الا يلبّي الدعوة، من منطلق انه لا وجود لقانون يوضح العلاقة بيه وبين المجلس المحلي خاصة وان المعتمدية عموما تضم ثلاث سلط تتعامل في ما بينها وهي المعتمد والبلدية والمجلس المحلي. وهو ما يتطلب توضيح العلاقة بينها، غير ان الحاصل الى الآن هو غياب الوضوح حول الرابط بين العناصر التي تنشط صلب المعتمدية وهي العمدة والمعتمد والبلدية والنائب بالبرلمان، بل أصبحت هناك منافسة بين عضو مجلس نواب الشعب أي ممثل الغرفة التشريعية الأولى وعضو المجلس المحلي أي ممثل الغرفة التشريعية الثانية وكلاهما منتخبان من طرف المواطنين لتمثيلهم، وكلاهما يرى ان له أولوية التمثيلية. وهذا سيكون منطلقا لأعضاء المجالس المحلية في عديد الجهات للمضيّ في اجراء سحب الوكالة من النواب بتعلة عدم تعاملهم معهم.
وبالتالي فان أساس التوتر الذي انطلقت بوادره هو الغموض وغياب النصوص القانونية التي تضبط العلاقة بين مختلف الأطراف التي تنشط محليا وجهويا. وعلى سبيل الذكر فان ما ينسحب على المجلس المحلي بسبيطلة ينسحب أيضا على المجلس الجهوي الذي يتعامل مع الوالي. ما يعني انه إذا ما تواصل هذا الغموض فان هناك إشكاليات ستحصل ايضا بين الوالي والمجلس الجهوي باعتبار انه لأول مرة يتم تصعيد مجلس محلي ومجلس إقليمي في حين المجالس الجهوية موجودة منذ الاستقلال ويترأسها الوالي وتشغّل أعوانا. واليوم صارت هناك مجالس جهوية منتخبة نصبت الى جانب تلك المجالس القائمة، والتي تضم البلديات وأعضاء مجلس النواب وتنعقد مرة كل ثلاثة أشهر ويترأسها الولاة وهم آمري الصرف صلبها. وهو ما يؤدي الى التساؤل إن ستسحب المجالس المنتخبة البساط من المجالس القائمة وتعوضها في مهامها ام انها تلك القائمة ستنتظر صدور قانون يلغيها. وتجدر الإشارة الى ان المجالس الجهوية المنتخبة ستنتخب بدورها رؤساءها، ما يبعث على التساؤل أيضا إن سيعوض هؤلاء الولاة ليصبحوا هم آمري الصرف ام لا، علما وان رئيس المجلس الجهوي المنتخب مدة رئاسته تتواصل قانونيا ثلاثة أشهر فقط.
وبالتالي فان من أكثر المسائل الغامضة والمسكوت عنها هي علاقة المجلس الجهوي المنتخب بالمجلس الجهوي القائم وخاصة ان آمر الصرف بالصيغة الموجودة هو الوالي وإذا أصبح آمر الصرف هو رئيس المجلس الجهوي المنتخب سيصبح هناك كل ثلاثة أشهر آمر صرف ما سيصعّب عملية المراقبة وعملية المحاسبة. وهذه الوضعية تطرح إشكالا كبيرا وتستوجب التعجيل في اصدار قانون أساسي جديد ينظم عمل مختلف الجماعات المحلية الثلاث المحلية والجهوية والإقليمية ومهامها وصلاحياتها. والى جانب ذلك يجب وضع نظام داخلي لكل مجلس ينظم اجتماعاته وتسيير جلساته.
وفي هذا الإطار أكد محدثنا انه في غياب الإطار القانوني الذي ذكره سيتعثر المسار منذ انطلاقه وما حصل في المجلس المحلي بالعلا من ولاية القيروان والمجلس المحلي بسبيطلة الا انذار بوجود بوادر التوتر ويدعو الى ضرورة وضع النصوص القانونية اللازمة. اذ انه إذا تواصلت هذه التوترات وهذه الضبابية فإنها ستؤثر سلبا على المسار برمّته وقد تؤدي الى فشله.
وفي ما يخص العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أوضح محمد الضيفي انه يجب تنظيمها بقانون أساسي ويجب سنّ هذا القانون في اقرب وقت ممكن. اذ ان الغرفة الثانية لا يمكن ان تنطلق في عملها الا بعد إصدار قانون ينظم العلاقة بينها وبين الغرفة الأولى. فبالرغم من ان الدستور نص على وظيفة المجلس الوطني للجهات والأقاليم غير انه من الضروري وجود نص قانوني ينظم العلاقة بين الغرفتين، ليعبر عن أمله لو ان هذا القانون تم إعداده قبل الانتخابات المحلية وهي الطريقة الأسلم لتفادي الإشكاليات التي ستطرح. واعتبر ان هناك تسرعا في تنصيب مختلف المجالس دون تهيئة الأرضية التشريعية لها، ما يعني انه كان من الأجدر وضع الأرضية التشريعية ثم يتم انتخاب المجالس وليس العكس كما حصل.
بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة
كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…