تزامنا مع شهر الصيام : العطش يؤجّج الحراك الاحتجاجي في مختلف المناطق
مايزال الوصول إلى الحق في الماء الصالح للشرب مطلبا ملحا للعديد من المواطنين في مختلف المناطق فرغم الإجراءات المعلنة من قبل السلطات الا ان الوضعية تزداد سوءا يوما بعد يوم خاصة واننا أصبحنا على مشارف الصيف الحارق الذي عادة ما تزيد فيه الحاجة إلى الماء باعتباره مصدرا اساسيا للعيش.
وقد أعلن في هذا الاطار المرصد التونسي للمياه عن تسجيل 149 تبليغ خلال شهر مارس 2024 حول انقطاعات غير معلنة واضطرابات في توزيع المياه الصالحة للشرب في العديد من المناطق وتصدرت ولاية قفصة خارطة العطش بـ 26 تبليغا تلتها ولاية سيدي بوزيد بـــ11 تبليغا. توزعت التبليغات بحسب بيانات المرصد الى 9 تبليغات عن مياه غير صالحة للشرب، 14 تسريبات و101 إنقطاع كما شهدت بعض المناطق تحركات احتجاجية بلغت وفق المرصد 25 تحركا.
وتأتي هذه الانتهاكات للحق في الماء الصالح للشرب تزامنا مع شهر الصيام الذي يحتاج فيه المواطن إلى توفر هذه المادة الحياتية أكثر من غيره من الاوقات بحكم تعدد استعمالاته سواء بالنسبة للأفراد أوالدواب أوالغراسات وقد أثارت هذه الوضعية الصعبة استياء الكثير من الأهالي في العديد من المناطق الذين يعانون على امتداد العام من صعوبات في التزود بالمياه نتيجة الانقطاعات والاضطرابات التي تتواصل في ظل ظروف صعبة تمر بها البلاد بسبب الشح المائي الذي تفاقم أكثر نتيجة لتراجع التساقطات المطرية وتواصل سنوات الجفاف الحادة، مما أثر بشكل كبير على مخزونات السدود على المستوى الوطني والتي لم تتجاوز نسبة امتلائها 37 % منتصف شهر مارس الحالي.
كما سجل المرصد التونسي للمياه خلال سنة 2023 حوالي 1893 تبليغ مواطني حول اشكاليات تتعلق بالمياه وتتعلق هذه التبليغات بانقطاعات في عمليّة توزيع مياه الشرب دون الإعلان المسبق من قبل الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وتسرّب المياه على مستوى شبكة التوزيع الوطنية بالاضافة الى تحركات احتجاجية ضد صعوبة الوصول إلى مصادر مياه الشرب إذ احتلت ولاية بن عروس المرتبة الاولى على مستوى عدد التبليغات (187 تبليغ) تليها ولاية نابل (158 تبليغ) ثم قفصة (131 تبليغ). كما شملت صعوبات الحصول على مياه الشرب ولايات تونس الكبرى وبشكل هام بعد تسجيل 413 تبليغ سنة 2023 و466 تبليغ سنة 2022
وأبرز المرصد أنّه تلقى على موقعه الالكتروني 1592 تبليغ سنة 2023 تعلّقت بقطع مياه الشرب دون الإعلان عن ذلك و127 تبليغ عن تحركات احتجاجية تطالب بالحق في الماء و133 تبليغ عن تسرب المياه و41 تبليغ عن جودة المياه الموزّعة..
ولتمكين المواطنين من حقهم الدستوري في الحصول على الماء الصالح للشرب طالب المرصد التونسي للمياه بالتخلي عن سياسة الحلول الظرفية والترقيعية لمعالجة الوضع المائي والعمل على رسم سياسات عمومية جديدة في إطار حوار تشاركي بين جميع الفاعلين (من هياكل عمومية ومنظمات مهنية وطنية ومجتمع مدني وأحزاب سياسية) تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الشعب الأساسية من ناحية والتحولات المناخية من ناحية أخرى.
كما طالب أيضا في بيان له بمناسبة اليوم العالمي للمياه بالإسراع بفتح حوار جدي مع كل أطياف المجتمع لإعداد مجلة مياه جديدة قادرة على تلبية الحاجيات المائية للتونسيات والتونسيين حاضرا ومستقبلا وبإعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي مع إعطاء الأولوية للإنتاج المتأقلم مع التحولات المناخية وندرة المياه، والقادر على تحقيق السيادة الغذائية على المدى المتوسط والبعيد كما طالب أيضا بوضع خطة عمل وبرامج متابعة ومساندة للفلاحين الصغار خاصة لجعلهم قادرين على التكيف الاستباقي مع التحولات المناخية على مستوى الإنتاج واستعمال المياه للري. بتعبئة الموارد المالية اللازمة للاستثمار في مجال الماء من بنى تحتية وتجديد قنوات وغيرها من التجهيزات القادرة على التقليص من ضياع المياه وضمان استدامة التزويد وبوضع سياسة عمومية تحفيزية لتجميع مياه الامطار بالمناطق العمرانية مع التخلي عن الإجراءات والشروط البيروقراطية التي تم اتباعها أخيرا في هذا المجال.
واعتبر المرصد أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات المعنية للخروج من هذا الوضع الاستثنائي للموارد المائية تبقى ترقيعية وغير قادرة لوحدها على حلحلة الازمة وتتمثل هذه الاجراءات في إقرار نظام القطع الدوري لمياه الشرب على حوالي 7 مليون مواطنة ومواطن يقطنون بأربعة عشر ولاية، ممن يتزودون من السدود بمياه الشرب وذلك منذ مارس 2023 وإلى أجل غير مسمى.
كما تمت أيضا مطالبة صغار الفلاحين بعدم غراسة أراضيهم، خاصة بالنسبة للغراسات المستهلكة للماء، وهذا ما أثر بحسب المرصد بشكل كبير ومباشر على موارد رزقهم من ناحية وقلص الإنتاج الوطني من الخضر والغلال الفصلية الأساسية من ناحية أخرى. بالتالي أنتج ارتفاعا كبيرا في الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين. كما أقدمت السلطة على زيادة أسعار مياه الشرب بداية من غرة مارس 2024، وذلك بمقادير تراوحت ما بين 85 الى 320 مليم للمتر المكعب بالنسبة للشرائح المستهلكة لأكثر من 20 م3 في الثلاثية وهو ما اعتبره المرصد عاملا اساسيا لمزيد تعميق ازمة مياه الشرب على كل المواطنين .
التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟
بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…