2024-03-28

أمام تباين تقييمات الخبراء والتصنيف الأخير لموديز : هل بدأ الاقتصاد التونسي فعلا في التعافي ؟

تباينت مقاربات خبراء الإقتصاد في تقييمهم لآداء النشاط الاقتصادي التونسي منذ انطلاق سنة 2024. فقد اعتمد عدد منهم على تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية بداية هذا العام خاصة بعد نسبة النمو الضعيفة التي سجلتها السنة الماضية والمقدرة بـ0,4 % وذلك للتأكيد على صلابة المالية العمومية وعلى قدرة البلاد على سداد تعهداتها المالية عبر التعويل على الامكانيات الذاتية وصولا حتى إلى الاستغناء عن صندوق النقد الدولي.

ويرتكز هذا التوجه على ما ورد أولا  في البيان الذي  أصدره البنك المركزي بتاريخ 22 مارس الجاري اعتبر فيه أن آخر المؤشرات الاقتصادية المتاحة تظهر تحسنا نسبيا لنمو إجمالي الناتج المحلي في الثلاثي الأول من سنة 2024 مضيفا أن  النشاط الاقتصادي استفاد بشكل خاص من الانتعاشة التدريجية للديناميكية المسجلة على مستوى القطاع الفلاحي وعلى ديناميكية صادرات السلع والوفود السياحية، خلال الشهرين الأولين من سنة 2024،التي من شأنها أن تؤدي إلى تحفيز النمو وفق البنك المركزي وعلى تقلص العجز  الجاري إلى مستوى 163 مليون دينار (أو -0,1٪ من إجمالي الناتج المحلي) في موفى الشهرين الأولين من سنة 2024، مقابل 797 مليون دينار (أو -0,5٪ من إجمالي الناتج المحلي) في العام السابق. وقد وصفه البنك المركزي بالآداء الجيد الذي يعزى خاصة، إلى تراجع العجز التجاري والذي بلغ 1.784 مليون دينار مقابل 2.359 مليون دينار في موفى شهر فيفري 2023.

وعلاوة على ذلك  اعتمد هؤلاء الخبراء على تقرير وكالة موديز لتصنيف المخاطر الائتمانية الاخير حول تونس الصادر بتاريخ 22 مارس الجاري حيث أبقت موديز على تصنيف تونس على المدى الطويل بالعملة الأجنبية والمحلية في درجة «Caa2» مع الترفيع في النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة .

وأكدت موديز أن هذا التغيير يعكس وجهة نظر الوكالة بأن الضغوط التي تواجهها الحكومة التونسية لن تزيد بشكل كبير.وقد استند الخبراء على هذا التقرير للتأكيد  على قدرة تونس على سداد ديونها وتوفرها على حد آمن من العملة الأجنبية ..وأنها بالتالي ليست في حاجة اليوم إلى تمويلات صندوق النقد الدولي.وفي مقابل هؤلاء يرى البعض الاخر من الخبراء أنه لا يمكن الاعتماد على بعض التطورات الطفيفة او النسب الضعيفة وغير اللافتة من أجل البناء عليها والقول أن الاقتصاد التونسي حقق مؤشرات ايجابية.إذ تبقى هذه التقييمات في نظرهم مفرطة في التفاؤل وحتى بعيدة عن المأمول والمطلوب تحقيقه.

ومن بين هؤلاء أستاذ الإقتصاد ارام بالحاج الذي يرى ان «كل القطاعات الاقتصادية سجلت انكماشا (أو تراجعا في نشاطها) بالمقارنة مع السنة الفارطة وذلك لأسباب خارجية طبعا ولكن،والأهم، لأسباب داخلية متعلقة بخيارات فاشلة وبسياسات اقتصادية ضعيفة وفق تقييمه الخاص مضيفا أنه  حتى التحسن المرتقب سنة 2024 سيكون «تقنيا» نظرا للتراجع الكبير الذي شهده القطاع الفلاحي في السنة الفارطة (-11.2%). ليخلص في نهاية المطاف، الى أن ارقاما مثل صفر فاصل و1% و2% وحتى 3% كنِسبْ نمُوّ، هي أرقام تدعو للخجل والتواضع والتفكير بجدية في المستقبل.وفي كل الاحوال  فان تحسن بعض المؤشرات لا يجب ان يخفي بقية المؤشرات الأخرى التي تحيل على  وضعية الهشاشة للاقتصاد التونسي الذي مازال بعيدا عن تحقيق قفزة نوعية تعزز صلابته وصموده امام مختلف الاكراهات وتبعد عنه بالخصوص شبح التداين والاقتراض.والخوف كل الخوف أن تلتجا الدولة مرة أخرى إلى إعتماد آلية الاقتراض الداخلي من البنوك  المحلية من أجل سداد الديون أو الاستجابة للحاجيات المالية للدولة خاصة وانه بحسب وزيرة المالية،سهام البوغديري نمصية خلال جلسة عامة للبرلمان المنعقدة اول امس الثلاثاء فإن تونس ستسدد مستحقات مالية خارجية على شكل قرض بقيمة 1.5 مليار دينار خلال شهر أفريل 2024 وذلك بعد أن سددت قرضا رقاعيا بـ850 مليون اورو اي ما يساوي 3 مليار دينار خلال فيفري الماضي.

وأضافت أن «الالتزامات المالية لتونس تناهز العام الجاري 25 مليار دينار وقد تم تسديد مبلغ 3000 مليون دينار خلال يوم واحد» وهذا يعيد ايضا إلى الاذهان مصادقة مجلس نواب الشعب يوم 6 فيفري 2024 على مشروع قانون عدد 10 لسنة 2024 متعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة للبلاد التونسية وذلك بغرض تمويل جزء من عجز ميزانية الدولة لسنة 2024 .حيث رخص هذا القانون  للبنك المركزي التونسي بصفة استثنائية  في حدود مبلغ صاف يقدر بسبعة آلاف مليون دينار وقد تم تسديد قرض رقاعي مقدر بثلاثة آلاف مليار يوم 16 فيفري المنقضي منها. فيما تعالت اصوات محذرة من الإفراط في إعتماد هذه الآلية بالنظر الى تداعياتها المرتقبة.إذ سجلت احتياطات البلاد من العملة الصعبة حينها انخفاضا بـــ 14 يوما بعد سداد القرض الرقاعي المقدر بحوالي 850 مليون اورو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …