قضية احداث الخبز : منع مسؤول سابق بالداخلية من السفر وهذا ما قرره القضاء في الملف
باشرت صباح يوم الإثنين 25 مارس 2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس، النظر في ملف احداث الخبز التي ذهب ضحيتها عشرات المواطنين أثر احتجاجات حول الزيادة في اسعار الخبز.
بالمناداة على المنسوب لهم الانتهاك وهم إطارات أمنية سابقة بالداخلية لم يحضر ألا متهم فقط وتبين انه تم تحجير السفر عليه ومنعه من ذلك.
وبينت النيابة ان النصاب القانوني للهيئة غير مكتمل أثر التحاق بعض اعضائها للعمل بمحاكم أخرى طالبة التاخير لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة فقررت الدائرة الاستجابة للطلب واجلت المحاكمة لجلسة 10 جوان المقبل….
وكانت أحداث الخبز التي شهدتها كافة ولايات الجمهورية بين أواخر شهر ديسمبر 1983 وبداية جانفي 1984، قد سجّلت خلالها جهة صفاقس وفاة 12 شخصا وإصابة أكثر من 20 شخصا بعيارات نارية.
وشهدت تونس في 3 جانفي سنة 1984، مظاهرات عارمة في كل المدن الكبرى جاءت إثر إعلان الوزير الأوّل آنذاك محمد المزالي عن مضاعفة أسعار العجين ومشتقاته وقد انطلقت أحداث انتفاضة الخبز لسنة 1984 من مدينة دوز بالجنوب بمناسبة السوق الأسبوعية في 29 ديسمبر 1983 في شكل مظاهرات أدت إلى المواجهة بين المتظاهرين وقوات النظام العام وتوسعت رقعة الغضب ليشمل مدينة قبلي ومدينة سوق الأحد المجاورتين في اليوم الموالي متخذة طابعا عنيفا بعد أن اتسعت لتشمل مدينة الحامة.
ومع دخول مشروع الزيادة في أسعار العجين ومشتقاته حيز التنفيذ يوم 1 جانفي 1984 شملت الحركة الاحتجاجية مناطق الشمال والوسط الغربي في الكاف والقصرين وتالة وبقية مناطق الجنوب في قفصة وقابس ومدنين، مما استدعى تدخل الجيش في هذه المناطق بعد أن عجزت قوات النظام العام عن الحد من توسع الانتفاضة.
ومع إعلان وزارة الداخلية يوم 2 جانفي عن سقوط قتلى وجرحى في مناطق قبلي والحامة والقصرين وقفصة، دخلت المنطقة الصناعية بقابس في إضراب شامل ومسيرات كبرى شارك في تنظيمها كل من العمال والطلبة، كما التحق طلبة الجامعات والمدارس الثانوية في مدن تونس وصفاقس بالشوارع معبرين عن رفضهم إلغاء الدعم عن العجين ومشتقاته.
وبلغت الانتفاضة أوج أحداثها يوم 3 جانفي وباتت المواجهة مفتوحة بين المتظاهرين من ناحية وقوات النظام العام والجيش من ناحية أخرى، وأصبح العنف سيد الموقف فأحرقت المحلات والسيارات والمؤسسات والحافلات في شوارع العاصمة وضواحيها وفي كثير من المدن في الساحل وفي المناطق الداخلية، لتخلف الاحداث مزيدا من القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.
ولم تتوقف الاحتجاجات في البلاد الا مع اعلان رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة التراجع عن تلك الإجراءات وإعادة النظر في الميزانية الجديدة في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وكان مدير عام سابق للأمن وهو أحد المنسوب اليهم الانتهاك صرح في وقت سابق أنه كان نائبا بمجلس النواب حتى اواخر سنة 1979 حيث تم تعيينه ككاتب دولة نظرا لخبرته في وزارة الدفاع منذ سنة 1974 واستقال من الحكومة سنة 1977مع جملة من الاعضاء اثر انسداد الحوار بين الوزير الاول حينها والاتحاد.
وذكر انه في سنة 1980 تم تعيينه مديرا عاما للامن وذلك بعد حادثة المحاولة الانقلابية بقفصة مكلفا بالاشراف على إدارة امن الدولة والاستعلامات والاتصالات بخصوص الامن الخارجي، واوضح بان مهامه لا علاقة لها بمواجهة الشغب والاحتجاجات الداخلية التي كانت مسؤولة عنها ادارة الشرطة الوطنية.
واضاف بانه خلال بداية الأحداث يوم 27 ديسمبر 1983 كان في مهمة بالسعودية ووصل الى تونس يوم 1جانفي 1984 واتصل بالرئيس يوم 5 جانفي وطلب منه التراجع عن الزيادة في اسعار الخبز ووافقه الوزير الاول محمد مزالي وبين انه لا علاقة للحكومة بصندوق النقد الدولي كما جاء في لائحة الاتهام لهيئة الحقيقة والكرامة وان الزيادة كانت لنقص في ميزانية الدولة قدر بـ176 مليون دينار وهو المبلغ المخصص للدعم، وأوضح انه بتاريخ 7جانفي تمت اقالة وزير الداخلية حينها الذي حمل المسؤولية عن عمليات القتل.
وأوضح خلال سماعه بانه تم إعفاءه من خطة مدير عام للامن الوطني خلال شهر ماي 1984 بمؤامرة من محمد مزالي واكد المنسوب إليه الانتهاك انه بريء من جميع التهم الموجهة اليه..
وكانت هيئة الحقيقة والكرامة، نظمت سابقا جلسة استماع عمومية جماعية بمقرها، لضحايا ما يعرف بأحداث «انتفاضة الخبز» (3 جانفي 1984) وقد تقدم أكثر من 20 ضحية بشهاداتهم بخصوص ما حصل لهم أو لأقربائهم من «تقتيل وترويع وتعذيب وأحكام بالسجن ومراقبة إدارية لصيقة واستفزاز من قبل المصالح الأمنية استمر إلى اليوم ومن تعطيلات منعتهم ومنعت أقرباءهم، لاسيما أبناؤهم، من العمل ومن العيش الكريم».
وتلخصت مطالب المتضررين بالأساس في «كشف الحقيقة وإعلامهم بمكان دفن ذويهم ممن سقطوا في أحداث الخبز، مع استعدادهم لطي صفحة الماضي والصفح عن جلاديهم، في صورة طلبهم المعذرة، بالإضافة إلى مطالبتهم برد الإعتبار، المادي والمعنوي، لضحايا انتفاضة الخبز ولذويهم».
وقد لفت عدد من الضحايا في شهاداتهم، على غرار عبد الستار المعروفي (أصغر سجين: 15 سنة، أصيل جندوبة) ومنصف العجيمي (الكرم) ومحمد بوزيان (الكرم)، إلى ما حف بعملية اعتقالهم، بعد مشاركتهم في احتجاجات سلمية رافضة للزيادة في سعر الخبز، رغم صغر سنهم آنذاك، (بين 15 و20 سنة)، من عمليات تعذيب أثناء التحقيق باللجوء إلى «اقتلاع الأظافر والحرق واستعمال القوارير في الإعتداءات الجنسية ثم في السجن، بتركهم لقمة سائغة بين يدي المجرمين العتاة»، حسب ما جاء في روايات المتدخلين….
وباعطاء الكلمة للمتضرر عادل العياري اكد انه اصيل منطقة الجبل الاحمر وانه يوم اندلاع المظاهرات كان يدرس في معهد باب الخضراء ويبلغ من العمر 16 سنة ونصف ويوم 3 جانفي 1984 تحول صباحا للدراسة ولكن الدروس كانت متوقفة بسبب الأحداث التي شهدتها البلاد حينها وفي طريق العودة وعلى مستوى جهة باب العسل و«فرونس فيل» صادف وجود مسيرة حاشدة شارك فيها وكانت تلك المسيرة ترفع شعارات دون أعمال شغب ولم تكن هناك مصادمات مع قوى أمنية أو غيرها وفي الأثناء تلقى رصاصة بسلاح ناري اصابت الجهة اليمنى من جبينه لتخرج من الجهة المقابلة مما جعله يسقط في الحين مغشيا عليه وفاقدا للوعي مع اضرار جسيمة على مستوى البصر وهو لا يعرف تدقيقا كيف تم نقله الى مستشفى الأعصاب بالرابطة أين اجريت عليه عملية جراحية لايقاف النزيف ولكنه مع ذلك فقد بصره كليا على مستوى العينين معا كما فقد ايضا حاسة الشم.
وبمزيد التحرير عليه صرح انه لم يخضع لأي تدخل جراحي آخر كما لم يلق أي عناية طبية مضيفا بانه لم يتقدم بأي شكاية في الغرض ضد أي جهة كانت مبررا ذلك من خشيته التتبعات بسبب مشاركته في تلك المسيرة وبمزيد التحرير عليه لم يتوصل الى حد الان الى من اطلق عليه الرصاص وهو يتمسك بتتبع كل من تثبت ادانته موضحا ان 35 سنة من عمره ذهبت سدى.
مستشار مقرر عام سابق بنزاعات الدولة امام الدائرة الجنائية
مثل امام انظار هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفساد المالي ،مستشار مقرر …